لا حلول تبدو في المدى المنظور لما يحدث في هذا البلد، والناس بين راقص للحرب وباكٍ منها ومعترضٍ عليها، وهذه الحرب تستهدف الجميع دون تفريق بين الراقصين والباكين.. لم يصل بعد ذكاء الصواريخ والقذائف التي تمطرها الطائرات السعودية ومن تحالف معها على اليمنيين، لم يصل ذكاؤها لأن تفرّق بين الذين يرقصون لها طرباً والذين يرفضونها، لذلك نرى أن الضحايا من كل الأطياف، وآخر الضحايا حتى لحظة كتابة هذه الجملة طلاب مدرسة في إب ، ولا أدرى إن كان ثمة ضحايا قد سقطوا بمجرد انتقالي إلى السطر الثاني من هذا الموضوع، ومن المؤكد أن هؤلاء الطلاب لن يكونوا آخر الضحايا طالما استمرت هذه الحرب بشقيها الداخلي والقادم من وراء الحدود. القوى السياسية التي كانت هي مكونات الأزمة خلال الفترة الماضية لا يجب أن تتوارى وتبقى بانتظار من يصيغ لها الحلول من الخارج أو يفرض لها واقعاً ميدانياً كما تريد، راضين بما يحدث من تبعات لهذه الحروب التي بذروا بذورها في الواقع اليمني. هؤلاء الذين اتفقوا على ألّا يتفقوا طيلة الفترة الماضية، ليتضح الآن أن كل طرف كان يراهن على شيء ما في حال فشل الحوار، وانقسموا لاحقاً كما نرى بين مؤيد ومعارض للحرب السعودية على البلد، وللحرب الداخلية التي تجري في غير مكان من اليمن. بالقليل من التفكير يمكن لهؤلاء أن يدركوا أن النتائج الكارثية التي بدأت تتشكل في أفق المشهد اليمني جراء هذه الحروب سوف تطال الجميع، فلا أحد منهم يمكنه أن يحكم بالقوة، لا الطائرات السعودية أو حربها البرية يمكنها أن تنصّب حاكماً لليمن، ولا الحرب الداخلية يمكنها أن تخلق واقعاً مستقراً ليحكم من خلاله الطرف المنتصر مهما تكن قوته، لأن الذي يبدو أن الذين يحاربون اليمن بطائراتهم اليوم سيستمرون في حربها بشتى الصور والأساليب ، وما لم تتحد الجبهة الداخلية فلا مجال لتجاوز هذا المأزق الذي سيتعاظم في قادم الأيام. لا مجال سوى الاقتناع بضرورة وقف هذه الحروب بكل أنواعها للتأسيس لواقع يتعايش فيه الناس بقناعة دون ارتهان للخارج.. لا إيران ولا السعودية يمكنهما أن تجعلا من هذا البلد حكراً لأي منهما، وليعلم الذين يرقصون للحرب السعودية أن هذا الأمر ليس منطقياً ولا يمكن تبرير هذا الأمر والاستهانة بأرواح ودماء الضحايا لمجرد حسابات خاصة ، ولأن المعتدي يقول لهم إنه يحارب من أجلهم تحت مظلة حماية الشعب اليمني من إيران. هل سيقبل هؤلاء هذه الحرب فيما لو كانت الطائرات الإيرانية هي التي تشن غاراتها على اليمن، بالتأكيد لن يقبل بها أحد ، فلا نشرّع للحروب الخارجية علينا بذريعة الحماية ، لأنه قد يأتي من يدّعي ذلك ويمارس نفس السلوك الذي تمارسه السعودية هذه الأيام؟ ليتحرك الجميع لوقف الحرب الداخلية ووقف الحرب القادمة من خلف الحدود، وليجعلوا من تجربة هذه الحرب منطلقاً للعودة إلى الحوار عن قناعة بأن الأمور لن تُحل بالحروب والرقص لها مهما تكن النتيجة.