تتجلى أهمية إشراك المجالس المحلية في صناعة السياحة في اليمن من عدد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تعود على المجتمع وعلى اقتصاد الدولة ، كما تنبع من معوقات ينبغي التعرف إليها والعمل على تجاوزها. فما هي تلك المعوقات؟ يمكن رصد أهمها في التالي: إن استبعاد أو ضعف دور المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة يؤدي إلى ضعف تنمية السياحة على النحو المرج، لأن سيطرة المركز على عملية تطوير صناعة السياحة في المحافظات لايتيح التعرف على إمكانات التطوير ولا إلى الوسائل المناسب للتطوير، وبالتالي إلى حاجات المجتمعات المحلية في التنمية أو إشراكها في منافع تلك التنمية. إن استبعاد أو ضعف دور المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة يؤدي إلى سيطرة المركز الذي يقود إلى روتين معقد وأداء إداري ومالي بطيء وضعف في التمويل يؤدي بالضرورة إلى تعطيل أكثر في القدرات الفنية التي تتوفر عليها، وتبديد كثير من الجهود وأوقات عمل وصرف أموال أحياناً في غير محلها، وذلك يجعل الضعف في تطوير صناعة السياحة واضحاً والأداء متعثراً. إن استبعاد أو ضعف دور المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة يمنع تطوير كثير من مشروعات البنية التحتية والمشروعات الموازية، والصناعات الأخرى ذات الصلة كالصناعات الحرفية التقليدية، والأغذية المحلية أوالنشاطات الترويحية التي تعود بالمنفعة على الزائر والسكان المحليين. إن استبعاد أو ضعف دور المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة يؤدي إلى شحة الموارد المحلية ممايؤدي بدوره إلى ضعف تنمية المجتمعات المحلية وتحقيق منافع اقتصادية واجتماعية متزايدة للمجتمعات المحلية وبالضرورة للمجتمع اليمني كافة. إن استبعاد أو ضعف دور المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة لايتيح بالضرورة تحقيق الاستثمار المحلي «المجتمعات المحلية» في مشروعات سياحية صغيرة أو متوسطة تساعد على تشغيل أيادٍ عاملة أكثر لتستفيد من ذلك التشغيل وتساعد في تقليص حجم البطالة. أما الفوائد المتوقعة والمنطقية من إشراك المجالس المحلية في عملية تطوير صناعة السياحة في اليمن فيمكن رصدها جوهرياً فيمايلي. تجاوز العقبات الناشئة عن روتين الإدارة المركزية لتطوير السياحة وإشراك المحليات في التخطيط لصناعة السياحة وتنفيذ البرامج السياحية. تحديد مجالات الاستثمار السياحي نوع الاستثمار في المحافظات إستناداً إلى معرفة ملموسة للموارد السياحية فيها، ومتطلبات المجتمعات المحلية من السياحة والتشغيل وبالتالي توسيع نطاق الاستثمار السياحي المحلي وغير المحلي نحو تطوير صناعة السياحة باليمن. تحقيق أداء إداري ومالي أسرع وزيادة في تمويل المشروعات السياحية بسبب تزايد عائدات السياحة في تلك المحافظات. تزايد المنافع الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية بسبب تحقيق المزيد من التطوير في المحافظات للتنمية السياحية. تحسين البنى التحتية والخدمات الاجتماعية العامة للمجتمعات المحلية. تحقق التطوير والمشاركة الفعّالة للمجالس المحلية يؤدي بالضرورة إلى تطوير صناعة السياحة باليمن، وتطوير أداء المجالس المحلية في العمل السياحي، وبالتالي تحقيق موارد وعائدات إضافية لتنمية الاقتصاد الوطني. وكل ذلك يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي اللذين يؤديان إلى استقرار سياسي. ثانياً: إمكانات إشراك المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة عند العودة إلى قانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية الصادر بتاريخ 21/أغسطس/2000م سنرى في الباب الثاني «مهام واختصاصات وصلاحيات الوحدات الإدارية» الفصل الأول «مهام واختصاصات المجالس المحلية» إن القانون يقول في المادة «3»: «إقتراحًا ودراسة وإقرار مشروعات خطة التنمية للوحدة الإدارية وموازنتها السنوية..