شهدت حالة المناخ والطقس خلال الفترة القليلة الماضية الكثير من التقلبات في درجة الحرارة وهبوب الرياح القوية المحملة بالأتربة والأمطار الغزيرة في مختلف مناطق الجمهورية ودول الخليج العربي بشكل عام بدءاً من إعصار جونو الذي ضرب السواحل العمانية وإيران ومروراً بارتفاع درجة الحرارة التي شهدتها مدينة عدن والتي تسببت في وفاة نحو 17 حالة من مختلف مديريات محافظة عدن ولاتزال تقلبات المناخ مستمرة حتى اليوم على مستوى محافظات الجمهورية.. ولأهمية موضوع الكوارث الطبيعية وإمكانيات بلادنا لمواجهة هذه الكوارث وأسباب التقلبات المناخية التي تحدث بين الحين والآخر نناقشها مع عدد من المختصين.. ظواهر طبيعية في البداية تحدث الأخ/ معروف عقبة رئيس الجمعية الجيلوجية بمحافظة عدن عن ما تشهده المنطقة من تقلبات كانت بدايتها إعصار جونو حيث قال : العالم يشهد خلال العقدين ظواهر طبيعية شبه استثنائية وقد تكون أسبابها معروفة وقد تنبه كثير من العقلاء والمتخصصين إلى مثل هذه التغيرات التي قد تتفاقم آثارها لكي تصبح آثاراً كارثية ومن هذه المسائل هي ما نتج أو تعاظم تأثيره نتيجة للممارسات التي يقوم بها البشر. أما مثل هذه الظواهر فقد شهدتها الأرض خلال تاريخ تكوينها وبالنسبة للتاريخ المدون للبشر هناك محطات أو أحداث كارثية طالت كثير من المواقع في كافة إنحاء المعمورة ولكن نتيجة لخصوصية موقع اليمن في شبه الجزيرة العربية كونها تحاذي خليج عدن والبحر الأحمر ، وهناك من المهددات الطبيعية التي قدر للبشر أن يعايشوها في هذه المنطقة وإذا قدر لنا أن نعيش في هذه المنطقة ونعتاش منها وننتفع من مواردها فلا أقل من أن نتنبه لمثل هذه الخصائص التي أعتقد خطرها.. كثير من المتخصصين والعلماء ، حددوا لها طريقة لمعايشتها ولا أدل على ذلك مما عمله الأجداد في اليمن مثل إقامة الحواجز والمنشآت المائية الكبرى في مأرب وصهاريج عدن للاستفادة من الدورات الاستثنائية للأمطار في هذه المنطقة التي شهدت خلال السنوات الأخيرة فترة جفاف ويقول بعض العلماء اننا نعيش في فترة دفيئة محدودة ويتوجب أن نتنبه إلى أن الممارسة العقلانية التي طبقها الاجداد أدت إلى الاستفادة من الموارد المائية.. وعندما تجرأ الإنسان على التعدي على هذه الاعتبارات البيئية والجيوبيئية بشكل عام تفاقمت خدة هذه الكوارث.. ودورات السيول التي شهدناها وكانت استثنائية مثل ماحدث في نهاية القرن العشرين من فبراير 1993م في محافظة عدن أدى إلى حدث لم تشهده عدن من قبل وكثير من المناطق اليمنية من دورات السيول 1982م و1996م.. وتطلب الوضع وقفة تقييمية جادة لإعادة النظر في استخدام الأرض وفي وضع ترتيبات لمعايشة هذه الدورات التي أصبح لابد من معايشتها. منطقة شبه مغلقة واستطرد الأخ/ معروف عقبة قائلاً : من معايشتنا لكثير من الأحداث والاطلاع على الدراسات المرجعية وجد أن هناك دورات استثنائية ، فبالنسبة للإعصار في هذه المنطقة وكيفية تكوينه واحتمال تكراره ومن لطف الله أننا في خليج عدن والبحر الأحمر نعتبر في بحار مغلقة نسبياً أو شبه مغلقة نسبياً مما يؤدي إلى أن هذه التكوينات الطبيعية الممتدة على الشواطئ الجنوبية والغربية لليمن تعمل ككواسر طبيعية لتيارات الريح وإضافة إلى تيارات المد إلا إذا نشأت إحداث زلزالية استثنائية في خليج عدن نتيجة التوسع. غياب