بكثرة هذه الأيام نرى أن التلفونات النقالة قد إنتشرت إنشاراً واسعاً بين صفوف الشباب حتى صار تسعة من عشرة شباب يملكون تلفوناً سياراً أو نقال أو جوال!! مهما إختلفت تسمياته . الهاتف النقال شيء لابد منه في التواصل مع الآخرين وكاد أن يكون مطلباً ملحاً لكل الناس عامة والشباب خاصة.. ولكن تعددت ألوان وأشكال التلفونات النقالة وضهرت إبتكارات وتصميمات وخدمات جديدة وكل جهاز يمتاز عن الآخر بميزة يختص بها .. يسعى الشباب دائماً للحصول على تلفون نقال كأول شيء لهم عند حصولهم على مبلغاً مالياً محترماً بل يقدمون التلفون على كل متطلباتهم اليومية . ويسعى نوع آخر من الشباب للتماشي مع التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا فكل ما ظهر موديل جديد إستغنى عن هاتفه الأول وصار لا يطيق أن يراه ويُسخِّر كل إمكانياته للحصول على هذا النوع الجديد من الهاتف.. ومازالت الشركات تعمل على إنزال الجديد والأجدد في عالم التلفونات ليس خدمة لنا ولكن بالأول والأخير لحاجة في نفسهم فدخلهم مقابل هذه التلفونات قد تغني كل الشعوب الفقيرة ومن بينها اليمن . غرائب وعجائب هي قصص الشباب مع تلفوناتهم النقالة .. فلم يعد التلفون يستخدم للإجابة عن المكالمات ولكنه تحول إلى جهاز حاسوب بشكل مصغر وجهاز تلفاز ومن يدري كيف سيصبح في قادم الأيام ؟؟ (( علاء العبسي )) صديقي وجاري أبوه من ذوي الدخل المحدود وهو أيضاً لا يعمل في شركة ولا مصلحة حكومية ولا وزارة ولكنه مازال طالباً في الجامعة وحالته كحالة هذا الشعب يوم له ويوم عليه .. هذا (( علاء )) إشترى منذ فترة ليست ببعيدة جهازاً وذلك لكثرة ما يطلبه من اصدقاؤه كي يتواصلوا معه عند الحاجة إليه .. ولكن بعد أيام باع جهازه واشترى آخر أحدث من السابق.. وماهي إلا أيام وقد باع جهازه الجديد وأبدله بنوع أحدث من الثاني.. أنقطعنا في فترة الامتحانات الجامعية وإلتقينا بعدها وإذا بي أجده يملك جهازاً جديداً فسألته أين جهازك الأول ؟ قال بعته وأخذت هذا الجديد فالأول خلاص انتهت موضته..! لم أصدق ما سمعته فدار برأسي سؤال من أين حصل على النقود ؟؟ ولكنه رد علي سريعاً قبل أن أسأله وقال (تدبرت) معي فلوس وبعت الأول على طول..! ليس علاء فقط من يتماشي مع (الموضة) فهناك كثيرون جداً يأخذون هذه الموضة كعادة لهم يتفاخرون بها على من هم أقل منهم مستوى .. سألت بعض الشباب : لماذا تغير هاتفك النقال عندما يأتِي نوع جديد من الهواتف ؟؟ فكانت الردود على هذا السؤال مضحكة تارة .. وغريبة تارة أخرى .. وسخيفة في بعض الأحيان .. فهذه كانت ردود بعض الشباب ولكم الحق في الحكم عليها. زنط وتفاخر.! محمد أبو الفضل أحمد كنت في فترة من الفترات أجده بين اللحظة والأخرى حاملاً لنوعاً جديد ومتطور من النلفونات ودائماً يتفاخر علينا بجهازه الجديد الذي يملكه .. ولكنه في الفترة الأخيرة تخلى عن مماشاته للتقنيات الحديثة للتلفونات النقالة وظل فترة كبيرة على هذه الحالة الجديدة.. ولكنه ما لبث أن عاد إلى عادته القديمة وها هو الآن يحلم بامتلاك ذاك النوع الجديد