- شكري الحذيفي .. - الشيء الاستثناء في عيد الأضحى الذي مازال البعض يعيش سبلته أن معظم المحافظات اليمنية عاشته عيداً شتوياً، بارداً .. صقيعاً .. غائماً كلياً .. ممطراً طيلة أيام التشريق الثلاث .. التي رغم أنها عرقلت التلاقي بين الأسر والأحباب في نطاق المحافظة أو المديرية أو الأحياء الواحدة، إلا أن رسائل المودة والمعايدة لم تستطع تلك الأجواء الملبدة والغائمة والممطرة أن تعيق وصولها، أو تجمد معانيها وكلماتها .. فهي تصل دافئة حارة تمنح المرسلة إليهم إحساساً بالدفء، وترفع لديهم درجة الابتهاج بالعيد، وتنعش ذاكرتهم الدائخة فتبعث في قلوبهم الشعور بالسرور.. وترقص أرواحهم بأهازيج تعزفها تلك الرسائل العيدية الساخنة. - وبعيداً عن تداعيات الأخبار السياسية وردود الأفعال على إعدام الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة عيد الأضحى .. وقريباً من طقوس الأعياد الدينية في بلادنا .. فيمكننا الوصف لحالة العديد من الناس بأنهم استطاعوا مزج الدموع حزناً على صدام، بالدماء ذبحاً للأنعام .. وفرحاً بالأعراس. - الاستثناء الأجمل خلال أيام العيد كان تدفق القلوب نحو صالات الأفراح .. وتآلف الشباب .. وتقارب الأنساب .. بإعلان الأعراس والاحتفاء بالمتزوجين .. الذين تجاوزوا المعوقات الطارئة والأجواء المجمدة لكل شيء يتحرك .. وغاصت أرواحهم في البهجة وتلونت بالفرحة .. وتدثروا جميعاً بالسعادة.. فكان العيد عيدين وتضاعفت درجة حرارة المودة فصارت ضعفين كلما جمعت المودة والرحمة الإلهية قلبين في عش الزوجية. - حتى موالعة القات «فرملهم» الطقس القارس عن الهرولة باتجاه السوق،باستثناء الذين اعتمدوا على سياسة الاتصال بالسيار أو الايصال بالسيارة .. أما الموالعة البسطاء ومتوسطو الدخل فقد ارتضوا كارهين بتحمل آلام وأهوال «الرازم والدكاك» طيلة أيام التشريق ، حفاظاً على جيوبهم وجنوبهم من أن تطالها أمراض الكلى، وأنوفهم وصدورهم كي لا تقع فريسة للزكام والسعال وإخوانهما. - لقد سجن الكثير من الناس أنفسهم في غرف منازلهم التي تحولت إلى زنازين ، سجانوها هم مسجونوها !! .. ولم تشفع لهم فرحة عيد الأضحى للخروج مع عائلاتهم وأطفالهم إلى المتنزهات رغم قلتها ولا المعاودة على الأهل والأقارب والأصدقاء بارتياح وطمأنينة بعيداً عن زمهرير القلق وسعيره !!. - فخلال أربعة أيام متتالية حال الطقس البارد، وصقيعه المجمد للأبدان دون الاستمتاع بعطلة العيد، الذي أبت شمسه إلا الاحتجاب .. فيما حولت ساعات الأيام الأربعة الأولى من عيد الأضحى مدينة تعز إلى ثلاجة ، جمدت المشاعر في الصدور، ولم تنفع معها آلات الدفء الحراري أو بطانيات «أبوتفحيطة» أو «أبوتفاحة» كي ترفع درجة حرارتها أو تحافظ على دفئها .. فإضراب شمس السماء قد منح الضباب والمزن السيطرة على الأجواء والأفراح ، ولحوم الأضاحي التي تكفل الطقس القارس والأمزان بالحؤول دون عفن دمائها، ونتن فضلاتها .. وكفى الله عباده التنظيف ، وكفى البلدية والإسكان الملامة، وأزاح عن صحة البيئة ضخامة العبء والتعب والإرهاق .. فلله الحمد والمنَّة.