الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    ليفاندوفسكي يقود التشكيل المتوقع لبرشلونة ضد فالنسيا    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرواح
مسقط رأس حضارة السعيدة
نشر في الجمهورية يوم 20 - 01 - 2007

بارمودا في بلاد الشرق تنام كجوهرة منقوشة بجوف الصخر استطلاع/ عبدالسلام السامعي ..
الحضارات لاتقوم على فراغ أو تنطلق بغير أجنحة، والحاضر لايقف إلا على قواعد الماضي، وصرواح واحدة من تلك القواعد العريضة التي عجز عن محوها الزمن، قام عليها بناء أمم غارقة في القدم، وأمجاد مشيدة ذاع صيتها أقصى المشرقين.. وإذا كانت صرواح في ماضيها أسطورة تحدثت عنها الأمم والكتب السماوية في عصورها الذهبية.. فماذا يمكن أن نقول عنها اليوم وهي على أعتاب ألفية «ثالثة» بعد التاريخ؟ وماهي الحقائق التي يمكن أن نتحدث عنها؟ وماحقيقة المكائد التي حجبتها عن الأنظار وقوقعتها في بؤرة وأحاطتها بسياج من الشائعات وجعلت منها «بارمودا» أخرى في بلاد الشرق.. الذهاب إليها ضرب من المغامرات وجنون من الانتحار.. الداخل فيها مفقود والقادم منها مولود.
.. لم تكن صرواح يوماً أبداً بهذه الأوصاف التي تشوه المجد والتاريخ وماذلك الذي صار فيها إلا سحابة صيف عابرة لن تغير من أصالة ذلك الاسم القديم الجديد المتجدد مع كل نسمة هواء باردة تمر فوق جبل هيلان.
فصرواح التي انطلقت إلى المجد بأجنحة السيوف، صار الكثيرون من الناس يجهلون أنها مسقط رأس حضارة البلاد السعيدة وموطنها الأول بلا منازع، انطلقت كالشرارة ونامت كجوهرة منقوشة أظافرها في جبين الحجر الصلب.. فكيف يمكن أن ترد الاعتبار لهذا الأثر الخالد الذي يضم بين ثناياه أسمى معاني العزة والرفعة.
الحديث عن صرواح شيق وممتع.. والتغني بأواصره أمتع وأمتع، والنظر إليها يغنيك ألف مرة من عمر تقضيه في مكان آخر.
وأنت ذاهب إلى صرواح يخيل إليك إنك ذاهب إلى البدايات الأولى من العمر، تلك والتي ننشد إليها دائماً ونشغف لطيف عابر من خيالاتها إن مر ذات يوم في مخيلتنا لما فيها من البراءة ونقاء السريرة ورونق ملامحها الإنسانية.
فقد فطر الإنسان بطبيعته على حب الحياة وأيضاً جبل على حب القديم والاعتزاز بأصالته التي أصبحت بالنسبة لنا جزءاً لايتجزأ من حياتنا ممتزجاً بالروح والجسد.
فمن هي صرواح؟
وأين تقع؟
وكيف يكون الوصول إليها؟
الطريق من صنعاء إلى صرواح
تقطع السيارة من صنعاء إلى مأرب باتجاه الشرق 170كم وفي منتصف الطريق عند قاعدة نقيل «فرضة نهم» يتفرع الطريق إلى فرعين أحدهما باتجاه الشمال يصل إلى محافظة الجوف والآخر باتجاه الشرق يصل إلى محافظة مأرب ومن ثم إلى حضرموت.
من مفرق الجوف إلى مأرب قاع غير مستو، على شمال الطريق كثبان رملية وعلى الجنوب سلسلة جبلية أبرزها جبلا، مرثد وجبل هيلان.
فيما تقع مدينة مأرب «المجمع» على أطراف وادي عبيدة «وادي سبأ قديماً» مركز المحافظة ومن ثم تنطلق باتجاه الغرب عبر طريق اسفلتي جديد/ 40كم تجد نفسك في سوق صرواح مركز مديرية صرواح.
