لخصوصيته الجمالية المنبثقة من نقاء وبريق جوهره، وحدة وجمال ألوانه؛ لايزال الصنف اليمني من العقيق المتعارف عليه ب( العقيق اليماني) يحظى بتفضيل معظم الجواهريين والصاغة، ويجذب إليه الكثير لاقتنائه والتزين به. وتجاوزت شهرة هذا العقيق حدود اليمن إلى بعض الدول العربية والإسلامية ووصل ولع بعض هواة اقتنائه مؤخراً إلى إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) تقدم خدمات تبادل و بيع و شراء النادر من فصوصه حتى أن سعر بعضها يصل إلى آلاف الدولارات. وعلى الرغم من أن شهرة هذا العقيق قد تجاوزت سماته وخواصه الفنية والجمالية واقترنت بكثير من المكرمات والخرافات والأساطير والاعتقادات بمنافعه، وقدراته في جلب الحظ وطرد السحر ومنح الطاقة والقوة والنشاط .. الخ .. فان تفرده بخصوصية في مكوناته يبقى هو العامل الهام فيما يحظى به من رواج وإقبال يبدأ من لدن الجواهريين أنفسهم. ولعل تلك الخصوصية في مكوناته هي التي منحته ألوانه الأخاذة وأحجامه النادرة واستخداماته المتعددة بالإضافة إلى تلك الرسومات والصور والكتابات التي تحتوي عليها فصوصه والتي تضفي مسحة جمالية رائعة على الحلي عندما تطعم بها. وهذه السمة الأخيرة المتمثلة بالزخارف والنقوش التي تحتويها بعض فصوص هذا العقيق يؤكد عدد من الضالعين في إنتاج العقيق أن يد الإنسان لا تتدخل في صنعها وإنما هي نتيجة عوامل طبيعية مثل البرق أو هطول الأمطار على الصخور التي تحتوي هذه الأحجار الكريمة .. ومهما كانت حقيقة ذلك فأن كل تلك السمات مجتمعة بما فيها التي لاتزال أسرارها غامضة قد أسهمت في تعزيز شهرة العقيق اليماني حتى بات أشهر الأحجار الكريمة وأكثرها طلبا خصوصا في اليمن ودول الخليج. خواصه ومزاياه من خواص العقيق أنه معدن شبه شفاف يتركب كيميائياً من سيلكا خفيفة التبلور تحوي شوائب من مركبات الحديد ووفقاً لتلك الشوائب وكياتها يظهر العقيق بألوان متعددة. فيما تعددت الروايات التاريخية في تحديد بداية معرفة وعلاقة اليمنيين بهذا النوع من الأحجار الكريمة إلا إن الراجح منها - حسب بعض المؤرخين - تعود بداية اكتشاف هذا الحجر الثمين إلى القرن الخامس قبل الميلاد وتشير تلك المصادر إلى أن ممارسة اليمنيين لمهنة نحت الجبال والصخور وبناء القصور أدى إلى اكتشافهم لهذه الحجارة الصماء. يُستخرج العقيق اليماني من مناجم جبلية في عدد من المناطق اليمنية أشهرها وأهمها منطقة (آنس) بمحافظة ذمار/ جنوب صنعاء ، فيما ينحصر إنتاجه في مدينة صنعاء القديمة التي يحرص الكثير من زوار اليمن على ارتياد ( سوق العقيق ) فيها لاقتناء حاجتهم من العقيق باعتباره يمثل أفضل هدية يحملونها إلى الأهل والأقارب والأصدقاء في مواطنهم ، كما يمثل في نفس الوقت أفضل ما يهديه اليمنيون لغيرهم ، والأكثر مبيعاً ورواجاً في المعارض السياحية التي يشارك فيها اليمن كل عام في عدد من بلدان العالم. في وسط صنعاء القديمة حيث تتوزع الأسواق الحرفية المتخصصة، يقع (سوق العقيق) مستقلاً بنفسه في بناية تاريخية تعرف ب( سمسرة النحاس) ، يتقاسم دكاكينها (حوانيتها) أشهر