الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    هيئة السلم المجتمعي بالمكلا تختتم دورة الإتصال والتواصل الاستراتيجي بنجاح    فيديو صادم: قتال شوارع وسط مدينة رداع على خلفية قضية ثأر وسط انفلات أمني كبير    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    الدور المربك في "مجلس القيادة" واستمرار الكوميديا السوداء    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجوف: أكثر من 50 موقعاً اثرياً تعود للحقبة البرونزية
هذا هو تاريخ اليمن (الإرهاص)
نشر في الجمهورية يوم 21 - 11 - 2006


- د. عبد الله علي الكميم
أما سياق التحقيق فقد جاء هكذا: (بدأت البعثة الأثرية الإيطالية أعمالها في اليمن منذ العام 1980م. وهي بعثة علمية بحثية يترأسها البروفيسور (اليساندور ديمجيري) وتمولها تم دعمها من المعهد الإيطالي لأفريقيا والشرق بروما، ومعهد الدراسات الشرقية بنابولي.وقد ركز النشاط الأثري للبعثة في ذلك الحين بالقيام بأبحاث مكثفة من التاريخ القديم والعريق للحضارة اليمنية في مناطق المرتفعات والصحراء، والسهول الساحلية، ومن ثم انتقلت إلى المناطق الجبلية الغربية لمنطقة (خولان الطيال).
وزارة الخارجية الإيطالية ووزارة الجامعات والبحث العلمي والمجلس الوطني للأبحاث بروما. كما
حيث أظهرت المسوحات الأثرية أهمية هذه المنطقة من الناحية الأثرية، وخلال أعمال الحفريات والتنقيب التي قام بها أعضاء البعثة في تلك المناطق الجبلية، تم اكتشاف أكثر من 50 موقعاً أثرياً تعود إلى الحقبة البرونزية (الألفية الثالثة والثانية ق. م. ) وبذلك كان أول إنجاز علمي يحسب للبعثة الأثرية الإيطالية هو اكتشاف الحقبة البرونزية في اليمن. وقد أظهرت البحوث والدراسات التي أجرتها البعثة على تلك المواقع الأثرية (وجود تشابه جلي بين الحقبة البرونزية في اليمن وأوائل الحقبة البرونزية في فلسطين) مما يعطي بالتالي إمكانية أن تكون الأصل السابق لها لسببين:
- البرهان الواحد والستون
محافظة الجوف في الإنترنت
ونقلاً عن موقع محافظة الجوف على الإنترنت. نقلت صحيفة الثقافية في عددها رقم (191) بتاريخ 15/5/2003م. مبتدئة بذكر حدود المحافظة هكذا: (فمحافظة الجوف، تقع شمال شرق العاصمة صنعاء بمسافة 170 كيلو متراً. يحدها من الشمال محافظة صعدة، ومن الشرق صحراء الربع الخالي، ومن الجنوب أجزاء من محافظتي مأرب وصنعاء، ومن الغرب محافظتا عمران وصعدة. تتوزع تضاريس المحافظة بين مرتفعات جبلية وهضاب وسهول واسعة تضم أراضي خصبة وودياناً كبيرة ومناطق صحراوية وشبه صحراوية. وتحت عنوان بارز هكذا: تضاهي مراكز الشرق القديم في مصر والعراق حضارة الدولة المعينية في (حوف) الجوف. (انظر الأشكال رقم (33) لتتبين مدى أهمية آثار محافظة الجوف العزيزة). وعلى ضفتي وادي حوف قامت حضارة الدولة المعينية، ووصل أهلها إلى درجة عالية من العلم والإدراك، فقد برعوا في فنون العمارة وشيدوا المدن الجميلة والمعابد المزخرفة بإتقان وذوق رفيع على صخور أعمدتها الجرانيتية بطريقة محزورة وضعت فنون الحضارة الميعنية في مركز رفيع يضاهي حضارات مراكز الشرق القديم في مصر وبلاد الرافدين (للأسف الشديد فالجهل بتاريخ اليمن القديم وحضارتها العظيمة حضارة عاد وثمود ودولة قحطان وحمير الأولى أقول لا يزال الجهل بها. هو سيد الموقف).
