في نقطة من الزمان في ساحة من المكان زمجرت رعود السماء لتهطل السحابة أمزانها على فتية طاهرة من الشباب والفتيان، هم خلاصة الزمان والمكان يواجهون الموت بكبرياء مغرية يصافحون القنابل الحارقة والرصاص يطفئونها بأرواحهم وعزيمتهم..يسخرون منها فيبطلون كل السحر ويصعق السحرة, وكأن السماء هنا تسجل بركاتها على معركة طوووويلة قديمة قدم الإنسان، بدأت على هذا النحو حينما صحت تعز بزلزال من نور في 2011م قبل أربع سنوات حيث ولد الشعب بحلة جديدة وروح واحدة.. اليوم نرى وكأن المعركة بدأت الساعة، ولم تمر كل هذه السنوات العجاف المحملة بأسلحة اليأس والإحباط والملل، كأسلحة فتاكة ضد الشعوب، لكنها في حسابات هؤلاء الشباب ومن وراءهم من آباء وأمهات زمن متوقف ولن يتحرك حتى تتحرك أحلامهم وتتحقق أهدافهم طال الزمن أم قصر. عندما يشطب الزمان من حسابات الناس ويربط حركته بقضيتهم تصبح قضيتهم هي كل شيء، الزمان والمكان والحياة والموت والحركة والسكون، فلا يأس ولا عمر يمر ولا انكسار ولاتعب أو ملل، هي قوة لا يدركها الطامعون.. هنا في ساحة تعز الجديدة أمام بوابة الأمن المركزي المدجج بالسلاح والقنابل والموت ورسله القادمين من مكان بعيد وأزمنة أبعد، نرى وجوهاً جديدة بجانب وجوه «فبراير»، كانوا قبل أربع سنوات في البيوت وكان آخرون أطفالاً ومازالوا في عرف العالم أطفالاً، لكنهم أكبر من الكبار وأقوى من القوة.. معركة الكرامة والحرية عند الشعوب تولد كما يولد الفجر وتنبت مثل الأشجار والسنابل وتهب كالموج العاتي تعيش في دائرة التحدي والهدف مثل الإعصار، مسقطة الزمان تماماً فيولد الإنسان ثائراً مشقراً بالجسارة والإباء آخذاً من أبيه وأمه أصل الحكاية التي لا تقبل السكون فيتكوم التاريخ بتفاصيله وهمجيته مستيقظاً أمامهم مع الحاضر محذراً محفزاً, ومن دماء الشهداء وحكاياتهم حقيقة أن الحياة لحظة حرية أو مذلة فخذها بيضاء عزيزة «حرية» يتحول, هؤلاء الفتية الى اغنية للحرية في شعاب ووديان ومدن وقرى الوطن وإلى صور لثورة لا تموت ولا تستكين يتعلمون كيف يموتون من أجل الحياة كالأشجار السامقة مجتمعين بلون «قوس قزح» كتبوا على قوس قزحهم هذه «تعز» قلب اليمن. يقف شباب تعز اليوم وسط غابة من الدبابات والمدرعات والقنابل والرشاشات والصواريخ والطائرات والهمجية يدوسون الموت وأدواته بأحذيتهم الطاهرة وينتفون الخوف كما ينتف ريش طائر ..ورسالتهم لإخوانهم المغرربهم .. إن كرامتكم معنا وإن قتلكم لنا قتل لكم والنصر في النهاية سيكون للحرية والشعب. يتأمل الناس والعالم لهولاء الفتية وهم يكرون ويفرون في ملاعبة نار الموت من أجل الحق والحرية، مع كل هذه الأجواء المكفهرة بالحقد المحشرة بالسوء لا تملك إلا أن تبتسم مطمئناً لأنك ترى المستقبل في سواعد هؤلاء الشباب والكرامة في قلوبهم تنتج الجسارة والبسالة.. إنها تعز وهم يغتاظون منها على هذه الصورة لكنها في النهاية ستنتصر. في مكان آخر كان محافظ المحافظة شوقي هائل بكل حرقة تعز مجتمعاً مع قادة بعض المعسكرات التي لم تفِ بكلمتها تتفاخر بالخديعة والغرور والتعالي، وهو هنا كابن تعز يغادر مربع رجل المال ليمتطي حصان الوطنية التي لا تموت يتحدث بنفَس الناس وبروح أولئك الشباب كناطق رسمي لروح تعز يهدد بجماهيرها وقوتها السلمية.. هو لايمزح وتعز لاتمزح وعقارب الحرية لاتعود للوراء والتاريخ لن يرحم المتخاذلين ولن يستر عوراتهم.. يبدو أعزل هنا مثل تعز لكن صوته عالياًوواثقاً، قوته أبناء تعز وكأنه يحس بروح آتية من السماء كالصبح تنزلت على صور هؤلاء الفتية الذين يواجهون القنابل والرصاص معلنين باسم تعز كلها نحن لن نستسلم وسننتصر لأن المعركة عندنا لاحدود لها ولازمان مرتبطة بقضية شعب وبحرية جيل هي آتية كشلال من قمة الزمان لن توقفه «أحجار السائلة» ولا«عيدان» الحطب المدخنة بالغطرسة.. تتحرك تعز الرسمية والشعبية موحدة بصورة فتى يصول ويجول في ساحة المجد والحرية يلاعب القنابل الحارقة كما يلاعب كرة القدم ليحقق هدف الانتصار مع فريق متكامل اسمه «تعز». [email protected]