موقع مديرية صرواح
تقع مديرية صرواح غرب مدينة مأرب، ويحدها من الغرب «الوتدة» ومديرية «بدبدة» ومن الشمال مديرية رغوان ومن الجنوب بني ظبيان.
المناخ والتضاريس
المناخ في صرواح يعتبر من أهم مميزات صرواح السياحية ويشكل أحد جوانب الجذب، لاعتداله في معظم فصول السنة وذلك لتوسط المديرية بين محافظة صنعاء الباردة وحرارة الصحراء الجافة في مأرب، والأجمل من ذلك أن عامل المناخ المعتدل النقي وعامل التضاريس شكلا معاً بيئة صرواح السياحية التي تتنوع فيها بيئات مختلفة مركبة تسر الأنظار.
وهذا ماجعلها تحتل مساحة واسعة في قلوب الزوار، نتيجة لتوسطها بين السهل والجبل والحر والبرد والخضرة والصحراء، كل هذه البيئات المختلفة شكلت بيئة صرواح الواقعة بين ملتقى ثلاث سلاسل جبلية تحتضن حوض واديها الخصيب.
صرواح بين الماضي والحاضر
اختارها السبئيون عاصمة لدولتهم ومدينة مقدسة تمارس فيها كل الطقوس الدينية فيما بعد.. ولم يأت من فراغ هذا الاختيار بل هناك عوامل كثيرة تتميز بها صرواح عن غيرها من المناطق، هي التي رشحت بالفعل صرواح إلى تلك المكانة السياسية والدينية والمقدسة.
ولم تكن صرواح الآن بمنأى عن تلك المقومات بل لاتزال صرواح بكل مقوماتها السياحية شامخة أمام الدهر لم تستثمر حتى الآن لأسباب كثيرة كانت سبباً في عزلها عن العالم طيلة هذه العقود.. وهاهي اليوم تشرق في حلة جديدة بعد نبذها مخلفات الماضي وتستعد الآن لاستقبال الأفواج السياحية في خطوة جبارة إلى الأمام وبغير رجعة.
صرواح التي شلت حركتها السياحية تماماً بفعل سوء فهم الآخرين لها تدعو الجميع لزيارتها ولتثبت للكل أن ما يشاع عنها مبالغ فيه وقد ذهب وإلى الأبد فمن سوء الفهم مايحدث لزائريها في كل الطرقات.
قف إلى أين أنت ذاهب؟ (أنت في خطر!!!)
إنها عبارة تبعث الرعب حقاً في القلوب يقابل بها كل من أعلن عن زيارته لصرواح عن بواباتها مقولة يجهل قائلها مدى خطورتها وعمق تأثيرها.
والأبشع من ذلك أنها صارت خفيفة على الألسن تنقلها الرياح حيثما ذهبت.. لم نكترث في ذهابنا إلى صرواح بتلك الاعتراضات المرعبة التي تقدم كنصيحة مؤدبة للقادم إلى صرواح، فكان رد أحد الاصدقاء.. «فلتذهبوا إلى الموت» أثناء مغادرتنا مدينة مأرب إلى صرواح.
مميزات صرواح السياحية
أشياء كثيرة في صرواح ترشحها لأن تكون منطقة سياحية هامة يجب استغلالها..
1 فالموقع والمناخ يلعبان دوراً هاماً هناك خاصة لقربها من المناطق الحارة في مأرب، فالسكان يزحفون إليها أثناء فترة الصيف كما أن تنوع بيئاتها والتفاف الجبال حول حوض واديها بشكل جميل وخصوبة واديها بالإضافة إلى الموروث الشعبي من عادات وتقاليد وأزياء وغير ذلك جعلها درة يرتاح لرؤيتها الزائرون.
2 ومن مميزاتها أنها تحتضن أعظم المنشآت التاريخية المتمثلة في مدينة صرواح القديمة ومعابدها ووجود نقش النصر فيها.
واحتضانها لسد مأرب العظيم من الجهة الجنوبية الشرقية.