فبدلاً من أن يضرب بها المثل، كما ضرب الله بها وبأصحابها المثل الأعلى، تضرب الأمثلة بحضارات هي أدنى منها، وجاءت بعدها بزمن طويل، ومعظمها من صنع اليمانيين ، الذين انتقلوا إلى هناك كما أثبتنا هذا علمياً ومادياً وقرآنياً. والمصيبة أن تصحيح هذا الخطأ قد يستغرق أجيالاً بعدنا لأنه نتيجة خطأ استمر مئات السنين! ويضيف: وقد برع المعينيون في الزراعة والصناعة، والتشريعات واشتهروا بالتجارة، وشيدوا المحطات التجارية أثناء ازدهار نشاط طريق اللبان التجاري، وامتد نفوذهم إلى بعض المناطق في شمال الجزيرة العربية وخارجها، وتحدثت عن مآثرهم النقوش اليمنية القديمة، والكتابات اللحيانية التي عثر عليها في العلا بأعالي الحجاز، والنقوش الفرعونية التي تم العثور عليها في أرض مصر على قبر رجل معيني كان يمارس مهنة التجارة، ويقوم بإمداد المعابد المصرية القديمة بالسلع المقدسة، ويعود تاريخ النقش إلى القرن الثالث ق. م. كما وثق المعينيون معاهداتهم التجارية مع بعض الدول اليمنية القديمة، التي كانت مسيطرة على الموانئ البحرية المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي، وكانت مواقع حضارة معين مقصداً للمستشرقين العرب والأجانب خلال القرنين 19-20 بعد الميلاد. وفي أوج ازدهار الحضارة المعينية ازدادت شهرتها حتى وصلت مراكز حضارات العالم القديم، وكتب عنها الكلاسيكيون من اليونان والرومان، وكان آخرهم (استرابو) الذي صحب غزو القائد الروماني (اليوس جاليوس) لأرض الجوف عام (24ق.م). وقد دلت التنقيبات الآثارية في أرض الجوف أن حضارة معين قد عاصرت حضارة دولة سبأ (طبعاً الأخيرة) وكانت أحياناً تدور في فلكها وأحياناً تستقل عن هيمنتها (برغم ذلك لا زال جوف المعينيين يخفى تحت الخرائب والأنقاض الأثرية أسراراً كثيرة عظيمة لا يمكن التعرف عليها إلى من خلال استكمال التنقيبات الأثرية الشاملة مواقعها القديمة) ومن معالمها السياحية الأثرية التاريخية.
- مدينة قرناو (معين)
تقع (قرناو) معين إلى الشمال من مدينة الحزم على بعد نحو 7كم. عند الفتحة المؤدية إلى رمال الربع الخالي، في تماس مع السهل الفسيح الذي يرويه وادي مذاب (الخارد)، أي في منتصف المسافة بين جبل اللوز الذي يقع إلى الشمال على بعد (20كم) وجبل يام الذي يقع في جنوبها وبنفس المسافة، ومن جهة الشرق يحدها الربع الخالي.
ومن المعروف أن قرناو كانت عاصمة لدولة معين، كما كانت مركزاً إدارياً وتجارياً كبيراً. وكان لها الكثير من المستوطنات خارج حدود اليمن، كما كان الحال في (ديدان) شمال الحجاز. وخلف المعينييون الكثير من النقوش في أنحاء كثيرة من الجزيرة وأرض الرافدين والشام ومصر كما أثبتنا ذلك. وقد عثر على تابوت خشبي في مصر، يحمل نقشاً مكتوباً باللهجة المعيينية، لرجل معيني كان مستقراً في مصر كتاجر للبان والبخور والطيب والتحضيرات الطبية، للمعابد المصرية، ويقول النقش أنه عند وفاته في العام (22) من سني حكم ملك مصري يدعى (بطليموس بن بطليموس) أعدت له جنازة وفقاً للطقوس الأوزيريسية المصرية، وهناك أيضاً نصب لتاجر معيني عثر عليه في معبد في جزيرة دليوس الإغريقية يقوم بإمداد المعابد الفرعونية بالبخور والمر والقرفة والقسط. ونقش آخر في جزيرة دليوس اليونانية يعود للنصف الآخر من القرن الثاني ق. م. يذكر صاحبه أنه نصب مذبحاً للإله (ود) والإله (معين) بدليوش، والنص المنقول يشير إلى أن دولة معين قد قامت بعد حروب القائد السبئي الكبير (كارب آل وتر) وهذا يتناقض مع ما هو سائد ومعروف في أوساط المؤرخين التقليديين الذين يرجعون تاريخ معين إلى عام (115ق.م.)! وهو دليل على مدى اضطراب وتشوش التاريخ القديم، واضطراب المؤرخين لهذه الحقبة، حقبة دول منطقة مأرب والجوف بعد حضارة الأحقاف وما حولها. ويمكن القول إن مملكة معين بلغت أوج ازدهارها في القرنين الثالث والثاني . ق. م. وقد حكمت معين خمس أسر، وكان هناك مجلس إلى جانب الملك، يسمى مسود (ق. م.) وكان يضم رؤساء القبائل وأعيان العاصمة، ويساهم في تصريف أمور الملكة، ويجتمع بدعوة من الملك، أما الأقاليم والمدن الكبرى فكان يتولى إدارتها موظفون يشرفون على تسيير جميع شؤونها، وتلقبوا بلقب كبر - كبير- ويبدو أن السياسة التي أنتهجتها معين تجاه سبأ من أجل الحفاظ على استقلالها لم تدم طويلاً.