الخ». كما يقول في المادة «4»:« دراسة الإحصائيات والمعلومات وإجراء المسوحات الميدانية للتعرّف على أولويات التنمية في الوحدة الإدارية ولأغراض تقييم المشاريع فيها» ويقول في المادة «5» تشجيع قيام المشاريع الاستثمارية واتخاذ التدابير الكفيلة بمعالجة الصعوبات المعيقة للاستثمار». ويقول في المادة «13»: «تشجيع إنشاء الجمعيات التعاونية النوعية بمختلف أشكالها، وكذا الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والمهني والإبداعي وتقديم التسهيلات لها». ثم يقول في المادة «15»: تنشيط السياحة وتشجيع الاستثمار السياحي واتخاذ التدابير اللازمة لحماية الآثار والمناطق الأثرية ومنع الاعتداء عليها. مماسبق يتضح أن قانون السلطة المحلية يتيح إلى حد كبير إشراك المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة باليمن فأين تكمن المشكلة إذاً؟ تكمن المشكلة كما نرى في أن المركزية من الناحية العملية تجعل مكاتب وزارة السياحة في المحافظات ضعيفة الأداء تقريباً، ولعل السبب الآخر يكمن في ضعف التمويل. كما يعود إلى عدم التعرف بدقة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه المجالس المحلية في الاشتراك الفعّال في عملية تطوير صناعة السياحة أو الآلية الفعالة بعمل تلك المجالس. ولعل واحدة من أهم النقاط السلبية الواردة في قانون السلطة المحلية هي النقطة «ب» من المادة رقم «11» القائلة: «لايجوز للمجالس المحلية على مستوى المحافظات والمديريات التعامل أو الاتصال المباشر بأي من المنظمات أو الهيئات الأجنبية إلا عبر الأجهزة المركزية المختصة وبالتنسيق مع الوزارة كما لايجوز لها قبول أية تبرعات أو هبات أو مساعدات من هذه الهيئات والمنظمات إلا عبر الأجهزة المركزية المختصة». وهي نقطة تعوّق إمكانية مشاركة المجالس المحلية مشاركة جدية في عملية تطوير وتنمية السياحة في المحافظات ،كما تعيق إمكانية توفير الدعم المالي والفني المطلوب للتنمية المحلية. وهنا أيضاً نرى الروح المركزية تطل برأسها كواحدة من أهم عوامل ضعف التنمية في المحافظات. إذاً قانون المجالس المحلية أو السلطات المحلية يتيح إلى حد كبير إشراك المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة باليمن، ولكنه لايتيح ذلك تماماً كما أن طريقة إدارة عملية التنمية السياحية اعتماداً على المركز تشكل عائقاً في وجه إشراك المجالس المحلية في عملية تطوير صناعة السياحة في المحافظات التي تعني في نهاية التحليل تطوير صناعة السياحة باليمن. ثالثاً: مشاركة فعالة للمجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة غني عن القول إنه إذا تم تحقيق مشاركة فعّالة للمجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة باليمن، سنكون قد حققنا خطوة جدية نحو النهوض بصناعة السياحة اليمنية وفي رأيي أن تحقيق نهضة حقيقية للسياحة في اليمن له أسباب مختلفة، منها إشراك المجالس المحلية في التنمية السياحية، ومنها المشاركة الفعالة في تنفيذ الخطط والبرامج السياحية. فكيف يمكن تحقيق مشاركة فعالة للمجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة باليمن؟ عند النظر إلى التجربة المغربية في تطوير صناعة السياحة وهي تجربة ناجحة وقد علمت أنهم أعادوا النظر في تجربتهم السابقة بالأستفادة من أسلوب تركيا في تطوير صناعة السياحة وحققوا على ضوء ذلك نجاحات متزايدة فإن التجربة المغربية تُعنى كثيراً باشراك المجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة بالاضافة إلى الجمعيات المحلية والقطاع السياحي الخاص. فإذا تجاوزنا البناء الهيكلي لوزارة السياحة المغربية والتشريعات الخاصة بتنمية السياحة وهي موضوعات مهمة وأساسية لتطوير صناعة السياحة لأنه ليس هنا مجال الحديث عنها وربما تحدثنا عنها في موضع آخر فحسب التجربة المغربية يكون هناك مندوب أو ممثل مشارك لوزارة السياحة، وبحسب التسمية