3 كذلك توجد فيها العديد من الأودية التي كان لها دور أساسي وبارز في الحضارات القديمة وهذه الأودية هي:
وادي صرواح في قلب صرواح وفيه قامت حضارة وشيدت فيه المدينة القديمة.
وادي «أذنة» سابقاً، وهذا الوادي قامت على ضفتيه أعظم حضارات الشرق وعند نهايته يوجد السد العظيم وموقع هذا الوادي على بعد 14كم جنوب شرق المديرية.
وادي حباب 10كم غرب المديرية وله خصوصياته ويضم العديد من المواقع الأثرية على طول امتداد الوادي باتجاه الغرب.
وادي «حريب» باتجاه المحجزة التابعة للمديرية في الجانب الغربي.
4 ومن مميزاتها أن الجبال التي تسور الوادي بشكل بديع تمنع الدخول إلى المديرية وتجعله ضرباً من الخيال ماعدا أربعة منافذ رئيسة:
المنفذ الشرقي عبر كوفل والمنفذ الغربي عبر وادي حباب ومنفذ طريق المخدرة شمالاً ومنفذ «الضيق» بالمحجزة شمال غرب المديرية.. ولعل هذه الميزة الأخيرة خاصة هي التي دفعت بالسبئيين لاتخاذهم منها عاصمة نتيجة لأسوارها الجبلية المنيعة التي تصد أي هجوم على المدينة وتجعل الوصول إليها مستحيلاً بالإضافة إلى بقية المميزات الأخرى.
أهم المواقع الأثرية في صرواح
لعل شهرة مدينة صرواح عبر التاريخ وصيتها الذائع قد لايتلاءم مع المواقع الأثرية فيها وهذا يعود إلى عدم التنقيب عن تلك الحضارة التي جعلت من صرواح أسطورة في العالم القديم، وعلاوة على هذا لاتزال صرواح تحتضن أكثر معالم حضارة البلاد السعيدة في مجموعة من المواقع منها:
1 مدينة صرواح القديمة: والتي تضم ثمانية مبان مسورة بسور واحد ولايزال البحث جارياً عن البوابة الرئيسية فيها.
وضمن هذه المباني خمسة معابد أشهرها وأكبرها معبد الإله المقه الذي لايزال سامقاً بأعمدته والسور المحاط بارتفاع 16 متراً في بعض الجوانب كما يوجد بداخل هذه المدينة أكبر وأطول نقش في حضارة الجنوب يعود إلى/7ق.م.
وبالقرب من هذه المدينة هناك العديد من المعالم الأثرية التي لم يكشف عنها الغطاء أي لاتزال في سجنها الأرضي.
2 موقع المخدرة 14 كم شمال غرب صرواح وفيها مناجم الرخام ومقاطع الأحجار وطريق معبدة بالأحجار يعتقد أنها كانت تربط مقاطع الأحجار بالمدينة.. كما يوجد فيها بقايا عيون ماء وبقايا أفران لبعض المواد.
3 موقع منطقة البناء 3كم شمال مركز المديرية لاتزال فيه آثار ومعالم بارزة ولكن الأكثر لاتزال مطمورة.
4 موقع «سد مأرب» وموقع «سمسرة القطوطة» 22 كم من مركز المديرية باتجاه الشرق وفيها معالم السد القديم وماجوره وتظهر فيه براعة القدامى في الهندسة وأساليب البناء والتشييد.
5 موقع وادي حباب غرب المديرية 10كم وتنتشر فيه العديد من المعالم كالسدود والقلاع المنتشرة على طول الوادي.
6 منطقة «هيلان» 14كم شمال شرق، على قمة جبل هيلان يحتوي هذا الموقع على العديد من النقوش المياه.
7 موقع «الربيعة» 7كم جنوب مركز المديرية أبرز معالمها نقوش مسندية.
8 موقع «القناة المائية» في وادي حباب غرب المديرية ب10كم وقد استخدمت هذه القناة في تغيير مجرى السيول المنسابة من شرق صنعاء عبر وادي حباب «ضوار» أطراف صرواح ثم المحجزج.