1- أسوار وأبواب المدينة وشكلها.
المدينة قرناو مربعة الشكل تقريباً، وقد أحاطها سور عظيم أبعاده 320م. * 310م. ما تزال كثير من أجزائه مطمورة تحت الرمال والخرائب التي تغطي الموقع، وتبرز بعضها فوق الرمال وبالذات بواباتها الرئيسية، وقد بني السور على شكل دخلات وخرجات تشبه سور مدينة (ع ر ر ت م) إلى ساحل وادي رغوان (محافظة مارب) في جزئيه الشمالي الشرقي، والشمالي الغربي، ولا تزال بعض المباني قائمة داخل السور. قال (هاليفي): أن للمدينة ثلاثة أبواب بعد أن كشف أحد النقوش أن لها بوابة جنوبية، أما محمد توفيق فيقرر أن لها بوابتين فقط. ويرى الدكتور فهمي الأغبري أن للمدينة أربع بوابات، وأن ثلاثاً منها لا تزال ماثلة. وعن مدينة (هرم) أو خربة آل علي، أو خربة همدان، فهي تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة الحزم، على بعد نحو 1.5كم. وقد ذكرت في النقوش صيغة (ه ج ر ن/ ه ر م م ) أي مدينة هرم (لاحظ كلمة هرم). وكان أول ظهور مكتوب لها تقريباً في نقش النصر الشهير لكارب آل وتر الذي يعود إلى القرن السابع ق. م. ويبدو أنها كانت قريبة من حيث التبعية لدولة سبأ، وقد ظلت حتى القرن الأول ق. م. ثم اختفى اسمها لأسباب قد تكون أهمها تحول طريق التجارة البرية إلى البحر. وكانت تتحدث بلهجة سبأ التي تختلف بعض الاختلاف عن لغة (لهجة) معين، وبالذات في حرف الجر (من) بدلاً من بن في اللهجات الأخرى.
ومدينة هرم اليوم عبارة عن تل أثري شبه دائري، والمدينة مطمورة تحت الرمال، ولم تقم عليها دراسات علمية لمعرفة وتحديد مواقع وماهية المنشآت التي تحتوي عليها. وتسكن حولها من خارج الأسوار عشيرة آل علي، لذلك يطلق على المدينة الأصلية (خربة آل علي) وعلى بعد 300 متر من المدينة يوجد معبد ضخم للآلهة (م ت ب ن - ط ي ن) متبن طين أحد آلهة المدينة، وهناك أعمدة حجرية رسمت عليها رسوم تشبه رسوم معبد (بنات عاد) في مدينة السوداء.
وعن مدينة (كمنهو) أو (خربة كمنة) جاء في التقرير:
تقع مدينة كمنة إلى الغرب من مدينة الحزم، على بعد 9كم. إلى الجنوب من وادي مذاب.
ويعود أول ذكر لهذه المدينة إلى القرن السابع ق. م. في نقش النصر لكارب آل وتر الموسوم ب(RES - 3945) الذي جاء فيه (أن كرب آل وتر بن ذمار علي مكرب سبأ أنه منح ملك كمنهو) الذي كان يدعى نبط علي كمنهو. المدرجات والأرض الزراعية التي كانت من أملاك ملك نشان (السوداء حالياً) وذلك لأن ملكها خرج عن السيادة السبئية، وقد ظلت المدينة إلى القرن الأول ق. م. تقريباً تعيش حالة ازدهار لسببين:
1- لأنها كانت تقع على الطريق التجاري الرئيسي.
2- لأنها كانت تقع في منطقة خصبة انتشرت فيها الزراعة وهي الآن مدينة مندثرة تبدو في شكل كومة كبيرة من الخرائب، ونرى فيها أساسات معابد ومنشآت وأسواراً عظيمة، وقد نهبت أجزاء منها.
*****
وعلى بعد كيلو متر واحد. يقع معبد (النصب) في الجهة الشرقية وهو شبيه في زخارفه وتصميماته معبد (بنات عاد) في مدينة السوداء. أما مدينة نشن فإنها تقع على بعد 14 كم. غرب مدينة الحزم، وذكرها كغيرها قد جاء في نقش النصر للزعيم السبئي العظيم (كارب آل وتر) قال محمد بافقيه عنها: أن كارب آل وتر أغار على نشن أو نشان لتأديبها لأنها تمردت عليه مرتين وكان يحكمها وقتها ملك اسمه (سمه يفع)، وكانت ممتلكاته تمتد إلى مناطق تقع غرب مدينة صنعاء، بما في ذلك مدينة شبام كوكبان ووادي ضهر، وكان ملوك سبأ قد منحوا ملوك نشان من قبل ذلك أراضي ومصادر مياه لعلها كانت في الجوف فاستردها كرب آل وتر، واستولى على مدنهم بما فيها مدينة شبام كوكبان، وغيرها من المدن كما دمر الكثير منها وصارت أثراً بعد عين. وقد فرض على ملك نشان (سمه يفع) القبول بإقامة سبئيين في نشان بعد أن حرقها وخرب سورها وأمره أن يبني فيها معبداً للإله (ألمقه) المعبود الرئيسي لسبأ.