الاستراتيجيات وأضاف الأخ/ معروف عقبه : هناك غياب واضح لاستراتيجية وطنية لمواجهة والتخفيف من الكوارث الطبيعية. فإذا قدر لنا أن نعيش في هذه الأرض فهناك من الدورات الطبيعية التي لابد من معايشتها أما فيما تخص الارصاد فهو عملية مراقبة مستمرة ، بل أن هناك مراحل في مواجهة التخفيف من الكوارث تبدأ بالتخطيط قبل الكارثة ومن ثم ماهي الاستراتيجية أثناء حدوث الكارثة وبعد الكارثة ، وهنا أتساءل : قد تحدث كارثة أكبر من قدراتنا وطاقتنا وأكبر دليل هو ما حدث في عمان رغم أنها دولة مخططة ومنظمة فيها تنظيم وارتقاء في الأداء كبير جداً إلا أن الكارثة فاقت قدراتهم والسؤال هنا .. إذا كانت الدولة مخططة ومنظمة وتطبف فيها اللاوائح والقوانين بشكل واضح ولا توجد تجاوزات مع سبق الإصرار في بعض الأحوال مثل ماهو حاصل في كثير من المواقع التي حذر منها الخبراء والجهات الرسمية مثل هيئة المساحة الجيلوجية والهيئة العامة لحماية البيئة بخصوص سوء استخدام الأراضي والاعتداء على محاور السائلات والبناء في منحدرات الجبال والبسط على مناطق ذات الخصوصية الطبيعية التي ممكن أن تمتص وتخفف من هذه الكوارث. لاتوجد مناطق ريواء كما تساءل المهندس/ معروف عقبه : هل توجد هناك مناطق إيواء إذا قدر أن تحصل كارثة فوق قدراتنا . لكن للأسف الرهان على عدن في استخدام الأراضي وهناك إصرار للأسف ، فما ذا سنعمل.؟ هناك مشروع عاجل بتمويل مباشر من رئاسة الوزراء حول إعداد خرائط لمخاطر الغطاء الصخري ونجد أن هناك من الأراضي ما يصرف تحت الغطاء الصخري بل تنحر منحدرات الجبال. فماذا نتوقع إذا كانت الكارثة في درجة معينة تتعاظم آثارها عندما يتم سوء استخدام الأرض والاعتبارات الجيوبيئية في هذه المسائل واضحة جداً. سوء استخدام الأراضي وأضاف الأخ/ معروف بالقول : هناك من القوانين النافذة التي يتم تجاوزها مثلاً قانون البناء يحدد في بعض المناطق الساحلية أن لا يتم البناء على مسافة أقل من 300 متر من أعلى مد ونجد للأسف أنه مع سبق الإصرار والترصد وإلى اللحظة يجري البناء في مناطق في البحر نفسه بل أن مداخل الميناء في بعض الأحيان قد تكون مهددة نتيجة للتراكم الرهيب بدون عمل دراسات تقييم أثر بيئي لاستخدام الأرض. ألا توجد هناك متنفسات وأراضِ أخرى لأقامة كثير من المشاريع الاستراتيجية؟ ولذلك نحن ندخل في بعض الأحيان إلى أننا نهدد جهود التنمية السابقة من خلال سوء استخدام الأرض. وهذه المسألة في اعتقادي بأن على جميع العقلاء التنبه لها والمسئولية لا تقع على عاتق فرد من الأفراد وإنما على كل الجهات. وأعتقد أن دور السلطة المحلية مهم جداً بحيث لا تفرض أي مشاريع من جهة مركزية دون معرفة خصائص الأرض في المناطق المحددة. التنبؤات الجوية الأخ/ عبده أحمد المقالح وكيل المركز الوطني للإرصاد الجوي قطاع الإرصاد أشار في حديثه إلى مهام المركز حيث قال : مركز الارصاد يعنى بنوعين من الأنشطة النشاط الأول هو التنبؤات الجوية قصيرة الأمد. والجانب الآخر للإرصاد هو التببؤات المناخية التي تعني بها الإدارة العامة للمناخ في قطاع الإرصاد في الجمهورية اليمنية. فهناك الكثير من الأسباب التي نستطيع أن نتنبأ بحدوثها في حالة توافر المعلومات المناسبة من أراضي الجمهورية اليمنية والدول المجاورة باعتبار أن الغلاف الجوي كيان لايتجزأ فيما يحدث في أي دولة