الحزب الذي يعتمد على إثبات وجوده بالمليشيات المسلحة سيلفظه التاريخ السياسي الوطني، ويرصده ضمن لحظات عابرة أسأت للوطن، وباعتقادي أن الغرور السياسي لأي حزب والتباهي لفرض وجوده جماهيرياً بأي الوسائل كانت لا تكسره إلا قوة مضادة له. ظهور المليشيات المسلحة بعد التعددية الحزبية كان حزب الإصلاح له أسبقية التأسيس بشكل لا مباشر اتضح في 94م، وبشكل مباشر تحت ظل نظام شريك له بقيادات عسكرية في الدولة وأفراد محسوبين مُنظمين. التوغل في بنية الجيش والقبيلة لم يستمر لصالحه بسبب تغير الأوضاع السياسية، ومما أعان على الانكسار الذي لاقاه هو ذات السبب باختياره الخاطئ لسياسته المحددة، وتغيير وجهة أفراده المنتمين للمؤسسة العسكرية في الانتماء للحزب أكثر من انتمائهم لوطنهم، والأهم من ذلك أن الانكسار الكبير هو الاختلاف في المصالح بينه وبين النظام السابق، وظهور حزب مساوٍ له في الأجندة والتوجه الديني والإطار السياسي باعتماده كحزب. الثمن الذي يدفعه الإصلاح الآن ابتداء من زوال مشيخة القبيلة التي اعتمد عليها طويلاً، والواجهة العسكرية في الدولة، وأخيراً اعتقال بعض قياداته والناشطين منه لم يكن بسبب مواقفه الوطنية بل لتماديه في إقصاء المكونات السياسية الأخرى على الساحة السياسية، واعتماد ذاته مشرعاً في ضرب خصومه وخصوم شريكه النظام السابق وإضافة إلى الديكتاتورية السياسية وواقعها المعتمدة في أوج قوته. الخطأ الذي ارتكبه الإصلاح خلال مسيرته يكرره الحوثيون، ولكن بنسق آخر ومشهد مماثل في جوانب كثيرة، فإذا كان الإصلاح قد دفع بمليشياته في مراحل مختلفة وشارك بشكل رئيس في التراكمات السياسية الحاصلة، فإن الحوثيين قد أفرطوا في فرض القوة على مساحات وتحت أجندة متطفلة وغريبة عن الوطن، ووضعوا أنفسهم أدوات ودُمى لمن أثخن فيهم في الحروب الستة وللخارج الغريب والمتفقون معه في التوجه والمبدأ والمشروع. لا يجني الوطن من أحزاب ذات خلفية مسلحة إلا الدمار، والانجرار من مرحلة السوء إلى مراحل أسوأ، فيحمل الوطن أعباءً لم يكن بحاجة إليها يترتب عليها تفاقم الأوضاع اقتصادياً وأمنياً، وإذا كان لابد من يتحمل النصيب الأكبر فيما يحدث فإن إشارة التأكيد تتجه نحو علي عبد الله صالح، ومانحن فيه الآن من منعطف مختلف ناتج عن كل حزب مسلح.