القلب السليم هو قلب المؤمن..فكما أن الأرض الصالحة للزراعة تتصف بأوصاف فكذلك قلب المؤمن «الذي قال الله عنه في سورة الشعراء «يوم لاينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم» فمن صفات القلب السليم إقباله على الحق ،الذي ينتج عنه معرفة الحق واتباعه،قال تعالى:«فبشر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب» الآيتان «17.18» سورة الزمر. والمؤمن صاحب القلب السليم يحب الحق ،وينشرح صدره لتعلم الإسلام،فيستحق بذلك هداية الله..وأما صاحب القلب السقيم فتراه يكره الحق،ويضيق صدره لسماع الإسلام، وبهذا يعرّض نفيه لعقاب الله له بإضلاله ،قال تعالى في سورة الأنعام:«فمن يُرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام،ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد في السماء» وحكى الله عن القلوب السليمة أنهم يستجيبون لدعوة الإيمان،ويحبون الازدياد من الإيمان،وأما ذوو القلوب المريضة فإنهم يصدون عن سبيل الله،قال الله تعالى عنهم في سورة ابراهيم« الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً أولئك في ضلالٍ بعيد» والإنسان ينسى،ولكن صاحب القلب السليم يتذكر فيبصر ولايعمى وأصحاب القلوب السقيمة تراهم في غفلةٍ لايؤمنون ..فإن ذكرت بعض الغافلين عن الآخرة ،فربما يقول له :أجئت لتعلمني الإسلام اليوم؟! وأنا مسلم خيرٌ منك؟!..فالمؤمن الذي وصل إلى اليقين صاحب قلب سليم،لأنه تفكر وتعلم وتذكر.. وهؤلاء تلين قلوبهم وجلودهم لذكر الله وآياته،فيما أصحاب القلوب القاسية يتكبرون ويعاندون ويجحدون الآيات والدلائل...ويتبعون كل شيطانٍ مريد، بلا تراهم يتبعون أهواءهم ويعبدون أنفسهم لغير الله،أما المؤمنون الحق فذو قلب سليم يلتزم الطاعة لربه ورسوله عليه الصلاة والسلام،ويسلك في هذه الدنيا في كل شأنٍ من شئونه طبقاً لكتاب الله تعالى،وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام،ملتزماً أمر الله القائل سبحانه«وما أتاكم الرسول فخذوه،ومانهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب» سورة الحشر ،الآية «7» فإذا اتصفت قلوبنا بالصفات الطيبة الواردة آنفاً،فعندئذٍ نكون من أهل القلوب السليمة الصالحةالتي تنبت فيها شجرة الإيمان،وتترعرع وتثمر الأعمال الصالحة،وإذا كنا لانجد في أنفسنا الأعمال الصالحة فإن ذلك يرجع إلى ضعف شجرة الإيمان التي نبتت في قلوبنا.والتي لم تستكمل بعد صفات الصلاح،ومالن نبادر بإصلاح مافي قلوبنا فلن يتغير شيء من حالنا مصداقاً لقول الله تعالى في سورة الرعد:«إن الله لايغير مابقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم» وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إلا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله،وإذا فسدت فسد الجسد كله،ألا وهي القلب» رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير ولن تصلح قلوبناإلا بنمو الإيمان فيها وتمكنه.