أما مدينة (نشق) فقد استولى عليها وضمها إلى مملكة سبأ. وكان اسمها يرد في نقوش خرائب تبدو أساساتها قمة في الإبداع الهندسي. وتقع مدينة نشن خارج سور معبد الإله (عثتر) المشهور محلياً ب(معبد) بنات عاد) نظراً لوجود زخارف تمثل نساء واقفات تزين بعض الأعمدة في المدخل والفناء. ولعل مدن الجوف تنفرد بوجود معابد خارج أسوارها وذلك لاستقبال القادمين إليها لتأدية طقوسهم قبل دخول هذه المدن، وللتعبد فيها عند خروجهم بعد قضاء حوائجهم.
الزخرفة في معبد عثتر (بنات عاد).
تدل زخرفة هذا المعبد على أن اليمنيين كانوا قد وصلوا في وقت مبكر إلى مستويات عالية من الذوق الفني الرفيع. حيث اتضح أن أعمدة هذا المعبد كانت مزخرفة بكاملها برسومات في الثلاثة الأوجه لكل عمود، ويمكن أن يشاهد الشخص من الأسفل إلى الأعلى أشرطة زخرفية متناسقة تبدأ بثعابين متشابكة ولعلها ترمز إلى الإله (ود) يلي ذلك شريط زخرفي بداخله وعول متقاربة بطريقة فنية رائعة تنبي عن خبرة ومهارة فنية عالية، ثم يلي ذلك حراب طويلة تمتد من الأسفل حتى الشريط الزخرفي الثالث، يلي ذلك زخارف متموجة والتي ربما تمثل الثعابين، وتعلوها وعول مقرفصة ثم رسوم النساء واقفات يمسكن باليد اليمنى ما يشبه الهرواة، وفوقهن شريط كتابي مكتوب بالمسند (أأمر- صدق- بنى- بيت عثتر) وهذا هو المهندس المعماري الذي بنى المعبد ونجد ذلك في العمودين (أ، ب) وفوق ذلك أوان مختلفة الأشكال، ثم وعول مقرفصة، ثم زخرفة زجاجية ثم وعول واقفة أيضا- ثم زخرفة نباتية، كما أن العتبة فوق الأعمدة (A.B.C.D) لها زخرفة طويلة مكونة من شريطين أحدهما فوق الآخر، الآسفل منها عبارة عن رؤوس وعول. أما الشريط الثاني فهو عبارة عن وعول مقرفصة ومتناسقة، تتلاقى اثنان من هذه الوعول في الوسط، ولكل من هذه الوعول شعر طويل يتدلى من ذقنه بما يشبه اللحية الطويلة لدى الإنسان. أما أعمدة المنصة (E.F) فإن الأشكال الآدمية تظهر بشخصيات رجالية. أما الأعمدة في الفناء فكلها مزخرفة في جهة واحدة. فمثلاً تم زخرفة الأعمدة (1، 2، 3) في الجهة الغربية، والأعمدة من (4-8) زخرفت من جهة الشرق، وبالنسبة للاعمدة (2، 4) فزخرفا بشكل متقابل وبنفس النظام في الرواق الجنوبي، فالزخرفة على الأعمدة (2، 16) متقابلة ويمكن ملاحظة التنوع في الزخرفة خاصة تلك التي على العمودين (E, f) فالصور والنقوش تبدو وكأنها من نوع وطراز بدائي.