وقد شيدت هذه القناة لتغيير اتجاه السيل إلى الوادي أي من الشمال إلى إتجاه الشرق والاستفادة من تلك المياه الهائلة في الزراعة والاستقرار.
وبعد تدمير هذه القناة تعرض معظم وادي صرواح للجفاف وهذا ماهدد السكان بعدم الاستقرار في تلك الجوانب.
وبالرغم من أن هذه المواقع لاتزال صامدة أمام متغيرات الزمن إلا أن بعضها قد تهدم وبعضها تعرض للتخريب والسطو عبر مراحل متعددة وهي الآن بانتظار عين العطف من الجهات المسئولة عليها.
كنوز ذهبية بانتظار صاحبها
مما عرفنا من الأهالي وصية يتناقلها جيل عن جيل، الوصية لاتزال موجودة وفيها بالتحديد مكان ذلك الكنز الذي ينتظر سعيد الحظ فبعض العلامات موجودة، ولكن لم يحن الوقت لإخراجها ربما لعدم ظهور الفارس القادم الذي سيقوم بإخراجها من ذلك المكان الذي صار يعرفه لكنهم يقفون عنده عاجزين عن إخراجه والوصية هي عبارة عن قطعة من الشعر تلفظها كل الألسن هناك وتقول:
كنز زهرا بنت الأزهر
شرقيّ القرن الأحمر
ياتالي لاتغتر
ألف حلقة وألف مدور
وألف كيلة بالمصبر
وألف سيف ذلقه أبتر
السياحة في صرواح
مثل بيئة صرواح الغنية بالعديد من مقومات السياحة جديرة بالفعل لأن تكون منطقة سياحية بكل المقاييس.
فالسهل والجبل موجود في صرواح والرمل والحجر والخضرة والهواء والتاريخ الحافل بالأمجاد كل هذا كاف لسياحة فريدة في صرواح على تلك الطبيعة الأخاذة والجمال الساحر، المسور بسلسلة جبلية تعشقها الأنظار.
المواطنون
سكان المنطقة يبثون شكواهم ويمدون يد العون لإخراج المنطقة من منفاها، بعد تلك الأحداث التي جعلت من صرواح نقطة سوداء في جبين التاريخ الحاضر من شغب واختطافات وتفجير أنبوب النفط مما أضر بسمعة المنطقة واقتصادها، وصار القادم إلى صرواح كالقادم إلى الموت.
قضايا الثأر أيضاً كانت لها آثار سلبية على المنطقة وفكرة معالجة قضايا الثأر التي أتى بها الأخ الرئيس... لقيت ترحيباً من قبل المواطنين وبها وضعت صرواح قدمها الأولى في أول خطوة تحركها إلى الأمام بعد شلل فظيع طوال تلك السنوات وبهذا تخلع عن كاهلها عباءات الماضي والتخلص من آخر المعوقات التي أعاقتها عن اللحاق بالركب السياحي خاصة وأنها تحمل في طياتها مخزوناً أثرياً كبيراً لأعظم حضارات الشرق القديم.
وهاهي صرواح اليوم تفتح قلبها وذراعيها معاً لهذه المهمة ومستعدة لتقديم كل مايمكنها تقديمه من مساعدات لكل الأفواج السياحية أثناء تواجدهم فيها.
مدير مكتب الآثار بالمديرية صالح حسين الظمأ دعا من طرفه المستثمرين لإقامة مطاعم سياحية وفنادق واستراحات تقوم بتقديم الخدمات السياحية للسياح لتعود المنطقة من جديد إلى ممارسة نشاطها السياحي بعد غياب طويل.
الانتصار الأكبر
حتى العام الماضي لا أحد يعرف شيئاً عن صرواح..وأي شخص تحدثه عن صرواح يكاد لايفهم شيئاً وكأنك تحدثه عن كوكب آخر فالمنطقة محاطة بخط أحمر منطقة خطرة والطرقات شاقة ووسائل النقل غير متوفرة وعلى مدى العقود السابقة تلقت صرواح التي انطلق منها التاريخ أخطر طعنة وأقسى مراحل الانعزال عن المجتمع.
