- تحقيق / أمرية المريطي - واهر الوداعي .. تصور أن حياتك لن تستمر إلا بدواء باهظ الثمن يضاف إلى همومك ويصبح أحد أولوياتك كالمأكل والمشرب والمسكن ..في وقت تحاول وبكل طاقتك توفير القوت الضروري وإيجار المسكن الذي يؤويك مع أفراد عائلتك تفاجأ بدخيل يفرض نفسه بقوة ويشترط عليك الاستمرار إلى الأبد . يرافق هم شراء الدواء الأعباء التي تسيطر على تفكير آلاف المرضى وخاصة مصابي الأمراض المزمنة .. فمع تدني الأوضاع الاقتصادية وعدم القدرة على تلبية المتطلبات الأساسية للأسرة يظل هاجس المرض والحصول على الدواء هما يثقل كاهل كل من ابتلي بمرض مزمن . يبيع أبو أحمد 40 عاما أغراض منزله التي يعتبرها غير ضرورية حتى يستطيع شراء الدواء لابنته التي فاجأته الأقدار بإصابتها بمرض/ الذئبة الحمراء/ أحد أمراض الجهاز المناعى المزمنة .. فضاقت به الدنيا وأغلقت كافة الأبواب في وجهه عندما علم بثمن الدواء الذي لابد أن تتناوله ابنته وإلا فقدت حياتها وما عاد يدري ما يفعل براتبه هل يدفع إيجار المسكن أو يشتري متطلبات أسرته أو يدفع فاتورة الماء والكهرباء أو فاتورة الدواء التي ستكلفه 15ألف ريال شهريا؟ ليس أبو احمد وحده من يعاني فاتورة الدواء المرتفعة والتي أجبرت عمر على ترك قريته وبيع كل ما يملك ليهاجر إلى المدينة في محاولة منه للإبقاء على حياة أبنائة الثلاثة المصابين بمرض الهيموفيليا /سيوله الدم/ أو النزف الوراثي حيث إن طبيعة حياة الريف الجبلية تعرضهم لإصابات ينتج عنها نزيف للدم لا يمكن إيقافه إلا باستخدام الدواء الذي أثقل كاهل عمر بسبب غلاء ثمنه وحاجة أبنائة الماسه إليه . شراء الدواء من مصر .. حل بديل إن ارتفاع فاتورة الدواء في بلادنا تدفع البعض إلى طلب شرائه من الخارج الأمر الذي اضطر أحلام وأخواتها للجوء إلى مصر لشراء الدواء لوالدتهما التي أصيبت بسرطان الرئة بسبب رخصه هناك. وتوضح أحلام بأن الدواء في مصر يكون رخيصاً ويصل فرق السعر بعض الأحيان إلى اكثر من 15 ألف ريال . الترف الزائد للأدوية وفى مقابل الحاجة الماسة للدواء وعدم القدرة على شرائه بعض الأحيان يظهر الترف الزائد للأدوية التي تدفع أصحابها للسفر إلى الخارج من أجل شرائها فهناك من يحرص على شراء أدوية ومستحضرات تجميلية من خارج البلاد لعدم رضاهم أو اقتناعهم بالمعروض داخل البلاد . كما فعل ماجد الذي لم يعجبه شكله وأراد إنقاص وزنه عن طريق شراء دواء تخسيس الوزن من خارج البلاد . جشع الوكيل سبب في ارتفاع سعر الدواء يقول د/ عبد الله مدير أحد الصيدليات لا علاقة للصيدلية بسعر الدواء لأن من يحدد تسعيرة الدواء هو الوكيل المستورد ..ويطالب وزارة الصحة بأن توفر الأدوية باهضة الثمن وتدعمها كما تفعل مصر على سبيل المثال . ويشاركه في الرأي الصيدلي علي الذي يعتبر أن جشع الوكيل هو احد أسباب ارتفاع سعر الدواء ويعيب على الوزارة عدم قدرتها على تصنيع الأدوية حتى لا نلجأ إلى الاستيراد . سعر الدواء يكون ثابتاً ومحدداً من بلد المنشأ و أمام حاجة المريض للدواء ولوم واتهامات أصحاب الصيدليات يأتي رد الشركات المستوردة للدواء والتي تقول أيضاً لا علاقة لها بالأسعار .. يوضح الدكتور علي الدوة مدير المبيعات بشركة الرأفة لتجارة الأدوية إن بلد المنشأ /الدولة أو الشركة المصنعة/ للدواء هي التي تحدد لهم سعره .. كما إن تذبب وعدم استقرار سعر الدولار وتدني العملة المحلية من أسباب ارتفاع سعر الدواء ، و يضيف الدوه إن سعر الدواء يخضع لمعايير ولدساتير ثابتة تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الخام للأدوية ويدعو الدولة إلى دعم الأدوية المنقذة للحياة كما تفعل مصر. ويشاطره الرأي نفسه عبد الرحمن غالب الجبلي مدير الاستيراد والعلاقات الخارجية بشركة أرض الجنتين للأدوية حيث يقول إن /بلد المنشأ/ هي من تحدد سعر الدواء كما أن ارتفاع سعر الدولار وتدني العملة المحلية تكون سببا في ارتفاع سعر الدواء .. مضيفا أن الهيئة العليا للأدوية تكون على علم بسعر الدواء الذي تطلب الشركات استيراده ويؤكد التزام الشركة بالتسعيرة التي تحددها لهم الهيئة وهي نسبة ربح 15 % لشركات الاستيراد و20% للصيدليات ..