"كامل الشرعبي" شاب تفتحت عيناه على الدنيا في سنوات ما كان يعرف بأحداث المواجهات مع "الجبهة" في المناطق الوسطى وفي شرعب .. يقول كنا نشاهد جميع من حولنا في القرية مدججين بالسلاح الذي لا يقتصر أمره فقط على الحماية ومواجهة الخارجين عن سلطة الدولة وإنما كان محور حديث الجلسات والمقايل لجهة التفاخر والتباهي بأجود أنواع "الكلاشينكوف" و"المسدس". ويرى "كامل" أن السلاح اليوم لم يعد مظهرا للزينة والرجولة والتفاخر وأن جيل اليوم إستبدل الكلاشينكوف المحمول على الكتف بجهاز الكمبيوتر المحمول على الكتف وإستعاض المسدس الذي كان يضعه في غمد مصنوع من الجلد على "عسيب" الجنبيه بالتلفون المحمول في غلاف من الجلد على نفس العسيب وعادة في نفس المكان على الجانب الأيمن أو الأيسر. الكثير من الشباب اليمني اليوم يشاطر "كامل" نفس الرأي ومن هؤلاء فهد الشميري (23عاما) الذي يقول :في مطلع التسعينيات من القرن الماضي وكنت حينها في الثامنة عشرة من عمري تزوجت كما هو الحال في الزواج المبكر لكثير من أقراني في تلك الفترة .. وقبل الزواج كان الوالد قد أشترى لي مسدسا حتى البسه واظهر من خلاله بأني قد صرت رجلا كامل الرجولة وفي سن الزواج. ويضيف فهد مبتسما: الغريب انه بعد أسبوع من الزواج وبحسب ما تقتضي تقاليد الأعراس عندنا من زيارة أهل العروس والمقيل عندهم تركت المسدس بجانبي في وقت (التخزين) وغادرت مبكرا دون أن آخذ معي المسدس فما كان من أهل الزوجة الا أن أرسلوه معها فخجلت وقررت أن لا أحمله أبدا وقبل سنوات بعت هذا المسدس واشتريت بدلا عنه تلفون سيار (فاخر). وليس فهد وحده من باع المسدس الذي تفاخر به عند زواجه ليشتري بدلا عنه تلفون سيار كخدمة تواصل ومظهر من مظاهر التباهي والتفاخر اليوم إذ أن محمد عبدالله (طالب جامعي) يدرس في أحدى الجامعات الأهلية يقول أن والده لم يتردد عن بيع ثلاثة آليات (كلاشينكوف) من الأنواع القديمة والغالية والمعروفة بجودتها من أجل أن يشتري لابنه الطالب الجامعي جهاز كمبيوتر محمول (لابتوب) للاستفادة منه وكجزء من فخره بولده وتباهي الولد بين أقرانه في الكلية وفي القرية. وإذا كان الشباب اليوم في المدن لا يستطيعون حمل السلاح جهاراً بسبب الإجراءات الصارمة التي تتخذها الأجهزة الأمنية فان الشباب في القرى مع تزايد الوعي لم يعد يفتخر بحمل السلاح والتباهي به ويقول مصطفى محمد (29 عاما) وهو مغترب في الخليج: كان المغتربون في الماضي كما هو الحال والدي ما أن يعودون إلى القرية حتى يتها فتون على شراء أحدث أنواع المسدسات والكلاشينكوفات من المكروف والروسي والأمريكي وغيره أما نحن اليوم فنعود من الغربة لنتفاخر بأحدث التلفونات الجوال وأنواعها المطورة وأحدث النغمات وخدمات الكاميرا والتسجيل وغيرها. وإزاء هذه الرؤية المتقدمة للشباب اليمني اليوم سقطت دعاوي القائلين بأن السلاح هو جزء من شخصية الإنسان اليمني ومظهر من مظاهر التفاخر والزينة وبالتالي سقطت أحدى الذرائع التي كان يستخدمها البعض للحيلولة دون إجراءات صارمة تضبط حمل وحيازة السلاح. وإذا كان السلاح اليوم لدينا ليس سلاحا للزينة والمظهر والتفاخر، فهل هو سلاح لمقاومة دولة النظام والقانون ومقاومة جهود بسط الدولة لسيادتها وهيبتها أم أنه سلاح يقاوم الحقوق المشروعة للمواطنين الذين تخطف قوة الرصاص أرواحهم قبل أن تستعيد قوة القانون لهم حقوقهم سواء في مشروع أو عقار أو أرض أو قضية خلافية!!.