لاشك أن أغلبنا يعرف أن ظاهرة حمل السلاح"المسدسات..."(مختلفة الصنع والأشكال والأحجام) في أوساط الشباب انتشرت ووجدت منذ فترة الثمانينات حتى اليوم وبالذات في المناطق الشمالية والشرقية،إنما الملاحظ كان أن نسبة ضحاياها نادرة لأن من كان يحمل السلاح في تلك الفترة فئة معينة من الشباب الذين يعيشون حياة الترف حيث يقومون بحمل السلاح الصغير(مسدس) بغرض التباهي والتفاخر أمام زملائهم وأصدقائهم وإيهام رفاقهم بالقوة كي يعمل لهم حساب في التعامل معهم وغالباً ما تنتمي فئة هؤلاء الشباب إلى طبقة الأغنياء وأبناء المسئولين المدنيين والعسكريين، لذا كانت أضرار حمل السلاح ضئيلة في تلك الفترة للأسباب التالية: عدد السكان المحدود. - استتاب الأمن وضبط المخالفين وتنفيذ أقصى العقوبات القانونية والشرعية في حقهم دون مجاملات أو واسطات. - الوعي الوجود الذي كان يتمتع به معظم شباب تلك الفترة والمنتمين للعائلات الوسطية والأسر البسيطة. - محدودية ظاهرة الثأر في تلك الفترة.ولكن بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22/5/1990م بفترة طويلة خصوصاً أثناء وبعد حرب 94م،انتشرت ظاهرة حمل السلاح بين جميع فئات الشعب وفي جميع المدن والمناطق اليمنية نتيجة الهاجس الأمني بالرغم من القضاء على محاولة الانفصال الفاشلة في صيف 94م إلا أن ظاهرة حمل السلاح والمظاهر المسلحة ظلت كما هي في عواصم المدن وفي المناطق القبلية المحيطة بالمدن الرئيسة مثل صنعاء العاصمة السياسية للوطن وأيضاً بين جموع المرافقين لمسئولي الدولة وأعضاء مجلس النواب وغيرهم من قدوة المجتمع اليمني ورموز الدولة بشكل ملفت للنظر ومزعج للعامة من مثقفي وسكان صنعاء وغيرها من المدن الأخرى. الأمر الذي أدى إلى تأثر الشباب اليمني في صنعاء مثلاً بتلك الظواهر المسلحة السلبية ومحاولة الإقتداء بها في السنوات الأخيرة وذلك بسعي الشباب إلى اقتناء السلاح واعتباره رمزاً للرجولة أمام الآخرين بل أصبح موضوع اقتناء السلاح مع مرور الزمن بين صفوف الشباب اليمني أمراً عادياً وطبيعياً بفعل اعتقادهم بان حمل السلاح يقع ضمن العادات والتقاليد اليمنية الأصيلة تمامًاً"كالجنبية" التي يجب المحافظة عليها والتعامل معها كتراث وكثقافة عريقة. والحقيقة أننا لو قمنا بعمل مقارنة بين فئة الشباب وفئات المجتمع المحلية الأخرى من حيث تحديد الأسباب والدوافع الرئيسة التي أدت إلى حمل السلاح لوجدنا أن أبناء المجتمعات المحلية والمناطق القبلية لديهم أسباب حقيقية تتعلق بقضايا الثأر المنتشرة بينهم والمنازعات على الأراضي سواء في القرى أو المدن،وكذلك الحروب على الحدود وغيرها بالإضافة إلى عدم وجود الحلول الناجعة لها في حينها من قبل الدولة ممثلة بأجهزة القضاء والأمن. وأما عن دوافع وأسباب حمل السلاح لدى فئة الشباب فهي ليست على ذلك القدر من الأهمية والمكانة كونها مرتبطة بقضايا طيش الشباب ونزعة الرجولة لديهم ،وطموحهم الجامح الذي يدفعهم إلى اقتناء أشياء تشعرهم بالتفاخر والزهو رغم علمهم بخطورتها على حياتهم ومستقبلهم لكنهم مع ذلك يصرون على حمل السلاح حيث أصبح بالنسبة لبعضهم كموضة يتباهى بها والبعض الآخر كعادة يقلدون بها أباءهم وآخرون ليعطيهم الإحساس بالرجولة والكمال وعند البعض هيبة أمام الناس وتفاخراً بأن فلان من الشباب لديه سلاح نوعه كذا،وقيمته كذا،وآخرون يحملونه لترويع الناس وترهيبهم في الطرقات وفي أماكن عديدة،وثمة اعتقاد يسري في أوساط الشباب"أن من لا يحمل سلاحاً يعتبر ناقصاً في نظر الآخرين من أهل القبيلة أو المنطقة التي يسكن فيها إلى جانب الجنبية- التوزة- العسيب" من يتفاخر الشعب اليمني بها. هناك كثير مشاكل يسببها حمل الشباب للسلاح ومتنوعة على سبيل المثال هي: - في حالة الخلافات البسيطة تكون سبباً سهلاً في إراقة الدماء. - المزاح بين الشباب بسلاح"المسدسات"أدى إلى حدوث الكثير من الضحايا ومنهم"أقرب الأصدقاء" نتيجة لجهلهم بعواقب المزح بالسلاح. - بعض الشباب يقتني السلاحاً ويقع في مشاكل لم يكن يتوقعها نتيجة جهله بكيفية استخدامه. - هناك من الشباب من يعتبر حمل السلاح زينة كالجنبية. - بعض الشباب الذين يحملون السلاح بصورة مستمرة تأتي لحظات سهو ويضع السلاح في متناول إخوانه الصغار وهو غير"مؤمن"فيأخذ الطفل السلاح ويضغط الزناد لتحدث الكارثة في الأسرة. - بعض القبائل التي لديها قضايا أو مشاكل ثأر تلجأ إلى حمل السلاح وعندما يدخلون إلى المدن بالسلاح يقوم أبناء وشباب المدن بتقليدهم وهم يجهلون أن لدى هؤلاء دوافعاً لحمل السلاح. لذلك نرى ويرى الجميع أن حمل السلاح في هذا العصر ظاهرة غير حضارية وخاصة في زمن سادت فيه القوانين وحكم مؤسسات الدولة التي ترعى الجميع ويستظل البشر بشكل متساو في ظلها وعندها ستختفي مثل هذه الظواهر السيئة لأن العدل والأمن والسلام سيعم الجميع ولن يفكر أحد في حمل السلاح و الاستعراض به لأن الدولة ستكون حاضرة في كل وقت وحين،تأخذ حق المسكين من المتنفذ وترعى الضعيف أمام القوي وتصون أرضه وكرامته وعرضه وعندها أيضاً لن يبقى أثر لتلك الأسباب التي حدت بهؤلاء الشباب وغيرهم إلى حمل السلاح،نأمل ذلك في دولة المؤسسات المطلوبة.