*****
وعن مدينة نشق أو (خربة البيضاء) ورد في التقرير:
تقع مدينة نشق إلى الغرب من مدينة الحزم وتبعد عنها نحو (20كم). وقد جاء اسم هذه المدينة في النقوش باسم (ه ج ر ن / ن ش ق م) وكما هو الحال ما يتعلق بورود أسماء مدن دولة معين، فقد جاء ذكرها في النقش المعروف بنقش النصر للزعيم السبئي (كارب آل وتر). وهذا لا يعني أن هذه المدن قد نشأت في الوقت الذي كتب فيه هذا النقش وهو القرن السابع ق . م لأنها أقدم عهداً بكثير من هذا التاريخ، فقد ترجع إلى القرن الخامس عشر أو قبله. فلا يصح أن يفهم أن تاريخها مرتبط بالنقش المذكور، وقد استولى عليها مكرب سبأ هذا وضمها إلى مملكة سبأ، بعد أن كانت تابعة لمملكة نشان ونظراً لمناعتها وبسالة أهلها، فقد استمر حصارها من الملك السبئي (كارب آل وتر بن ذمار علي) ثلاث سنوات. وقد شيد فيها بعد أن دخلها معبداً ضخماً لإله سبأ الرسمي (المقه) أطلقت عليه النقوش اسم (ش ب ع ن) وكان يتوجه إليه الكثير من كبار رجال دولة سبأ وغيرها للتعبد فيه لأهميته علماً بأنه كان يوجد بالمدينة معابد أخرى منها (معبد عثتر) أو عثتار الذي عرف في العراق باسم عشتار.
- البرهان الثاني والستون
مساهمة حول ما نشرته صحيفة (الشورى)
في عددها رقم (409) بتاريخ 7 شعبان 1423ه الموافق 13/10/2002م. نشرت صحيفة الشورى (المقروءة) ملخصاً لبحث أعده المستعرب الفرنسي (دي ساسي) عن الخط المسند (الحميري) هل ابتكر في اليمن أو في أثيوبيا؟ وقد طرحته في حلقتين لكي يناقش من قبل المختصين على أن الحلقة الثانية؟ قد اشتملت على نقض الآراء التي استقتها من كتب بعض المؤرخين اليمنيين عن الموضوع!!
وقدمت الصحيفة البحث هكذا: نشرت صحيفة (أخبار الأدب) المصرية العدد (478)- 8-2002م ملخصاً لدراسة لافتة كتبها المستعرب الفرنسي (سلستر دي ساسي) (1758-1838م)عن نشوء اللغة العربية من عهد حمير إلى الكوفة (عبارة غير مفهومة) وأضافت الدراسة التي ترجمتها الدكتورة (كاميليا صبحي) نشرت أخيراً في إيطاليا عن مؤسسة نوبا زادة التي أسسها الأستاذ (سير جيونيزادة) أحد المتخصصين في مجال الإسلام. وقد جاءت ضمن كتاب يحوي مخطوطات تنشر لأول مرة للمصحف كتبت في الحجاز بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي مائة عام.
وأضافت الصحيفة.
الدراسة التي ننشر هنا جزءاً من ملخصها نضعها للنقاش أمام المهتمين والباحثين في مجال اللغات اليمنية القديمة خاصة أنها تطرح أفكاراً مختلفة عن علاقة اللغة الحميرية باللغتين الأثيوبية والعربية (كلام غريب!!) وسنقوم بدورنا في القسم الثقافي في الشورى في العدد القادم بتلخيص آراء العلماء والباحثين اليمنيين الواردة في كتبهم حول هذا الموضوع. إلى هنا ثم صار الكاتب ينتقي عبارات ويجتزئ فقرات من دراسة (دي ساسي) الذي استند بدوره إلى بعض المصادر العربية التي استقاها معظمهم مما قاله بعض المستشرقين (غير المدركين!!) نقلاً عن اليهود الذين يرجعون كل شيء إلى التوراة المحرفة! وهنا مكمن الخطر وبيت الداء! فلقد جاء تشويش وتلويث بل وتسميم التاريخ اليمني (وهو تاريخ العرب والساميين ككل) عن طريق هذه المصادر سواء كانت يهودية الأصل أو ترجمها أجانب بحسن نية أو بسوء قصد! أو ترجمها عرب ونقلوها من المصادر الأجنبية في القرن الثاني الهجري وما بعده بلا رؤية، أو فهم لأبعادها الخطرة في تشويه وتزييف تراث الأمة، ودون أن يعرفوا النوايا الخبيثة لليهود وبعض من نقل عنهم، أو لم يعوا آي القرآن الكريم. ويستوعبوا مقاصدها ومضامينها جيداً. ولم يطلعوا أو يفهموا تاريخ اليمن القديم جيداً حتى يميزوا بين تاريخ صناع الحضارات السابقين. لذلك فقد وقع الخلط بين أقوام ثمود وسبأ ومعين وحمير وقتبان وحضرموت. فأوردوهم كما لو كانوا قد عاشوا في زمن واحد!! مع أن البون شاسع، والفرق واسع جداً بين زمن عاد ومن بعدهم ثمود، وبين سبأ الأول الذي عاش في الألف الخامس ق. م. تقريباً وبينه (أي سبأ) وبين تلك الملكة التي عرفت بملكة سبأ التي عاصرتها أو جاءت قبلها أو بعدها بقرون معينة.
