«1» يقول د مصطفى محمود:- « منْ يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه أبداً وسوف يرى الدنيا أياماً يداولها الله بين الناس؛ الأغنياء يصبحون فقراء, والفقراء ينقلبون أغنياء, وضعفاء الأمس أقوياء اليوم, وحكام الأمس مشردو اليوم, والقضاة متهمون, والغالبون مغلوبون والفلك دوار والحياة لا تقف.» هذا هو درس التاريخ للناس أن الحياة في دوران تام ، ولا يبقى على حاله أحد سوى الله سبحانه وتعالى الذي يدبر الأمر ، لكن هذا التقلب لأحوال الناس - الذي تثبته آلاف الحقائق من حوادث التاريخ الإنساني - يتجاهله سكان الوطن العربي الذين دخلوا في متاهات عديدة بعد قيام ما يسمّى بالربيع العربي .. متاهات صنعوها بأنفسهم لأنفسهم تحت غطاء الخلافات السياسية التي تلبست بأسماء عديدة وروجتها أبواق الإعلام التابعة لهذا الفريق أو ذاك الفريق ، ولو أنهم صنفوا كل الخلافات باسمها الحقيقي «سياسية» لما تضخمت تلك الخلافات إلى الصورة التي نراها اليوم في دولنا العربية ! فمنْ يستطيع أن يجمع الناس على قلب رجل واحد في آرائهم وتوجهاتهم أو يصبغهم لوناً واحداً، والاختلاف كما نعلم سنة كونية، لكن اختلاف لا يؤدي إلى تمزيق الأوطان أو تشرذمها من أجل مصالح ضيقة لذلك الفريق أو ذاك … «2» يعلمنا التاريخ أن الشعوب الحرة تصنع أقدارها بنفسها ، فما بال شعوبنا العربية ؟ أقول من حق شعوبنا العربية أن تعيش مثل باقي شعوب الأرض … ومن حقها أن تحاسب حكامها… ومن حقها أن تبدل حكامها … ومن حقها أن تبدل انظمة الحكم فيها … ومن حقها أن تستغل ثرواتها بنفسها … ومن حقها أن ترفض الوصاية عليها من أحد ولو من حكامها … ومن حقها أن تفكر بمستقبلها بنفسها ولا يفكر لها الآخرون … منْ يستطيع أن يسلب هذه الحقوق منها لو كانت حرة ؟ «3» يقول د طارق سويدان - في برنامجه «تاريخنا في الميزان» : - « التاريخ السياسي ليس هو الحضارة ، فالتاريخ السياسي جزء صغير جداً من الحضارة، والحضارة لأمة في حقبة : هي منهجها الفكري المتشكل في إنتاجها المادي والمعنوي. فالإنتاج المادي والمعنوي يتجاوز حروب الساسة وشكل السلطة وتاريخ رموزها.» «4» إذا أردنا أن نقرأ تاريخنا العربي الإسلامي فيجب أن نقرأه بحذر لكي نتعلم منه ، لا أن يصبح قيداً علينا يربطنا بجزئيات الماضي حتى يصبح أموات الماضي يتحكمون في أحياء اليوم ! ويجب أن نعرف أن ذلك تاريخاً قد مضى وأن إعادته بحذافيره من رابع المستحيلات، ومنْ يعش على هذا الوهم سيكون مغترباً عن زمانه المعاصر …وقراءة تاريخنا من منظور الآخرين عملية مضحكة ومبكية في الوقت نفسه !فهل أصبح الآخر يعرف عنا ما لا نعرف عن أنفسنا ؟! يقول المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد:- « العالم الإسلامي أصبح يعلم عن ذاته ويتعرف عليها عبر صور وتواريخ ومعلومات مصنعة في الغرب. » «5» لمّا خرج الشباب في 2011م إلى الشوارع كنا في زمن الربيع العربي لمّا دخلت الاحزاب السياسية العتيقة اللعبة صرنا في بدايات «اللف والدوران» العربي ! لمّا تضاربت مصالح اللاعبين أصبحنا في زمن العهر العربي .. مبروك يا عرب ! «6» أخيراً : يقول كارل ماركس:- « التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة.» يبدو أن الاستثناء لهذه المقولة عندنا العرب. فالتاريخ عندنا في كل مرة يعيد نفسه يكون مأساة! ولمَنْ يريد مثال على ما أقول أنظروا الحرب المزمعة على سوريا أليست نفس أحداث 2003 م في العراق ؟ «أترك الجواب لكم.. » [email protected]