هممت بفتح غلاف قطعة شكولاتة، وقبل أن أضعها في فمي ، استوقفني صديقي الذي يجلس في مقعد السيارة المحاذي لي ، انتظر ..لا تأكلها حتى تتأكد من قراءة محتواها على ظهر الغلاف، فربما تجد أحد مشتقات دهون الخنزير فيها، وأردف قائلاً: أنت تعرف، أن لحوم الخنازير أو دهونها، محرمة علينا نحن المسلمين، وقطعاً هذا التحريم له غاية..! فقد اكتشف العلماء، أن لحومها أو دهونها»الحديث مازال عن الخنزير« تفقد من يأكلها، إحساسه بالغيرة أوشعوره بالحياء!!! أمسكت مق ذل للشرف الأثيل والكرامة المطعونة، وظلت الخنازير تعبث في أشتات خيالي، تذكرني كم أكل العرب من الشكولاتة، ودون أن ينتبهوا لقراءة محتواها على الغلاف،طوال ستين عاماً من الخيبات والهزائم والانكسارات، وحين نعرف أن الخنازير،تعتبر من أغلى وأثمن اللحوم التي يتناولها اليابانيون على الإطلاق، بل إنها وجبتهم الرئيسة والتي لاتخلو موائدهم منها، فنندهش بشكل مروع إذا عرفنا أيضاً أن الياباني يموت واقفاً كالشجرة، إذا جرح أحدهم كبرياءه، أو خدشت شرفه الرفيع نسمة عابرة، يعانقون الموت ، ولوكان بالقنابل الذرية، التي تطحن الحجارة والكائنات معاً، يواجهون الكوارث، يفتحون عيونهم بقوة في وجه الصلف الأمريكي، عابثين، ساخرين من أهوال الجحيم السياسي الذي تطبقه هيمنة القوى الدولية على أسواقهم يقيمون الحياة من حضيض موتها، لكنهم يضعفون أمام وعكة تمس كبرياءهم أو تأتي على شرفهم، إذ سرعان مايهوي نصف الجسد الأعلى فوق حد السيف لتنحصر حياة الياباني لو انتقص أحدهم من كبريائه، أو تعلق الأمر بشرف الأمة أو كرامة الأرض، يموتون إذ لايكون بوسعهم أن يتحملوا كارثة اهتزاز الضمير، واضطراب بوصلة الشرف الانساني وحتى لا يفهم الأمرعلى نحو مغاير ، فأنا رجل مسلم، لا أهان في معتقداتي، كما أنني عروبي ، قومي، حتى الموت،ولاعلاقة للخنازير، بسياسة التفريط ودعاوى الاستسلام المهين، والانحناء المذل أمام موائد المفاوضات العقيمة فبغير الرسوم المتحركة، وأفلام الكارتون، أعتقد أن كثيراً من الشعوب العربية تجهل شكل الخنزير، أو لاتعرفه تماماً..أليس كذلك؟! إذن هل كانت ضمائرنا في إجازة،حينما انكفأ محمد الدرة في حضن والده مصوباً برصاصات الإسرائيليين، العنصريين الهمج، وهو في طريقه لشراء لعبة تشبع نهم طفولته؟! هل كان الشرف العربي في غيبوبة، وقد ثقبت رصاصة العدو الإسرائيلي بطن إيمان حجو الطفلة ذات الشهور الأربعة، بل إن ضمائرنا كانت معلقة في نعالنا صباح عيد الأضحى، حين اقتيد فارس عربي إلى حبل المشنقة نكاية في عيدنا، وسخرية من حجيجنا، واستهتاراً بصلواتنا، أيهما أفضل حالاً الشكولاتة في أوطاننا المقهورة.. أم الخنازير في اليابان؟!!