قالت الدكتورة هدى جمال عبدالناصر: إن اليمن كانت تحظى بمكانة ووضع خاص لدى مصر في عهد والدها الرئيس جمال عبدالناصر، وهو وضع يميزها عن بقية الدول العربية. وأكدت في حوار خاص مع موقع «26سبتمبرنت” الإخباري أن الرئيس عبدالناصر شخصياً هو الذي وقف إلى جانب اليمن في دعم ومساندة الثورة اليمنية في مختلف مراحل النضال اليمني، وكان لليمن معزة لدى الرئيس جمال عبدالناصر. ونوهت بأن الشعب اليمني عبّر عن ما يكنّه من حبٍ وتقدير لوالدها أثناء زيارته لليمن في العام 1964م والحفاوة التي قوبل فيها عندما خرج اليمنيين لاستقباله في الطرقات ومن على الجبال.. وتطرقت الدكتورة هدى عبدالناصر إلى دور مصر في دعم الثورة اليمنية والهجوم الذي تعرض له والدها عندما قرر دعم هذه الثورة، إضافة إلى الوضع السياسي والديمقراطي في الوطن العربي ورؤيتها للواقع العربي المعاصر وغيرها من القضايا على الساحة العربية والدولية. عدن كانت منطقة حساسة للإنجليز ولم يكونوا يرغبون بالخروج منها مطلقاً ٭ بما أننا نحتفل بالعيد الأربعين لجلاء آخر جندي بريطاني من عدن والذي جاء كتتويج لمراحل نضال طويلة .. نريد أن نستذكر من خلالك ما تذكرينه عن تلك الفترة التي أعقبت قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر؟ - في الحقيقة تلك الفترة كانت عصيبة على اليمن ومصر، ففي اليمن الثورة قامت ضد الحكم الإمامي، ومصر ساندت ودعمت الثورة انطلاقاً من واجبها القومي تجاه اليمن، وأنا عشت ثورة اليمن وعشت حرب اليمن، ونحن المصريون جميعاً نشعر أن لنا مكاناً في أرض اليمن، ثم جاء التدخل الخارجي من قبل بعض الدول بالإضافة إلى بريطانيا.. فالموقف كله ومن خلال ما تحكيه الوثائق البريطانية التي جمعتها وحصلت عليها عن قضية اليمن مع مصر ، تلك الوثائق تؤكد أن الإنجليز لم يكونوا يرغبون بالخروج من عدن مطلقاً، وكانت بالنسبة لهم منطقة حساسة وأساسية، لكن اليمنيين وبدعم مصري اضطروهم للخروج من عدن.. وعند قيام حرب 1967م، وكان هناك قوات مصرية ما تزال موجودة في اليمن، ولأن العمليات العسكرية كانت قد انتهت تقريباً وسحبت مصر تلك القوات والحمد لله، صارت الأمور بعدها بشكل جيد. ٭ كيف عايش المصريون فترة وجود القوات المصرية في اليمن ؟ - خلال تلك الفترة تعرض والدي الرئيس جمال عبدالناصر لهجوم كبير لمساندته الثورة اليمنية والكفاح اليمني ضد التدخل الأجنبي، لكن كما قلت لك المصريين يشعرون أن لهم مكاناً في اليمن ، فلهم أبناء استشهدوا وهم يساندوا الثورة اليمنية، ويدركون أن لهم دوراً في رفع شأن اليمن واليمنيين، ونقلهم من حالة إلى حالة أخرى مختلفة تماماً، وتقدم لمشاركة مصر في دعم الثورة اليمنية ومساندة الثوار.. وكم أتمنى لو أن المصريين جميعاً يزوروا اليمن ليتعرفوا على تأثير التدخل المصري في اليمن. ٭ كيف تنظر ابنة الزعيم جمال عبدالناصر إلى اليمن حالياً؟ - عندما دعيت لزيارة اليمن لحضور الاجتماع السابع للجمعية العربية للعلوم السياسية تولد لدي إحساس قوي بالرغبة للقيام بهذه الزيارة، لأني عشت كما قلت ثورة اليمن وعشت حرب اليمن.. فالحقيقة أني لست سعيدة فقط بزيارة اليمن ، لكن لدي شعور عاطفي وخاص بالنسبة لليمن وتجاه الإخوة اليمنيين، ولا أخفيك أنني سعيدة جداً بالتقدم الذي أراه أمامي من نهضة تنموية وأرتفاع عدد المتعلمين في اليمن بشكل كبير لأن التعليم يعتبر أهم شي في أي بلد، كما أن الحفاوة التي استقبلت بها. فمنذ وصولي إلى صنعاء وأنا أشاهد وارى الاعتراف بالدور الذي قدمته مصر لمساندة ودعم الثورة اليمنية، وذلك بالطبع لم يكن ذلك فضلاً من مصر وإنما واجب عليها لمساندة ودعم ثورة اليمن. ٭ يرى البعض خصوصية تامة في قرار الرئيس عبدالناصر إرسال قوات مصرية إلي اليمن ومساندة الثورة اليمنية للتحرر من الحكم الإمامي .. فماذا تقول ابنة الزعيم القومي جمال عبدالناصر؟ - في الحقيقة اليمن كانت خلال تلك الفترة لها وضع خاص لدى مصر ومختلف عن بقية الدول العربية، وكان والدي جمال عبدالناصر شخصياً هو الذي وقف إلى جانب اليمن، لأن اليمن كانت لها معزه خاصة لديه.. وأذكر أنه خلال زيارة والدي إلى اليمن عام 1964م اندهش من الوضع الذي وصلت إليه اليمن ، وكيف وصلت إلى تلك الحالة، وبالطبع هو كان يدرك ذلك، لكن عندما شاهد بنفسه الوضع آنذاك شبهه بالوضع في أيام المسيح. ٭ لو ننتقل إلى الساحة العربية.. كيف تقراء هدى عبدالناصر الواقع السياسي العربي؟ - الواقع السياسي في الوطن العربي يحتاج إلى دراسة ، فكل بلد لها مشاكلها ، أما بالنسبة للوطن العربي ككل يجب أن تتخذ إجراءات فورية وحاسمة لتحقيق نوع من الوحدة أو اتحاد العرب، فالمستقبل أصبح للكيانات الكبيرة ، فإذا بقينا دولاً متفرقة سنظل ضعافاً، ولن نكون مؤثرين في العالم.. فمثلاً دول أوروبا خاضت مع بعضها حربين عالميتين وفي الآخر المصلحة هي التي تغلبت .. إنما نحن في العالم العربي .. المصلحة ليست هي السبب الأساسي فقط ، فمصلحتنا في إقامة اتحاد للدول العربية كبيرة ومعروفة للجميع، إذا وجدت من يتبناها من السياسيين .. فبدون تبني من السياسيين للوحدة العربية واتخاذ إجراءات واقعية لتنفيذ هذه الوحدة فلن تتم. العالم العربي مختلف عن أوروبا ومختلف عن أمريكا، لن تستطيع أية دول نقل نظام سياسي إلى دولة أخرى، ولكن نحن بالنسبة لنا في الوطن العربي كل دولة بدأت في ممارسة الديمقراطية بالصورة التي تلائمها.. وهي تجارب كثيره ولن يرضى أحد عن الواقع الديمقراطي، حتى في أوروبا هناك جدل دائماً وأي واقع ديمقراطي دائماً يظهر جدل حوله.. فنحن نريد الهدف وهو تحقيق الديمقراطية، وكل بلد فيه جدل حول نوعية هذه الديمقراطية وكيف تمثل كل الأقاليم والطوائف داخل الدولة وعدم تكريس التفرقة الداخلية بينها... الخ. فكل دولة لها ظروفها وعندك مثلاً ما يجري في لبنان، المشاكل موجودة حول انتخاب رئيس الجمهورية ، فأقصد أن كل دولة لها ظروف مختلفة عن الدول الأخرى . ٭ هل ما يجري في لبنان هو الديمقراطية ؟ - لست على معرفة دقيقة بالأحوال الداخلية اللبنانية، نحن ما نعرفه من الصحف ووسائل الإعلام وهو لا يكفي ولا أريد أن أصدر حكماً على ما يجري في لبنان لكن نحن نتمنى للبنان أن يحصل وفاق وطني ولا بد من انتهاء المشاكل الطائفية ولكننا بالطبع نحب لبنان ونتمنى لها أن تكون في أحسن حال. ٭ كيف ترين موقف الشعوب العربية من ذلك ؟ وماذا تريد؟ - الشعب العربي يريد الوحدة كل الشباب يريدون الوحدة وبمعنى أصح على غرار الاتحاد الأوروبي، لكن ماذا نعمل عندما تدخل المصالح الحزبية والمصالح العرقية .. بالطبع تضيع كل أمنيات وأحلام الشعب العربي. ٭ ماذا ينقص العرب لإعلان اتحاد عربي ولو فيدرالي ؟ - فقط يحتاجون إلى مبادرة من الزعماء العرب، لأنه ما هو تحت مستوى الرئاسة في جميع الدول العربية الجميع يريد هذه الوحدة. ٭ من وجهة نظرك هل كان مؤتمر أنا بوليس للسلام خدعة جديدة على غرار أوسلو.. أم أن الإجماع العربي أسهم في دعم قضية فلسطين والجولان؟ المؤتمر إلى الآن لم تظهر نتائجه بشكل واضح.. وهل ستنفذ تلك القرارات بشكل كامل ولم يتضح بعد ما إذا كان المؤتمر خدعة أم لا.