ونام «نقش النصر العظيم» نوماً عميقاً وقاتلاً رازحاً تحت ذرات الغبار لكنه أفاق هذا النهار ليحطم تلك القيود التي فرضتها عليه تلك العزلة وهاهو يعلن من جديد عودته الجديدة ليشغل مكانه المتميز بين حضارات العالم وذلك بفضل الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في زيارته الأخيرة لصرواح وتوجيهاته بسرعة استكمال طريق صنعاء جحانة، صرواح مأرب والتي يجرى العمل فيها الآن.
هذه الطريق التي يبلغ طولها 130 كم سيتم افتتاحها وستعود صرواح إلى مكانتها بعد انتظار طال أمده هذا الخط شريان الحياة النابض بالنسبة لصرواح وبه يسهل الانتقال والوصول إليها وهذا مايبشر بمنطقة سياحية تلفت أنظار العالم هناك.
من الحلم إلى الحقيقة
ثمانية كيلومترات في «الوتدة» غرب صرواح لم تعد تشكل خطراً على المنطقة فقد أصبح الحلم حقيقة وخضع المحال لإرادة المكان والانتقال الشاق من مأرب إلى صرواح صار يسيراً بإمكانك أن تركب سيارة أجرة أو باصاً صغيراً «حافلة» ب «100» ريال وبعد نصف ساعة افتح عينيك، صدق أو لاتصدق أنت في صرواح وأمامك تبدو هيبة التاريخ ممثلة بتلك المدينة التي أديرت من داخلها أعظم حضارات الشرق وهناك ستجد سجلاً من سجلات التاريخ ومسنداً دهرياً أبى إلا أن يبقى رافعاً رأسه..يصرخ مرحباً ويقول «من هنا انطلق التاريخ ياهذا أهلاً وسهلاً فسل ماشئت..وحدث عني».
السكان
تسكن مديرية صرواح قبيلة «جهم» المعروفة ب قبيلة الخطف والموت، كما وصفتها مجلة المجلة وتعتبر جهم إحدى قبائل خولان وفرع من فروعها وتتكون جهم من عدة عشائر منها «آل الزايدي» الذين وصفتهم أيضاً مجلة المجلة..ب «المشاغبون رقم واحد في اليمن لكثرة مايتردد بعض أسماء من هذه القبيلة في وسائل الإعلام.
وتعتبر قبيلة جهم من القبائل التي ناضلت من أجل الثورة لماعانته من ظلم على يد الإمام وقتل الكثير من شخصياتها البارزة.
ولقبيلة جهم عاداتها وتقاليدها الخاصة بها وتسكن في أماكن متفرقة في الوادي وأطراف المديرية على هيئة قرى صغيرة، منازلها مبنية من الطين مع وجود بعض المنازل الحديثة.
ويسكن إلى جوار جهم في هذه المديرية من يدعون «بآل عباس» ويمثلون 20% من السكان ولهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة بهم ويسكن أيضاً في وادي حباب التابع لمديرية صرواح إدارياً قبيلة «عيال سعيد» أبناء عمومة جهم ولهم عاداتهم وتقاليديهم الخاصة ويبلغ عدد سكان هذه المديرية أكثر من «15000» خمسة عشر ألف نسمة تقريباً.
الحرف
الحرف كثيرة في صرواح وأبرزها حرفتا الزراعة والرعي لأنهما العصب الوحيد الذي تقوم به الحياة بالإضافة إلى بعض الحرف والمهن الصغيرة التي تحاول أن تسد بعض متطلبات الحياة مثل:
غزل الأصواف.
حياكة بعض المفروشات.
الحدادة.
كما ظهرت هناك حرفة جديدة في المنطقة وهي «قطع الأحجار» في أعلى جبل هيلان حيث توجد محاجر ومقاطع الأحجار البيضاء وهذه الأحجار تعتبر المنتج الوحيد الذي تصدره المديرية إلى بقية المحافظات.
