الآن وفيما تبحث الأطياف السياسية عن حلول للوصول بالوطن إلى وضع آمن وتوافق مُرضٍ يخسر الوطن درجات عالية من الممكن أن تنهض به، وتخرجه من حالات الاضطراب بسبب اختلاط المصالح والتباطؤ الزمني للحل. الأحداث الجارية غرست في نفوس الناس نسبة كبيرة من الإحباطات، وأدخلت الوطن في نفق سياسي مظلم يحتاج إلى إضاءة إخلاص من الرجال الوطنيين - المجردين من المصالح الذاتية، أو المصالح الشائبة. وبينما تبقى الأطياف السياسية تحوم حول الحلول العائمة، وعدم وضوح الحقائق، وغياب تفاصيل المرحلة يتصاعد الاتجاه السياسي الفوضوي في مفاصل حياتنا. لاصوت ولارؤية يوضحان ما الذي يحدث حقيقة في اليمن؟ ولم تنجح الأطراف السياسية إلى درجة الإقناع التام، ولهذا لم تبارح الأحداث في طبيعتها الحاصلة.وفيما عجزت القوى السياسية في الخروج من النفق نجحت المخرجة السينمائية اليمنية / خديجة السلامي في الحصول على جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان دبي في دورته الحادية عشرة خرجت وفلمها برؤية واضحة لكل تفاصيل اليمن واليمنيين، وبرغم أن الفيلم بدا أنه يتمترس مع ظاهرة واحدة وهو عنونه ( أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة ) إلا أن الفلم يذهب بالمشاهد إلى أبعاد متعددة للقضايا والظواهر في اليمن وتفاصيل الحياة اليمنية سلبياً وإيجايباً. إيجابيات المكان في جمال طبيعة الأرض وبساطة الإنسان وروائع الفنون والتراث اليمني المدهش، إلا أن اللغة الطافحة للفيلم هي عرض المشهد اليمني وخصوصيته في واقعية تُظهر الصراعات - صراعات القبيلة وعصبيتها والخطوط السلبية التي تتبناها، وكذا الدولة المتذبذبة في مسارها والبحث عن مرحلة استقرارالهوية، وتركيبة البنية الاجتماعية الآيلة للسقوط في مأخذها للانتهاكات الإنسانية كزواج القاصرات - الظاهرة الرئيسية للفيلم، والتخلف الاجتماعي والسياسي،وتهميش دور العلم بشكل عام وبالخصوص بالنسبة للفتاة ممانجم عنه التفكك الأسري وصراعات المجتمع وغياب الدولة. الفيلم أكثر صراحة في جلد ذات المجتمع اليمني من المشهد الحاصل. نجحت المخرجة /خديجة السلامي في تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي، ووضعت حدوداً وفق رؤيتها لتلك الاختلالات، والمعاناة التي تُعيق طريق المستقبل اليمني، وفشلت الأطراف السياسية في مرحلتها الآنية في عرض مصداقية مايحدث والخروج بالحلول، ورمت بكل ثقل الوطن إلى نفق سياسي لاندري متى و كيف سينتهي؟ لكن الأمل يضل يراودنا، نحتاج منه إضاءة تُبدد النفق المظلم الذي نعيش فيه - إضاءة صريحة متجردة كإضاءة المخرجة / خديجة السلامي تقودنا جميعاً إلى مستقبل يمني أفضل. [email protected]