*****
وهي التي توقف -أو على الأصح أوقف- تاريخ اليمن وكل حضاراتها وإبداعات أهلها عندها، مع أنها جاءت في آخر حلقات الحضارات اليمنية العظيمة. ولم يع أولئك المؤرخون والكتاب والمفسرون من العرب والأجانب المتقدمين منهم والمحدثين أنهم قد أضاعوا 90% من تاريخ اليمن وهو تاريخ العرب والساميين فمن اليمن انطلقوا قبل عشرة آلاف عام ق. م. ومن الثابت قرآنياً وعلمياً ومادياً الآن أن عاد برزت إلى الوجود في الفترة الواقعة. بين الألف السابع والثالث عشر ق. م. وهي فترة من فترات الخصوبة التي تتعرض لها اليمن. كما أثبتت صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت لمنطقة اليمن وصحراء الأحقاف بالذات وأثبتت أنها كانت غابات كثيفة وجنات وارفة وأنها كانت كثيرة الأمطار والأنهار، وكانت كذلك كثيرة الحيوانات الضخمة، كما أثبتت الحفريات التي تتم في تلك المنطقة، وجود عظام لتلك الحيوانات الضخمة، ومنها الفيل ووحيد القرن والزرافة والأسود وغيرها.
وكشفت الحفريات كذلك وجود آكام ضخمة من خبث الحديد. وجذوع الأشجار الضخمة.. ومع هذا فمن أصدق من الله قِيلا؟. قال تعالى عن قوم عاد وعظمة بنيانهم وأجسادهم: [أتبنون بكل رِيع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فاتقوا الله وأطيعون، واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون]صدق الله العظيم. [الشعراء: 128- 134]وقد تكلموا اللغة العربية وكتبوا بالخط (المسند) وسمي مسنداً لأنهم أسندوه إلى هود (رسولهم من الله) ومنه انتشر في عاد أو كانوا أول من اخترعه. وإلا فكيف تأتي لهم بناء الآيات الباهرات حسب وصف القرآن الكريم؟ وكيف بنوا مدينة [إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد]؟ وكيف اكتشفوا أهم المعادن وصنعوها في وقت مبكر كان الناس خارج شبه الجزيرة يعيشون مع قطعان الحيوانات؟ أو كانوا خارج نطاق الجاهزية (بلغة العصر) إذا جاز التعبير بسبب عدم تأهلهم لمجاراة اليمانيين وكانت كل القارات مغطاة بالثلوج لا تصلح لسكن الإنسان. وهذا ما ميز اليمن التي نشأ فيها الإنسان والإنسان العاقل المكلف الذي استقبل رسالات السماء بدءاً بنوح عليه وعلى رسولنا وكل الرسل والأنبياء أفضل الصلوات والتسليم. ويكفي أن نورد هنا نصاً خطيراً مما جاء في إحدى أهم وأوثق روائع الهمداني رحمه الله. وهو الإكليل إذ جاء في الجزء الثامن منه هذا النص: عن كتاب (عاد) ومدينة إرم ذات العماد: قال (أبو محمد): عن هشام عن أبي بكر بن عياش عن عمران بن مسلم عن ضمرة الأحول عن رجل من حضرموت قال: إن ببلادنا مغارة متقادمة (عادية) يهاب الناس دخولها. وهي قرب مركب الناس حيث يركبون في البحر، فكنا إذا أردنا ركوب البحر لا نجد بدأً أن نمر عليها فخرجنا في جماعة من الحي يريدون الركوب ومعنا معافري يقال له بسطام. ولم يكن في الناس أشد منه قلباً ولا أجراً منه مقدماً فكنا نعرفه بذلك. فلما توجهنا في الطريق إلى المغارة أنشأ ذكرها وما يحدث الناس عنها وجبنهم عن دخولها، فقال بسطام: أما أنا فلست نافذاً لوجهي حتى أدخلها على ما عمدت، فمن يساعدني على ذلك ويخاطر بدخولها معي؟ وكنت امرأً جريئاً فقلت له: أنا صاحبك، فنظر إلي فازدراني، فقال: يا ابن أخي أريد امرأً هو أجمع منك قلباً، فسكت وسكت القوم فلم يجبه أحد منهم فلما رأى سكوتهم قال: ما ترى يا ابن أخي؟ فإني قد اضطررت إليك!