الزراعة
هناك مقومات كثيرة تدعم حرفة الزراعة منها انتشار الأودية وخصوبة التربة وموقع هذه الأودية بالقرب من مدارب السيول المتدفقة من صنعاء وعبر وادي «حباب» ووادي «ذنة» أذنه قديماً وامتداد السد عند نهاية وادي «ذنة» وكذلك انتشار الآبار الارتوازية في حوض وادي صرواح.
ومن أهم المحاصيل الزراعية في صرواح
1 زراعة البرتقال واليوسفي المنتشرة نظراً للتربة المناسبة لزراعة هذا المحصول الشهير في بقية المناطق والموسم ب «البرتقال الصرواحي» بمواصفاته الخاصة.
2 محصول الحبوب ..ذرة شام قمح «بر» وتكثر زراعتها في وادي ذنة بالقرب من مياه سد مأرب.
3 التفاح: ويكثر زراعته في وادي حباب.
4 النخيل: وتنتشر في أجزاء متفرقة وأغلبها في وادي حباب.
5 الجلجلان ويزرع في مناطق متفرقة من المديرية.
6 محصول البلس: ويزرع في قمة جبل هيلان.
7 محصول العنب: ويوجد في حباب وجبل هيلان.
8 القضب «البرسيم» كمادة مهمة لتربية المواشي.
كما تزرع إلى جوار هذه المحاصيل أيضاً بعض الخضروات الضرورية.
الرعي
يعتبر الرعي من أهم الحرف ولذلك يكون الاعتناء بتربية المواشي شيئاً مهماً جداً إذ تعتبر المواشي مصدراً للألبان واللحوم.
والداعم الأكبر لهذه الحرفة هو الكرم المعروف لدى أبناء هذه القبيلة فلا يفضل أحد أن يأتيه ضيف ولم يكن لديه من المواشي مايذبحها إكراماً لهذا الضيف ونظراً لقلة مصادر الرعي، لزم على الرعاة الانتقال من مكان إلى آخر بحثاً عن المرعى.
مصادر المياه
أدى الجفاف في تلك المناطق إلى شحة مصادر المياه فلزم لذلك حفر الآبار الارتوازية العميقة خاصة في حوض وادي صرواح ووادي ضوار وكذلك في وادي حباب، أما المنطقة الشرقية للمديرية فليس فيها مصادر للمياه، بل ليست صالحة للزراعة إطلاقاً ويلاقي السكان مشكلة كبيرة في الحصول على مياه الشرب نظراً لانتشار الآبار المالحة التي يستحيل الشرب منها، فصارت مياه الشرب مشكلة تستوجب الحصول عليها من أماكن بعيدة ويتم نقلها عبر السيارات.
العادات والتقاليد
يخضع عامل العادات والتقاليد دائماً إلي عنصر البيئة ثم التأثر والتأثير بين القبائل المجاورة أو المجمعة في بيئة واحدة.. ويكون الإنسان هو المسير الفاعل لتلك العادات في أي مجتمع فالرجل في صرواح مرتبط بالبيئة إرتباطاً شديداً وهذا الارتباط يطرأ كثيراً على الإنسان هناك ويشكل جانباً كبيراً من جوانب شخصيته.
فالسمة المميزة في سكان صرواح هي الألفة فمن السهل التعايش والتعامل معه بعكس مايشاع عنهم بالإضافة إلى خصال كثيرة مثل الصفاء والكرم وإيواء الجار والإنصاف.
وهذه الخصال ليست غريبة عن المجتمع اليمني بشكل عام ولكن لسكان صرواح طرقهم وأساليبهم الخاصة لممارسة هذه العادات وكذلك لهم قوانينهم القبلية الخاصة التي بواسطتها يعالجون بها القضايا.