اليمنية، مدير مكتب وزارة السياحة، في كل محافظة في المجلس المحلي للمحافظة وتناقش فيه جميع مشروعات التنمية المتعلقة بالسياحة في المحافظة وجميع تلك المشروعات يجب أن يوافق عليها بالإجماع فإن اعترض عضو من أعضاء المجلس يسقط المشروع، لذلك عندما يقر استثمار أو تنمية مشروع سياحي في المحافظة تكون جميع الجهات الأخرى ذات العلاقة الممثلة في المجلس ملزمة بإنجاز جميع متطلبات تنفيذ المشروع، ويدخل ضمن ميزانية خططها للتنمية، فوزارة الكهرباء مثلاً ملزمة بتوفير الكهرباء للمشروع، ووزارة المياه ملزمة بتوفير المياه للمشروع، ووزارة الأشغال ملزمة بإيصال الطريق إلى المشروع..الخ. وإذا أخذنا مثلاً نمط تنمية السياحة القروية فإن وزارة السياحة المغربية تضع اتفاق شراكة بينها وبين جمعية البيئة والتنمية في المحافظة أو المنطقة وبين أحد السكان المحليين لإصلاح منزله وتحويله إلى «مأوى محلي» وبالطبع تقع على كل طرف التزامات يجب الوفاء بها،ومنها التزام صاحب المأوى في الانخراط «بجمعية أصحاب المآوي» وهكذا تشترك جميع الأطراف المحلية في تنمية وتطوير نمط السياحة المناسب لكل منطقة أو محافظة بحسب مواردها السياحية. وفي اليمن بحسب المعطيات الحالية للسياحة وأسلوب تطويرها نرى أنه يمكن تحقيق مشاركة فعالة للمجالس المحلية في تطوير صناعة السياحة في المحافظات على النحو التالي: 1 إجراء المسوحات الميدانية لمعرفة إمكانات الساحة أو الموارد السياحية في المحافظة من خلال توفير معلومات دقيقة ومفصلة، وتحديد نمط السياحة الذي ينبغي تنميته، وتحديد فرص الاستثمار السياحي التي تتوفر عليها المحافظة، وتحديد أولويات التنمية. 2 تطوير استراتيجية فرعية للتنمية السياحية في المحافظة بالاشتراك مع القطاع السياحي الخاص وترفع إلى وزارة السياحة لدراستها وإقرارها وتضمينها في الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية باليمن. 3 وضع خطط خمسية لتنمية وتطوير صناعة السياحة في المحافظات ورفعها إلى الوزارة لدراستها، ثم إقرارها وتضمينها الخطة الخمسية للوزارة التي تستهدف تنمية السياحة في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، استناداً إلى الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية. 4 مناقشة وإقرار خطة التنمية السياحية من قبل المجلس المحلي بعد تضمينها الخطة الخمسية للوزارة ورصد الميزانية لتنفيذها من موارد المحافظة، إضافة إلى دعم الحكومة والهبات والمعونات التي يمكن أن تتوفر من الدول والمنظمات الدولية والاقليمية والمؤسسات المالية المحلية. 5 إشراك القطاع الخاص السياحي المحلي في إعداد خطة التنمية السياحية في المحافظات ومساهمته فنياً ومالياً في تنفيذ خطة التنمية السياحية المحلية. 6 إنشاء الجمعيات التعاونية المحلية «جمعيات البيئة والتنمية» في جميع المحافظات وتمويلها للاشتراك بفعالية كطرف ثالث في مشروعات سياحية صغيرة ومتوسطة لصالح المحليين ومساعدتها في تنظيم أنشطتها وتظاهراتها ذات الطابع السياحي. 7 العمل على إزالة جميع الصعوبات المعوقة للاستثمار السياحي وتنفيذ خطة التنمية السياحية المحلية. 8 التركيز على توظيف المحليين في جميع مشروعات التنمية السياحية. 9 تدريب المحليين على جميع أشكال إدارة المشروعات السياحية وخدماتها المختلفة ومساهمة مكاتب الوزارة في حسن تسيير مؤسسات التأهيل والتدريب السياحي والفندقي المقامة في المحافظات. 10 المشاركة الفعّالة في دعم خطة التوعية السياحية في المحافظات وللمحليين. 11 منح أصحاب المشروعات السياحية الفردية أو الجماعية، الصغيرة أو الكبيرة فرصاً أكبر في التسويق والترويج للمنتجات السياحية المحلية «في المحافظات» بتوفير الدعم المطلوب واشتراك وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي مع المجالس المحلية بتوفير ذلك فنياً ومالياً. 12 مشاركة مكاتب وزارة السياحة في المحافظات مع المجالس المحلية في إعداد وتنفيذ برامج انعاش وتنشيط السياحة في المحافظات. 