من التلفونات ويجتهد بامتلاكه عن طريق شرائه بالتقسيط نظراً لقيمته العالية .. وعندما سألته لماذا تريد ذاك الهاتف قال لي بابتسامة (حالِم) : أريده للزنط والتفاخر ولكي يكون لي هيبة عندما يدق تلفوني.! انفراد في الملكية.! بسام يوسف يحكي عن قصة امتلاكه تلفون فيقول : شراء تلفون لي لم يكن على البال ولا على الخاطر.. ولكني في يوم عثرت على تلفون (عادي) في حديقة السبعين فراودني شعور بامتلاكه.. فاستحوذت عليه ووجدتني أتماشى مع (الموضة) وخصوصاً وأنني قادم على الدراسة الجامعية قلا أريد لأحد أن يمتلك تلفوناً كتلفوني وإن حصل فسأغيره لأشتري غيره لأكون منفرداً بما أملك.! خاص ومميز.! عبير محمد وجدتها تتكلم بتلفون غريب جداً في إحدى الجامعات فدفعني الفضول إلى انتظارها حتى تكمل حديثها فإنتظرت طويلاً وما إن أغلقت السماعة حتى توجهت إليها مسرعاً فأخبرتها بما أجمع من أقوال عن مواكبة الشباب لتكنولوجيا الهواتف وسألتها لماذا تملك هذا النوع بالذات من الهواتف رغم "كِبره" فقالت : أنا طالبة في الجامعة , وبما أني هنا لابد أن أملك تلفون من نوع خاص ومميز حتى لو كان كبيراً لا يهم المهم أنه معي أنا فقط.. (تضحك وتذهب من أمامي) شاشة واضحة وبلوتوث.! صالح الشميري من أوائل الشباب الذين يملكون تلفون ممن أعرفهم ودائماً ما يواكب التظورات التكنولوجيه في الهواتف النقالة رغم امكانياته المتواضعة .. وعن سر تغيير تلفونه الجديد بالقديم قال : لأني أريد تلفون يكون ذا شاشة كبيرة بسبب ضعف نظري .. وبلوتوث كي أتراسل أنا واصدقائي في لحظات المحاضرات المملة في الجامعة.! غريب جداً..! عبدالله فيصل الصعدي يملك تلفون "جديد جداً" وسعره يكاد يكون "غالي جداً" ولكنه لم يشتريه من أجل البلوتوث أو الشاشة العريضة أو الصوت النقي .. ولكنه اشتراه لغرض "خاص جداً" وغرضه كما يرويه : أريد أن يراني الناس وأنا أحمل هذا النوع من التفونات لكي يقال عني أملك تلفوناً جميلاً وصوته "عالي جداً"..! دلع بنات.! سمية ناجي طالبة في إحدى المعاهد اليمنية تملك تلفوناً معروفاً ولكنه من النوع الغالي سألتها لماذا اشتريتِ هذا النوع بالضبط من التلفونات ولم تشتري غيره فكان ردها بكلمتين فقط : كي أتدلع..! وللذكور دلع أيضاً.! عارف عبدالباري طالب في جامعة صنعاء يملك تلفون من نوع جديد .. به كل المواصفات المرغوبة .. فسالته عن سر اختياره لهذا التلفون بالذات فقال بكل مياعة : كي أقهر كل البنات في الجامعة..! السبب هو القات.! أحمد علوان العزعزي يتهم القات بأنه السبب الأول لتغير هاتفه فأسرد قائلاً : كنت في يوم من الأيام أملك تلفوناً (عادياً) وفي جيبي مبلغ من المال كنت قد استلمته من صاحب العمل الذي أعمل معه .. وفي ذلك اليوم اشتريت (كيس قات) وتوجهت إلى منزل أحد الأصدقاء قاصداً (القيلة) وفي منتصف (التخزينة) أتاني هاجس يقول لي بما أنك تملك نقوداً لا بأس بها لماذا لا تشتري تلفوناً مطور كأصدقائك الذين بجوارك؟ فذهبت حينها بدون تأخير واشتريت بكل النقود "هذا" التلفون .. وأجزم بأن هذا من أعمال القات لا بارك الله به .! وللوضع سبباً أيضاً.! وائل المقرمي يشكو في كلامه امتلاك تلفون مطور فيقول : لست أرغب في مواكبة التقنيات الحديثة للتلفونات النقالة ولكن التطورات الحالية ترغمني على مجاراتها فإذا لم أتماش معها فمؤكد أني لن أقوى على الصبر للتماشي معها.! حركات بناتية..! فتاة في العشرين من عمرها أبت أن تفصح عن اسمها وجدتها وهي تضع تلفونها على عنقها في إحدى كليات الجامعة فسألتها عن تلفونها اللافت للأنظار والذي تفخر به أمام الفتيات الأخريات أو ربما تريد أن تقول لكل الطلاب في الجامعة والدكاترة : (أملك تلفوناً) فردت على سؤالي بالقول: لا أستطيع أن أبقى بدون تلفون ولا أقدر أن أنظر إلى تلفون قديم .. فألوانه الباهتة تكاد أن تعمي عيناي.! وأعلق هذا التلفون هنا (أي على عنقها) كي لا يستطيع أحد أن يسلبه مني. شاب سخيف.! شاب آخر كان يتمشى في أحد شوارع العاصمة .. وهو شارع مليء بالفتيات من كافة الأشكال .. والروائح الفرنسية تعطر الأجواء .. وأصوات القباقيب تخترق السمع بكل قوة .. فرأيته وهو محدق بتلفونه تارة وبأيادي الفتيات المارات تارة أخرى فسألته عن نظراته الغريبة لكلا الطرفين ( التلفون , أيادي الفتيات ) فقال : بالنسبة لنظرراتي لتلفوني فأنا أرسل صورتي ورقمي عبر البلوتوث ولعل إحدى الفتيات تستقبلهما , وأما عن نظراتي لأيادي الفتيات فأنا أبحث عن فتاة يكون بيديها تلفون يحوي بلوتوث كي يكون التواصل بيننا سهلاً. استخدام خاطئ.! شاب مراهق في الربيع الثامن عشر قال لي : اشتريت هذا التلفون الذي أملكه كي أقوم بتصوير فتاة كنت أحبها .. ولكن للأسف يبدو أن الموضوع (تفركش) فقد ارتدت هذه الفتاة النقاب وكأنها تدري بالذي أفكر به .. خسارة..! عذر غير مقنع.! فتاة مراهقة في ربيعها السادس عشر قالت عن سبب شرائها للتلفون الذي تملكه : لم أجد تلفوناً غيره فاشتريت هذا وأفكر في تغييره للأحسن.! - إذا يتضح لنا أن التلفون لم يعد أداة للتواصل فحسب ولكنه تحول بفعل فاعل إلى خراب لمعظم الشباب ممن يفتقرون الوازع الديني .. والفاعل معروف لدينا جميعا بدون أن نذكره. وكثيرون هم الشباب الذين يشترون تلفونات حديثة من أجل الاستخدام الخاطئ .. فإذا أردت أن تتحقق من صحة كلامي فما عليك إلا أن تأخذ تلفون شاب يهمك (ذكراً أو أنثى) وتنظر ما يحوي وستجد في أغلب الأحيان ما يغضبك ..! ومؤكد أنك -أيها القارئ العزيز- تعرف ما أقصد. لا يتوقف الأمر عند مشاهدتك ما يحويه هذا التلفون .. فقد ترى شباباً يدخلون إلى غرفهم ويغلقون على أنفسهم الأبواب وتسمع بأم أذنك همسات رقيقة ناعمة لا تقال في معظم الأحيان إلى الأبوين اللذين يستحقان منّا كل كلمات المدح والغزل والحب.. ناهيك عن تحول رنات التلفونات من مكالمات إلى رسائل غرام أو قد تكون حباً أو اعجاباَ أو مدحاَ أو حكمة أو (غلاسة) في ما ندر. ولكي لا يكون كلامي هشيماً تذروه الرياح أدعو جميع الآباء إلى مراقبة الله في ما استرعاهم به .. فالآباء رعاة لأبنائهم .. وإذا لم يرعوهم بالشكل المطلوب فسيتحولون إلى (متعولمين) ومتماشين لكل أنواع الموضة كيفما كانت!!