فالقبيلة ممثلة بالشيخ تقوم بحل مشكلة الوافد إليها ظالماً أو مظلوماً فإن كان مظلوماً تقدم القبيلة على رد ظلمه، وإذا كان ظالماً تؤويه بشرط رد المظلمة إلى أصحابها كما أن من أدوار القبيلة البارزة السعي في الصلع بين القبائل الأخرى بغير تردد وللقبيلة قوانينها ومصطلحاتها الخاصة بها وهي قوانين يستحيل تجاوزها في كل صغيرة أو كبيرة كما أن لها قوانين صارمة ورادعة تأديبية لمن يخالف بعض الأعراف.
الانتماء والأصالة
هذه ميزة لها مكانها لدى سكان صرواح، وهي نبع الإعتزاز بالنفس وبالأصل والثبات على المبادئ ويظهر هذا من خلال التعايش معهم ومن خلال الاشعار والزوامل التي تتردد على ألسنة الرجال والنساء والأطفال، وفي ذلك يقول أحد شعرائهم فاخراً معتزاً بنفسه وبأصله وبالقبيلة، مباهياً بتلك الحضارات التي ماتزال منابعها متدفقة في الصدور مفاخراً بالأمجاد السابقة في قصيدة كبيرة أخذنا منها هذه الأبيات:
أعدنا للحضارة كل مفقود
أعدنا الفكر موزون الأحاسيس
تطورنا وعاد الفكر محدود
نقشنا بالحجر قبل القواميس
وناسبنا سليمان بن داود
وزفينا عليه البنت بلقيس
وأعطى في نسبنا كل مجهود
وقد وسط بجنه وبالأباليس
أما الضيافة والكرم، فبلا حدود.. كرماء يجودون بكل مايمتلكون ولهم في استقبالهم للضيف طرقهم الخاصة التي تناسب مقامهم وهي طريقة فريدة وجميلة ومن طريف الترحيب بالضيف ماجاء في زامل لأحد أبناء القبيلة وصار اليوم كعار يردده كل أبناء القبيلة عند الترحيب بالضيف.
يامرحبا سبعة وسبعة وأربعة فوق أربعة
وأثنى عشر فوق أثنى عشر وأربع عشر والحقها أربعين
تهدي ميه دفعة مختومة بختم المطبعة
لاصحابنا والضيف جمعه فوق رأسي والجبين
ومن العادات والتقاليد أيضاً اجراء مراسيم الزواج بطريقة صرواحية مميزة ففي الزواج يعتبر العريس ابن القبيلة وعلى الجميع مؤازرته رجالاًَ ونساءً ورفده بالأموال ليتمكن من فتح بيت جديد وكذلك العروس تقوم نساء القبيلة بدعمها بكل أدوات البيت أما اذا كانت العروس ستغادر إلى قبيلة أخرى فعلى النساء القيام بكل مايمكن من أداة وأموال لتظهر في القبيلة التي ستصل إلىها بمظهر يشرف القبيلة كلها واذا كانت العروس قادمة من قبيلة أخرى فواجب النساء رفدها بالنقود واستقبالها استقبالاً حسناً وربط علاقات اجتماعية معها.. وفي مراسيم الزواج هناك العديد من الألعاب يمارسها أبناء القبيلة مثل رقصة البرع وتستخدم فيها الطبول والدفوف وكذلك لعبة البالة وهي عبارة عن انشاد بعض الأشعار تشارك فيها عدة فرق بغير ايقاع ومن الأشعار التي تردد في البالة وتنشد في منزل العريس.
طلعت الجبل لما نهيته
وفي نصف ساعة نزلوني
ثلاثة حرس واثنين نجده
وخمسة بخمسة نزلوني
حبيبي معذب في حياته
وأنا في حياتي عذبوني
حبيبي سكن في السجن وحده
وأنا من ورا الباب اخرجوني
وممايقال عند العروس من زامل ايضاً أشعار كثيرة تناسب تلك الفرحة التي ترتسم على وجوه المحتفلين من النساء مثل:
ودعتش الرحمن ياخير خلق الله
الا سيري على جعدش حجاب الله
حريوه نفشي جعدش
على جعدش حجاب الله
والعروس كذلك تودع أهلها فتقول:
الا يابه كثير خيرك
عدد ماسالت الوديان
فيجيبها:
من حظش ومن بختش
أخذني خيرة الشبان المرأة في صرواح المرأة في صرواح محظوظة عن غيرها بجرأتها وإقدامها مع الرجل تؤازره في كل المواف وتشد من أزره ولذلك أصبحت قادرة على إدارة أمور نفسها وبيتها بكل قوة وحكمة ولهذا فالرجل ينشد إليها كثيراً ويعطف عليها كثيراً وهي كذلك تبادله نفس الشعور ولهذا يحرص أهالي صرواح على تعليم الفتاة إلى جانب الولد إلا أن كثيراً من المتعلمات يتوقفن عند الثانوية نظراً لعدم القدرة على مواصلة التعليم الجامعي خارج المحافظة نتيجة الفقر الذي يحيط بهم.
