منذ اندلاع الأزمة السياسية العصيبة في فبراير مطلع العام 2011م والأوضاع العامة لم تستقر سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً رغم ما حدث من توافق سياسي ووفاق وطني بين أطراف الأزمة بناء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي تم التوقيع عليها في نوفمبر من نفس العام بالعاصمة السعودية« الرياض » برعاية الأممالمتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي.. ورغم تشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب تكتل اللقاء المشترك وشركائهم وانتقال السلطة سلميا من خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في 21فبراير2012م ورغم عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل فقد ظلت تداعيات الأزمة حاضرة بقوة في المشهد السياسي والعام حتى اليوم بسبب عدم قيام حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة بتنفيذ المهام المناطة بها في المبادرة الخليجية على الوجه الأكمل وعدم التنفيذ الحرفي لبنودها ومضامينها والالتزام بالمواعيد المحددة في آليتها التنفيذية المزمنة.. فهذه الأسباب وغيرها من العوامل الأخرى ومنها فتح الأبواب على مصارعها أمام التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية اليمنية أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم. الأحداث والتطورات المتسارعة التي شهدتها الساحة الوطنية وخصوصا منذ إسقاط حكومة محمد سالم باسندوة في 21سبتمبرالعام الماضي 2014م حيث اشتدت الخلافات والتباينات بين القوى السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية فيما بينها من جهة وبينها وبين جماعة أنصار الله من جهة حول الكثير من القضايا التي استجدت في الساحة الوطنية بعد 21 سبتمبر2014م وفي مقدمتها إدارة الشؤون العامة للدولة فحدثت تطورات لم تكن بالحسبان يوم 22يناير الماضي وعلى إثر ذلك قدم رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح استقالته إلى رئيس الجمهورية الأخ عبدربه منصور هادي والذي بدوره قدم استقالته إلى مجلس النواب وفقا للدستور باعتباره السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب لتدخل البلاد في فراغ دستوري خطير وتعقدت الأمور أكثر مما هي معقدة أصلا منذ العام 2011م. أمام هذه التطورات الخطيرة التي وضعت الوطن والشعب على كف عفريت لم تقم القوى الوطنية وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية وأهل الحل والعقد من عقلاء وحكماء وعلماء ومشايخ ووجهاء اليمن بما يجب القيام به تجاه وطنهم وشعبهم كواجب ديني ووطني وأخلاقي لرأب الصدع وإيجاد الحلول الناجعة لتجاوز المرحلة الخطيرة التي يمر بها الوطن ولم نلمس لهم أي دور إيجابي مسؤول بل إن بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية عمدت إلى التعامل مع الوضع بردود فعل غير عقلانية ورغم جلسات الحوار الطويلة التي عقدت في فندق موفمبيك على مدى أسبوعين بين ممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بما فيهم ممثلي جماعة أنصار الله برعاية ممثل الأمم المتحدد إلى اليمن جمال بن عمر إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق لحل أزمة الفراغ الدستوري وهو الأمر الذي أدى إلى قيام جماعة أنصار الله بعد ظهر الجمعة الماضية بإصدار إعلان دستوري تم بموجبه تحديد فترة انتقالية لمدة عامين وحل مجلس النواب وتشكيل مجلس وطني انتقالي يتكون من 551عضوا ومجلس رئاسة يتكون من خمسة أشخاص يتم انتخابهم من قبل المجلس الوطني . الإجراءات التي اتخذتها جماعة أنصار الله وضعت القوى السياسية والشعب اليمني كافة أمام خيارين لا ثالث لهما إما القبول بتلك الإجراءات والسير في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية ومراجعة مسودة الدستور الجديد ومراجعة السجل الانتخابي والإعداد والتحضير للاستحقاقات الديمقراطية والمتمثلة بالاستفتاء على مشروع الدستور بعد مراجعته وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وإما السير نحو المجهول وهو ما يعني التمزق والتشتت والتشرذم وضياع الوطن .. ولذلك فإنه يتوجب على جميع القوى السياسية في الساحة دون استثناء بما فيهم أنصار الله والحراك الجنوبي السلمي تغليب المصلحة الوطنية العليا والعمل على تحقيق أكبر قدر من التوافق حول استحقاقات الفترة الانتقالية وعدم الانفراد في اتخاذ القرارات المصيرية التي تهم الوطن والشعب اليمني حاضراً ومستقبلاً.. وعلى جميع اليمنيين أن يحافظوا على الوطن كالرجال حتى لا يبكون عليه كالنساء.