13 اتخاذ التدابير اللازمة من قبل المجالس المحلية لتشجيع الاستثمار السياحي في المحافظات وحماية الموارد السياحية فيها من أية أضرار يمكن أن تلحق بها وحماية المشروعات السياحية المنفذة. 14 وذلك كله بالطبع يجب تضمنه في الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية باليمن التي يجب أن تكون بعضاً من مبادئها المهمة، ويكون مفتاح التنمية فيها الشراكة بين الأطراف التالية: 1 وزارة السياحة. 2 القطاع السياحي الخاص. 3 المجالس المحلية. 4 منظمات المجتمع المدني أو الجمعيات التعاونية المحلية. الخلاصة: مما سبق يمكننا أن نخلص جوهرياً إلى جملة من المعالجات وبالأحرى الخطوات التي يمكن أن تساعد جدياً في تمكين المجالس المحلية «أو المجتمعات المحلية لافرق» من تطوير صناعة السياحة باليمن من خلال تطوير صناعة السياحة في المحافظات، وبالتالي إشراك المجالس المحلية في تنفيذ الخطط والبرامج السياحية وهي: أولاً: قيام المجالس المحلية وممثلة فيها وزارة السياحة بمدراء مكاتب السياحة في المحافظات بتنفيذ مسح ميداني علمي دقيق ومفصل لمعرفة الموارد السياحية المتوفرة فيها، وبالتالي معرفة نمط أو أنماط السياحة التي يمكن تنميتها في كل محافظة وتحديد فرص الاستثمار السياحي في كل محافظة. ثانياً: قيام المجالس المحلية بتطوير استراتيجية للسياحة في كل محافظة استناداً إلى المعلومات الدقيقة المتوفرة بناء على تنفيذ المسح الميداني، وتحديد أنماط السياحة فيها، وبيان فرص الاستثمار السياحي بالاشتراك مع القطاع السياحي الخاص والجمعيات التعاونية للبيئة والتنمية على أن تتضمن تلك الاستراتيجية طرق وسبل الاشتراك في التدريب للمحليين في جميع أشكال التنمية والخدمات السياحية، التوعية بأهمية السياحة في المحافظات، التسويق والترويج المحلي من قبل جميع الأطراف المحلية ذات العلاقة المباشرة بالتنمية السياحية، تنمية وتطوير الارشاد السياحي المحلي والمرشدين المحليين، وشراكة المحليين في التنمية السياحية،ورفعها إلى وزارة السياحة لمناقشتها وإدراجها ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية. ثالثاً: قيام المجالس المحلية بتحديد آليات تطوير السياحة في المحافظات وأساليب وطرق تنفيذ الخطط السياحية والبرامج السياحية بعد إقرارها وإقرار الاستراتيجية الوطنية من قبل وزارة السياحة والتعرف إلى مصادر التمويل المساعدة لتنفيذ تلك الخطط. رابعاً: اعتماد وإقرار الخطط بالتصويت من قبل جميع أعضاء المجلس المحلي كشرط لاقرار أي مشروع سياحي فيه لأن جميع الأعضاء ذوي العلاقة سيكونون ملزمين بتنفيذ جميع الأعمال المرتبطة مرصودة في خطط كل تلك الجهات ذات العلاقة من الناحية المالية ووقت التنفيذ. خامساً:إنشاء الجمعيات التعاونية للبيئة والتنمية في كل المحافظات وانضوائها في اتحاد خاب بها، لأنها ستكون الركن الثالث لاشتراك المجتمعات المحلية في التنمية السياحية واستفادتها المباشرة من تلك التنمية. سادساً:إقامة اتفاق شراكة بين كل من وزارة السياحة، الجمعيات التعاونية للبيئة والتنمية، الاتحاد اليمني للفنادق، مجلس الترويج السياحي والمحليين لتنمية مشروعات سياحية صغيرة كالمآوي المحلية «النزل البيئية» المشروعات السياحية الصغيرة الأخرى،والأنشطة السياحية المختلفة. سابعاً:البحث عن مصادر تمويل مختلفة لتمويل تنفيذ الاستراتيجيات الفرعية في المحافظات بعد اقرارها وتضمنها الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية، وتكون من مصادر مختلفة: الحكومة، الموارد المحلية، القطاع السياحي الخاص، المؤسسات المالية الوطنية، المنظمات الاقليمية والدولية والدول بعد تعديل النقطة «ب» من المادة رقم «11»، وفي قانون المجلس المحلي بما يعطي مرونة أكبر للمحافظات للحصول على الهبات وأشكال الدعم المختلفة من المؤسسات المالية والمنظمات الاقليمية والدولية والدول.