ومن حب الرجل للمرأة أنه صار يمدحها ويعدد اوصافها أينما ذهب ولا تخلو أي بيت من خلافات أسرية وهذه عادة الحياة إلا أن الرجل هو الذي يتصرف بحكمة في مثل هذه الأمور ففي شجار بين زوجين طلبت الزوجة من زوجها الطلاق على إثره ، إلا أنه رغم ذلك غير قادر على فراقها فضرب بذلك الخلاف عرض الحائط وقال ينشدها عن طريق (المهيد) وهو لون من الوان الغناء الشعبي يتميز بإطالة الصوت فقال:
والله على كفش ماتشوفي طلاق
لو بيننا فرق مابين اليمن والعراق
فشعرت الزوجة بحبه لها، وعادت إلى صوابها في الحال.
ويحتل جمال المنطقة والمرعى والوجوه الجميلة جانباً كبيراً من قلوب السكان بالإضافة إلى التمسك بالقبيلة والكرم والشهامة التي تميز بها سكان صرواح وقد عبر وأحدهم عن ذلك كله بقوله:
راحتي في الخلا الخالي وشوف المكحل
والسهول الخضيرة والمراعي والاطلال
عزنا في وطنا والقبيلي مؤصل
لابغينا الشهامة والكرم والتقبيال
والإنسان في صرواح يعاني عناء الغربة والاغتراب بعيداً عن الأهل والوطن ودائماً مايكون مشدوداً إلى أهله وذويه وهو بعيد يعاني تلك الشجون والاتعاب فقال أحدهم.
قال جهمي «1» من أجل العز نصبر للاتعاب
واغتربنا وفارقنا الوطن والقبيلة
وقال آخر: يخاطب نفسه
الشيب ياصالح بدأ في الرأس لاانته ماتعل «2»
مت باطل الغربة وكثر
وآخر يقول وقد ضاع عمره:
شيبت في الغربة وعاد أهلي يحسبوني ولد
والرزق ماشي من بلاد الشعر حاق «3»
ومن ضمن العادات والتقاليد التي تمارس في المنطقة مراسيم العزاء.. ففي العزاء يجتمع المعزون من كل القبائل المجاورة والتي تربطهم بها علاقة نسب أو صداقة فتقوم القبيلة باستضافتهم ومن ثم يكون الزامل حاضراً وله دوره في تخفيف المواجع، فالزامل شيء أساسي في القبيلة في كل موقف أو حدث ومن جميل ماقبل في العزاء من الزامل.
ياقاع صرواح أسالي هيلان مرفوع الضياح
كم من الكبود اجراح مايطفيها لهيب أفعالها
على علي ذي راح مقدام القبيلة والسلاح
يارزخ أبا الوضاح لاضاقت يشيل أحمالها
وأتى بعض المشايخ من قبيلة أخرى بزامل قالوا فيه مصبرين أفراد القبيلة ويخففون من شدة الحزن عليه ياأخويانا وأنسابنا وحدة
ياالجبال الشامخات الرواسي
القدر والموت لو بانرده
كان ردينا جميع المآسي
فردوا عليهم بزامل آخر:
مرحباً من صدق قلبي وجده
بالضيوف الواصلة فوق راسي
الزمن يأتي بخيره وشره
غير صبر القلب فيما يقاسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.