وما أرى عند أصحابك شيئاً فقلت: الأمر كما قلت لك. عندي ما تريد من المساعدة والموافقة، فجعلنا نقرأ ونتعوذ حتى بلغنا المغارة، وقد هيأنا شمعة وأخذنا أدواتنا وأسرجنا الشمعة وسمينا. ثم دخلنا نهتدي بنور الشمعة. ومضينا طويلاً في طريق ملساء وهي واضحة. ثم أفضينا إلى جرن من رخام مطبق بغطاء من رخام. وانتهى إليه صاحبي، فعالج قلبه فلم يقدر على ذلك، وقال: ضع الشمعة قليلاً، وأعني على قلب الغطاء، ففعلت فقلبناه بعد طول معالجة. فإذا فيه امرأة عليها من الحلي ما لم يكن يظن أنه يكون في الدنيا امرأة عليها ذلك. وأشرق لنا حسنها من نور الجوهر الذي عليها فإذا عند رأسها لوح من الرخام مكتوب فيه كتاب (بالمسند) (لاحظ كلمة بالمسند): أنا روعة بنت عاد بن إرم علا أبي واستكبر، وأشر، فأهلكه الله بالريح العقيم،وأنا أؤمن بالله وما نزل من عنده. فمن رآني فلا يعبأ بما علي، وليمض إلى ما هو أعجب مني، وليحذر أن يتناول ما ليس له فيهلك، ففزعت وفزع صاحبي لذلك، وأعدنا الغطاء على الجرن كما كان. فمضينا غير بعيد فأفضى بنا المسلك إلى درج صعبة، فقال لي صاحبي: ما ترى؟ والله أني أخاف أن نهلك، أو أن يطول علينا الأمر، فنقع في شيء لا نستطيع أن ننجو منه، فقلت: استخر الله وامض، فهذه إحدى منزلتين إما غنم وإما هلك. وقد عرضنا أنفسنا لأمر لابد من التخلص منه قال: ونحن في ذلك نقرأ القرآن ونذكر الله، فنزلنا من تلك الدرج بضوء الشمس إلا أنّا نرى البحر من منفذ إليه صعب. وإذا ببيت مقابلنا فدخلناه فإذا فيه ثلاثة أسرة من ذهب. وإذا على السرير الأول شيخ كبير أصلع أدرد، عليه حلتان عدنيتان مخرصتان بالجوهر، وعند رأسه كتاب بالمسند. (لاحظ المسند) أنا عاد بن إرم) دوخت البلاد، وملكت العباد، وأرسيت الأوتاد، وأكثرت من الأولاد، وأتانا مخبر فكذبناه، ونهى فما صدقناه، فجاءتنا ريح تنزع الشوى، فتركتنا هموداً، وعلى السرير الثاني شيخ طويل، شديد الأدمة، عليه حلتان مخرصتان بالجوهر، وعند رأسه كتاب (بالمسند) (لاحظ المسند). أنا مرثد بن قاف وأنا محقف الأحقاف دعاني (هود) إلى خلاص قومي فكذبته، ولم أصدق رسالته، فأصابني ما أصاب قومي من عذاب الله!
*****
وعلى السرير الثالث رجل قصير جعد، عليه من الحلي مثل ما على صاحبيه وعند رأسه كتاب (أنا منسك بن لقيم خازن عاد، ومع الكتاب الذي عند رأسه مفاتيح معلقة فطفنا في تلك البيوت لنرى لتلك المفاتيح أبواباً. فلم نر شيئاً، فلما أيسنا أن نصيب من ذلك شيئاً، ونحن نجول،إذ رأيت صخرة على فم وهدة، فقلت لصاحبي: والله إن هذه الصخرة لعلى بيت، فهلم نتناولها فزاولناها طويلاً حتى قلبناها. وإذا في الوهدة درج فنزلنا حتى أفضينا إلى الفضاء، فإذا أربعة مفاتيح معلقة بالأبواب، ففتحنا الباب الأول ثم دخلنا البيت، فإذا فيه تمثالان عظيمان قد مسخهما الله جل ذكره حجرين وهما في صورة قينتين، ففي حجر أحدهما عرطبة، أي طنبورة قد مسخت، وفي اليد الشمال مزمار ممسوخ، وليس في البيت غير ذلك فخرجنا وأغلقنا الباب، ثم فتحنا الباب الثاني، فإذا فيه سرير موضون، وعليه تمثال جارية أحسن ما رأينا، فوقها تمثال رجل شاب جميل، وإذا أسفل من ذلك السرير أربعة عشر تمثالاً قياماً رجالاً وشباباً، قد مسخهم الله كلهم حجارة، فحمدنا الله كثيراً وعجبنا من ذلك، ثم خرجنا فأغلقنا الباب.
ثم فتحنا الباب الثالث وإذا فيه سلاح كثير فخرجنا وأغلقنا الباب.