حرفيي و تجار هذا العقيق، حيث يعرضون ما لديهم من أنواع العقيق باستخداماته المختلفة. جمال عبدالله ريشان -40 سنة - يعمل تاجراً في هذا السوق منذ خمسة عشر عاماً ، ويجيد مثل زملائه أساليب مختلفة لإقناع الزبائن بما يكتنزه هذا العقيق من جمال وأسرار، كما لا يترددون أحيانا من مزج ذلك بالأساطير التي تمنح بعض فصوص هذا العقيق قدرات منح السعد وطرد الشقاء. أنواعه واستخداماته عن خصوصية العقيق اليماني يقول (ريشان) : يعد هذا العقيق أنقى أنواع العقيق من الشوائب ولأنه كذلك فهو أكثرها صفاء وبريقا في جوهره وأكثرها جمالا في ألوانه وأكثرها مرونه في التعامل مع خاماته مما يساعد الحرفيين على تقطيعه إلى أحجام مختلفة ونادرة واستخدامه في المصوغات الذهبية والفضية وأشياء أخرى كثيرة تكتسب جمالا جديدا عند تطعيمها بفصوص العقيق مثل الخواتم والسبحات والخناجر بالنسبة للرجال والقلادات والأقراط والحزامات بالنسبة للنساء ...الخ. من أنواع العقيق اليماني - حسب ريشان - هناك العقيق الأحمر ويعتبر من أجود العقيق اليماني وأغلى أنواعه لما له من خصائص نادرة لا توجد في الأنواع الأخرى .. وتندرج تحت هذا النوع أنواع عديدة منها الرماني بنوعيه الفاتح والغامق والكبدي والخوخي والتمري . ويأتي بعد العقيق الأحمر العقيق المصور والمشجر : فهذا النوع من العقيق اليماني يتضمن داخله كتابات مثل لفظ الجلاله وصور طبيعية منها صورة الكعبة المشرفة. وبالإضافة الى تلك الأنواع يوجد أنواع أخرى بأسماء وألوان مختلفة..ولأن العقيق اليماني هو أنقى أنواع العقيق من الشوائب .. فهو أغلاها سعراً خاصة في اللونين الكبدي ودم الغزال من العقيق الأحمر يليه العقيق المصور والمشجر حسب محمد الحملي - أحد تجار وحرفيي العقيق بصنعاء.. ووفقا لعدد من حرفييي العقيق فأن سعر بيعه يتحدد من خلال درجة هذا النقاء كما يمكن بكل يسر لمن يريد الشراء أن يميز - من خلال ذلك - بين النوع النادر والعادي منه. استخراجه وإنتاجه تستخرج خامات العقيق بطرق بدائية من داخل الصخور في مناطق جبلية ويجري عادة تتبع خامات العقيق في الصخور في مساحة لا تتجاوز عشرة أمتار وعمق قد يصل إلى 8 أمتار تقريباً ويتم إخراجها على هيئة كتل مختلفة الأوزان لا يتجاوز وزن الخام من العقيق فيها الكيلو جرام. حتى يصير العقيق معروضا بألوانه وأشكاله الجذابة تمر عملية إنتاجه - حسب عدد من الحرفيين - بعدة مراحل تبدأ بعد استخراجه من أشد الصخور صلابة برمله بالطين المعجون بالماء وإيداعه في فرن بدرجة حرارة معينة لفترة 24 ساعة وذلك ليتم تليينه حتى تسهل عملية تفصيله، بعد ذلك يلصق العقيق في كمية من "اللوك "وهي مادة من اللبان والرماد لإزالة الشوائب ثم يقطع بأدوات خاصة وبدقة فائقة إلى فصوص مختلفة الاحجام والأشكال والألوان ومن ثم تبدأ مرحلة حك الفصوص على الحجارة الملساء المستوية على النار عدة مرات، تبدأ بعدها مرحلة إزالة النمش تليها مرحلة "التمليس" وصولاً إلى المرحلة الأخيرة وهي "التنعيم" من خلال الصقل بالطباشير وهي المادة الأخيرة التي يجهز فيها العقيق قبل عرضه للبيع.