مشيرا إلى أنه لا توجد شركات عربية مماثلة تصنع الأدوية العالمية فالشركات ألمنتجه للدواء تحتكر الدواء لصالحها . الشيء المتعارف عليه في السوق الشرائية أن وجود أكثر من صنف في السوق يخلق منافسة تأتي لصالح المستهلك وتخفض سعر السلعة في السوق .. لكن سوق الأدوية عكس هذه القاعدة فرغم وجود أكثر من 150 شركة استيراد أدويه في بلادنا إلا أن الأسعار لم يطرأ عليها أي تغيير بل أوجدت المزيد من الارتفاع. إلا أن عبد الرحمن الجبلي يؤكد أن كل شركة مخصصة لاستيراد اصناف محدده من الدواء وإن وجدت منافسة فتكون من حيث جودة الصنع ولا يتدخل السعر في الموضوع . المصانع المحلية لا تغطي حاجة البلاد إن وجود أكثر من خمسة مصانع محلية لم يحل المشكلة لأنها لا تصنع سوى الأدوية الشعبية كأنواع المضادات الحيوية والمسكنات حتى إنها لا تغطي سوى 8 إلى 10 % من حاجة المحافظات من هذه الأدوية الاولية. يقول أحمد خالد الحكيمي مدير فرع الشركة الدوائية في صنعاء إن المصانع المحلية تصنع بعض أنواع المضادات الحيوية والمسكنات بسبب أن موادها الخام تكون رخيصة وتحقق نسبة مبيعات مرتفعة على عكس أدوية السكر والضغط ، والقلب .... الخ التي تكون موادها الخام مرتفعة وتحقق نسبة مبيعات أقل . ويشير أيضا إلى أن البلاد تستورد الأدوية التي تصنع محليا بسبب عدم قدرة وعجز المصانع المحلية على تغطية احتياجات البلد . نهاية المطاف في ختام رحلة البحث عن أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في بلادنا طرقنا باب الهيئة العليا للأدوية المسئولة لنضع بين يديها تساؤلاتنا عن ارتفاع أسعار الأدوية ولماذا لا تضع حلا لذلك؟. فيقول د/أحمد عبد الخالق مدير عام الهيئة العليا للأدوية إن الهيئة لا تستطيع التدخل فى سعر الدواء لأن سعره ثابت ومحدد من بلد المنشأ لكن الهيئة أوجدت بدائل لكل الأدوية باهظة الثمن كالبدائل المصرية والأردنية والسورية حتى يمكن للمريض شراء الدواء. ويؤكد أنه عند تسجيل أي دواء في الهيئه تقوم بوضع نحو ثمانية بدائل لذلك الصنف مثل الأصناف العربية وهذا الشيء يساهم بشكل قليل فى خفض سعره حيث إن وجود أكثر من مصدر للأدواء يعمل على خفض سعره . ويشيرالدكتور أحمد إلى أن الهيئة تواجه مشكلة تتمثل فى عدم التزام بعض الشركات ألمستوردة بوضع طابع على باكت الدواء يحمل التسعيرة من بلد المنشأ واسم الوكيل ورقم التسجيل . كما أن لديها مشكلة تتمثل في البونص بمعنى أن الشركة تعطي عينات مجانية للشركات والصيدليات تصل معظم الأحيان إلى 100 عينة ويفترض أن تباع هذه مجانا وتخفض سعر الدواء . صندوق الدواء ..لماذا لا يوفر تلك الأدوية ؟؟ أوضح د/ شوقي الدبعي مدير الرقابة والحاسوب بصندوق الدواء أن سبب عدم توفرالأدوية المنقذة للحياة يكمن في أن ميزانية الصندوق القليلة التى تم تخفيضها بعد إلغاء الصندوق وتحويله إلى برنامج وطني و دمجه في ديوان عام الوزارة لا تسمح بذلك وأيضاً بسبب تأخر المناقصات فعندما يطلب الصندوق مناقصة في بداية العام لا يتم إنزالها إلا في منتصف أو اخر العام. إلى متى سيظل هاجس الخوف من المرض المزمن وهم شراء دواء له جاثما على صدور آلاف المرضى ويبقى لنا فى الأخير تساؤل هل سيأتي يوم وتحذو فيه اليمن ورجال المال والأعمال حذو دول اخرى في تصنيع الأدوية و تجنب مواطنيها حاجة الاستيراد وانتظار الفرج أو انتظار الموت بصمت؟