مجاورة لبلادنا سوف ينتقل بالتأكيد تأثيره الينا والعكس صحيح. القياس لا التخمين فالأرصاد الجوية نشاط ذو تخصص عالِ يعتمد على القياس وليس على التخمين أو الخطاب العام حيث إن القياسات تتم في هذا الجانب منذ أكثر من 40-50 عاماً لكن هذا القياس لا يصبح ذات جدوى وفائدة إلا عندما ينظر اليه بمعيارين زمنيين: المعيار الأول هو الامتداد القصير الذي ينتمي إلى التنبؤات الجوية بأحوال الطقس من يومِ إلى آخر.. والمعيار الثاني هو الدورات المناخية التي تحدث بين فترات مترابطة ولكن عنصراً من عناصر الطقس له دورته الخاصة به ، هناك دورات مناخية قصيرة وهذه تكون عادة كل عشرة أعوام. وعناك أيضاً دورات مناخية متوسطة تحدث كل ثلاثين عاماً ودورات طويلة تكون كل 100 عام فالدورات التي يستطيع مركز الإرصاد التنبؤ بها هي التي تدخل ضمن سلسلة المعلومات منذ بداية التسجيل. توسع بمكاتب الارصاد وأضاف الأخ/ المقالح : هناك توسع كبير في مكاتب الإرصاد بحيث تشمل كافة محافظات الجمهورية لرصد كافة التغيرات التي تحدث من المتر الأول من سطح الأرض حتى نهاية الغلاف الجوي وتقديم هذه المعلومات إلى الجهات المستفيدة والمواطنين من خلال شبكة رصد سطحية وشبكة أخرى بحرية منصوبة على شواطئ البحار وفي مرتفعات مختلفة لتقوم بتسجيل كافة التغيرات الجوية بالإضافة إلى إجهزة الرادار التي ترصد في نفس اللحظة. إمكانياتنا كبيرة كما أن لدى المركز الوطني للإرصاد الجوي إمكانيات كبيرة فيما يتعلق بالرصدوالتنبؤ بحدوث الإعاصير على سبيل المثال فما حدث من إعصار جونو فقد استطاع المركز رصد الاعصار منذ نشأته قبل أن يعلم عنه بأيام حيث كان على هيئة خلية من سحب صغيرة جداً في وسط المحيط الهندي وتمت متابعة تطوراته حتى النهاية.. لذلك فإن عمل المركز يتم بواسطة إدارة رقمية 100% تمتلك كافة الأجهزة والمعدات الحديثة حيث إن المعلومات تصل إلى المركز كل 15 دقيقة من الاقمار الصناعية التي تغطي الجمهورية اليمنية كاملة وتصل معها تقارير من المحطات الأرضية المنتشرة في الجمهورية كل ما دعت الضرورة ومن ثم يتم توصيل هذه المعلومات الى الجهات المعنية. لايوجد تنسيق الأخ/ مطهر السراجي مدير الأمن البحري بمصلحة خفر السواحل أشار بالقول : ينبغي أن يكون هناك تنسيق بين كافة الجهات ذات العلاقة من مواجهة الكوارث وتوفير الإمكانيات اللازمة ووضع خطط عملية بحيث تحدد مهام كل جهة. أما فيما يتعلق بمهام حفر السواحل في هذا الجانب فإن هناك دوريات مستمرة في السواحل والمنتديات والمنتجعات السياحية في سواحل عدن على وجه التحديد خاصة في مواسم الرياح للتوعية بمخاطر السباحة في هذه الأوقات.. وكما يعلم الجميع فإنه على الرغم من حداثة نشأة مصلحة خفر السواحل حيث لا يتجاوز عمرها أربع سنوات إلا أنها حققت إنجازات كبيرة جداً وقامت بإنقاذ الكثير من الغرقى وتتلقى الكثير من نداءات الاستغاثة من السفن التي تعبر المياه الإقليمية لبلادنا ومع ذلك فلا تزال الامكانيات ضعيفة ف يهذا الجانب باعتبار أن البحر بحاجة إلى إمكانيات تفوق الإمكانيات المتوفرة ومع ذلك فانه يتم الاعتماد الكلي على الامكانيات الوطنية.. بالإضافة إلى المساعدات المقدمة من الدول الشقيقة والصديقة ، وهذه بحد ذاتها تشكل جزءاً ضئيلاً من الامكانيات المطلوب توافرها بالنسبة لخفر السواحل أو القوات البحرية.