ثم فتحنا الباب الرابع فإذا فيه من الذهب والجواهر والفضة ما لم ير لأحد مثله قط. وفي جانب البيت حية كأنها الجراب المحشو، فسمعنا صوتاً خفياً: خذوا ما قضى لكما، فدخلنا، فقلت لصاحبي: استكثر وأوقر، وقليلاً ما نستطيع أن نحمل، ثم قلت له: كيف الحيلة في التخلص من موضعنا هذا، فأطلنا الفكرة في التخلص، فقال لي صاحبي: أما الرجوع من حيث جئنا فلا حاجة لنا به، ولعلنا نهلك! ولكن أطلب التخلص من هذا المسلك، فنفذنا إليه بعناء، وأخذنا أوقاراً من تلك الجواهر وهيأ الله لنا من يومنا ذلك مركباً، فلوحنا إلى أهله فأمروا صاحب القارب فجاءنا قلنا له: أمورنا كذا وكذا. وإنا دالّوكم على مال عظيم، فطمعوا في ذلك وطمعنا، ورجعنا إلى البيت فلم نصب مفاتيحه، وحرصنا على طلبها، فغبي علينا مكانها، فقلت لصاحبي: إني أتخوف إن رمنا ما ليس لنا أن يذهب ما بأيدينا فمضينا من وقتنا من ذلك الموضع، وقد كنا أشرفنا على الهلكة).
ومن هذا القبيل ما رواه هشام بن محمد عن أيوب السختياني عن مرة بن عمرو الأيلي عن الأصبع بن بنانة قال: إنا لجلوس ذات يوم عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في مدة أبي بكر (رضي الله عنه) أو قال عمر (رضي الله عنه) إذ أقبل رجل حضرمي من بلاد حضرموت لم أر أطول منه فاستشرفه الناس، وراعهم منظره، وأقبل جواداً حتى وقف وسلم وجاء ثم جلس، فكنت أدنى الناس إليه مجلساً فقال: من عميدكم؟ فأشاروا إلى علي (رضي الله عنه) فقال أهذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعالم الناس المأخوذ عنه؟ قيل: نعم فقال الحضرمي شعراً:
أبلغ كلامي هداك الله من هادي
وافرج بعلمك عن ذي غلة صادي
جاب التنائف من واد السكاك إلى
ذات الأهاجل من بطحا أجياد
تلفه الدمنة البوغاء معتمداً
إلى السداد وتعليم بإرشاد
سمعت بالدين دين الحق جاء به
محمد وهو قرم الحضر والبادي
فحلت منتقلاً من دين طاغية
ومن عبادة أوثان وأنداد
ومن ذبائح أعياد مظللة
بنسكها خائب ذو لوثة عاد
فادلل على القصد وأجل الريب عن خلدي
بشرعة ذات إيضاح وإرشاد
والمم بهدي هداك الله من شعثي
وأهدني إنك المشهور بالنادي
إن الهداية للإيمان ثابتة
عن العمى والتقى من خير أزوادي
أقضه الجهل إلا حية الوادي
قال: فأعجب علياً شعره وقال له: لله درك ما أرصن شعرك! ممن أنت؟ قال: أنا من حضرموت: قال: فسر به علي (رضي الله عنه) وشرح عليه الإسلام فأسلم على يديه، ثم أتى أبا بكر فأسمعه شعره فأعجبه وحسن إسلام الرجل. ثم أتى علياً عليه السلام يسأله ذات يوم ونحن مجتمعون للحديث فقال علي: أعالم أنت بحضرموت؟ قال إذا جهلتها فما أعلم غيرها قال: أتعرف موضع الأحقاف؟ قال: كأنك تسأل عن قبر هود؟ قال علي: لله درك ما أخطأت. قال: نعم. خرجت وأنا في عنفوان الشباب في أغلمة من الحي. ونحن نريد أن نأتي قبره لبعد صوته فينا وكثرة من يذكره. فسرنا في وادي الأحقاف أياماً، وفينا رجل قد عرف الموضع حتى انتهينا إلى كثيب أحمر فيه كهوف مشرفة، وانتهى بنا ذلك الرجل إلى كهف منها فدخلناه وأمعنا فيه، فانتهينا إلى حجرين قد أطبق أحدهما دون الآخر، وبينهما خلل يدخل فيه النحيف متجانفاً فدخلته فرأيت رجلاً على سرير شديد الأدمة طويل الوجه كث اللحية قد يبس على سريره وإذا مسست شيئاً من جسده أصبته صلباً لم يتغير، ورأيت عند رأسه كتابة بالعربية (لاحظ بالعربية. قد يقصد بها الخط المسند أو خط عربي آخر من الخطوط التي ثبت أنهم كانوا يكتبون بها لأنهم كانوا يتكلمون العريبة ولعله الجزم.
فقد كتب الإنجيل به كما ورد في رواية ضاري نجران المرسلة إلى ذويهم في التخوم الشمالية وقد أوردنا هذا في المجلد الثالث.
(أنا هود الذي آمن بالله وأسفت على عاد بكفرها وما كان لأمر الله من مرد!).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.