الفساد ظاهرة مذمومة عند جميع الديانات السماوية وعند جميع العظماء والشرفاء ،المؤمنين والصالحين،وهو آفة تأكل خيرات الشعوب ومواردها وثرواتها. والفساد ظاهرة منتشرة في كثير من شعوب العالم لكنه أكثر فتكاً في الدول المتخلفة لاسيما تلك التي يغيب فيها دور المؤسسات التربوية إلى جانب غياب القانون والضمير. والعلاقة بين التربية والفساد علاقة عكسية ،فكلما كانت هناك تربية ناجحة في مجتمع ما للأفراد والجماعات،وكلما قامت مؤسسات التربية بدورها التربوي الفعال ،كلما خفت درجة وحدة الفساد وأصبح علاجه ممكناً. إذ أن المفسدين هم قليلو التربية،فالتربية الناجحة تُربى أبناءها على حب الوطن والتضحية بكل غالٍ ورخيص في سبيل رفعته وشموخه وعزَّته. التربية الحقيقية تُعلمنا كيف تُحب لأخيك ما تحب لنفسك ،تعلمنا كيف نحافظ على ثروات الأمة ومصالحها ومنجزاتها،وتعلمنا عدم الغش«من غشنا ليس منا » وتعلمنا عدم العصبية وتعلمنا النهي عن المنكر وقول الحق لانخاف لومة لائم.. فالذين يحتكرون السلع ويرفعون أسعارها،ويعملون جاهدين على تجويع المواطنين فاقدين لكل مبدأ تربوي،والذين يعطون لأنفسهم الحق في أخذ أموال الوطن ونهب ثرواته ويعملون على إفشال برامج التنمية فيه هم فاسدون ولم يتم تربيتهم التربية الصحيحة. ولهذا أن الدول المتقدمة أول ما تهتم به في سبيل تقدمها وتطورها هو تربية الانسان بصورة أفضل ،فنجدها تهتم بمؤسسات التربية المختلفة وتوجيهها التوجيه السليم حتى يتم تربية الإنسان تربية سليمة،لأن الإنسان في النهاية هو وسيلة تنمية وهو السبب الرئيس في نجاح التنمية وتطور الأمم.. فإذا كان الإنسان الذي بيده مسئولية التطوير ومسئولية التخطيط وبيده المسئولية على ثروات الأمة ،لايحمل أية قيم تربوية فعلى الدنيا السلام. إن تقدم الدول وتطورها مرهون بيد أبنائها الشرفاء المتربين في مؤسسات تربوية تدعو إلى الفضيلة والخير وحب الناس وحب الوطن ،أما الفاسدون فهم ممقوتون من كل الناس وسيلعنهم اللاعنون طال الزمن أم قصر.