يكاد التاريخ أنّ يكرر نفس سيناريو حريق لندن الذي وقع منتصف العام 1696م في اليمن، ولكنّ باختلاف الاشخاص والدوافع والأسباب والعام..فما يحدث أيامنا هذه من انقسامات ودعوات للاحتراب والتمنطق لا يشير إلاّ أنّ ذلك السيناريو على مشارف ان يتكرر ! وموجز القصة أنّ خبازاً بريطانيا يدعى “جوفينز” أوى إلى فراشه ذات ليلة، متناسياً إطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه، كبرت تلك الشعلة وأدت إلى اشتعال منزله، ثم منزل جيرانه، ثم الحواري المجاورة، وهكذا توسّعت حتّى احترقت نصف مدينة لندن متسببة في موت الآلاف من سكّانها، في محرقة شهيرة سمّيت “بالحريق الكبير”!! الغريب أنّ من يحاول إشعال فتيل الحرائق في اليمن متأكد من احتراق الجميع وواثق من عدم اصابته بأي أذى، كما هو متأكد من ان “جوفينز” متسبب حريق لندن نفسه لم يصب بأذى !! إن اليمن تعيش وضعاً كهذا ..فقط مع اختلاف طفيف في الوقائع والدوافع والاسباب..والدعوة الى عدم تكرار السيناريوهات الكارثية التي يقدمها لنا التاريخ على طبق من ذهب علنا نفهم ونتجنب الكارثة تبدو واهنة ومتعبة وتفتقد الى مشروعية صوتها في ظل الصوت القوي للعنف والسلاح! نسخ منه! كل مواطن في هَذِهِ البلاد نسخة من شخصية جورج هاريشن الشهيرة بتصرفاته التي انتهت به إِلَى العيش فقيرا معدما رغم ان ارضه تحمل في باطنها اكبر منجم ذهب..! لقد اقدم جورج هاريشن من جنوب أفريقيا على بيع مزرعته إِلَى شركة تنقيب بمبلغ عشرة جنيهات فقط تساوي(ثلاثة الف ريال يمني) لعدم صلاحيتها للزراعة، وحين شرعت الشركة في استغلالها، اكتشفت بها أكبر منجم للذهب على الإطلاق، أصبح بعدها هذا المنجم مسؤولاً عن 70 % من إنتاج الذهب في العالم.. كل مواطن يشبه جورج هذا..ولكنّ مع اختلاف المبيع..فجورج باع الارض بثمن بخس ومواطننا باع وعيه بثمن ابخس..جورج عاش بقية حياته متحسراً على الارض التي كانت يوما له وصارت أكبر منجم للذهب يستخرجها غيره ومواطننا باع جهده وكده بثمن يتساوى والسخرة لصالح قوى استغلت جهله وضعفه. الشركة التي اكتشفت المنجم وجنت ما يفوق المليار دولار لم تعر جورج أي اهتمام لدرجة انها لم تطلب منه ولو من باب الأدب العمل فيها كأي عامل عادي..والقوى التي استغلت مواطننا الميئوس منه وكدّست المليارات في حساباتها الخارجية، وبعد ان امتصت دمه لم تعره -ولو من باب الأدب - أي اهتمام لدرجة انها لم تطلب منه العمل في قصورها. إنّ كارثة مواطننا هذا انه يشبه بالضبط والسم والمتر جورج في كل حماقاته.. [email protected]