حين يكون الحوار ملتزماً بالجدية والمصداقية ومنطلقاً من ثوابت وقناعات المتحاورين فلابد من أن تكون ثماره إيجابية وبالذات عندما يطرق الحوار قضايا ذات بعد وطني. ولكي تكون تلك المخرجات سليمة وناجحة فإن ماهو أهم عند الاتفاق والبدء بالحوار ان يكون مبنياً على أساس التجرد من الأنانية وبالذات الفئوية أو المناطقية أو المحاصصة طالما قضية الحوار تتعلق بسيادة الوطن ومستقبل الأمة. اليمنيون حين اختاروا مسار الحوار لتجنيب بلادهم وشعبهم الذهاب نحو المجهول الذي تكون نتائجه الحروب والاقتتال وتدمير مستلزمات وبنى الحياة الطبيعية فإنهم بذلك قد اختاروا مسار الحكمة.. ومن الحكمة أن يقف الحكماء هنا على أسباب ومسببات الداء الذي أصاب الأمة وفتك بنسيجها الاجتماعي وألحق أضراراً كبيرة بمنظومة أمنها واستقرارها بل وتعدى ذلك نحو محاولات تمزيق وحدة الوطن.. والتمعن في تداعياته وما قد تفرزه من مزيد من الأضرار الاجتماعية والأخلاقية والحياتية ومن ثم استحضار الضرورات الوطنية والواجبات والمسئوليات وتجاوز الأنانيات والمصالح الذاتية والتنبه لاتساع دائرة المخاطر حول المصلحة العامة وبلورة رؤى ومداخل الحلول السليمة للخروج من واقع الحال المر. وفي هذا السياق لابد من أن ينتفي أو يستبعد ذوي النفوس الأمارة بالسوء من أي حوار بناء وهادف إذا ما توافرت قناعات المتحاورين بأهمية المخارج الذي تقود لانتشال البلاد وأبنائها من المآلات الحرجة والخطرة التي فرضت عليها نتيجة تعدد التجاذبات الإقليمية والداخلية. النفوس الأمارة بالسوء على بلد الحكمة والإيمان وإن كانت استجابة لمصالحها وأهدافها قد تمكنت من خلق المعطيات والعديد من الحواجز وعبر منعطفات خطيرة واجهتها اليمن وبلغت ذروتها في الوقت الراهن إلا أنها سرعان ما تتلاشى وتتبخر وكما كان مآل أصحابها الزوال في الماضي فسوف يكون مصيرها في الحاضر وحتى في المستقبل الزوال باعتبارها تضمر بنواياها ومقاصدها الشر للأمة وللوطن. وحيث تؤكد قاعدة الحياة أن الشر والخير في تضاد فإن مسار الخير لا شك سيكون المنتصر.. وإذا ما قيمنا مسار الحوارات التي تمت بصدد حل الأزمة التي عانت وتعاني منها اليمن الأرض والإنسان سنجد أن مآلاتها الإيجابية طغت على سلبياتها.. وإن كانت بعض النفوس الشريرة «الأمارة بالسوء» تحاول جاهدة الحيلولة دون تمثلها في الواقع فإن ذلك ليس إلا من باب يأسها والتسليم بالأمر الواقع سيكون نهاية المسار. والحوار إن صدق فإن قاعدته يجب أن تكون أيضاً تغليب المصلحة العامة وهذا ما يجب أن يتنبه له المتحاورون.. فالتسريبات التي ترافق أي حوار عن حضور مصالح هذا الطرف أو ذاك على الطاولة وتشدد هذا الطرف أو ذاك يجب أن تكون دافعاً لذوبانها خاصة إذا ما كانت قضية تلك الطاولة تتعلق بمستقبل أمة وسيادة وطن. فالحكماء والعظماء هم من يدوسون على مصالحهم لتسمو وتزهر مصالح أمنهم والعظماء والحكماء عبر التاريخ هم من ناصبوا العداء لمصالحهم ونزواتهم وكانوا مع مستقبل أمتهم وهذا ما نطمحه من ثمار الحوارات القائمة. ومن خلال ما تقدم فإننا نتعشم من المتحاورين سواء في موفنبيك أو غيره من طاولات الحوار تغليب مصلحة الوطن، ونسأل الله أن يجنّب طاولات حواراتهم ذوي النفوس الأمّارة بالسوء للوطن وأبنائه وأن تكون حواراتهم نابعة من تقوى الله إزاء ما يحيط بالوطن والأمة من مخاطر وتآمر على وحدته ومستقبل أجياله. وحفظ الله اليمن من شرور وكيد المتربصين بها وجنبها الله كل نفس أمارة بالسوء.