هناك محطة ينتظرها الإنسان بخليط من الأفكار والعواطف، فهناك خوف وفزع وترقب وقلق وانتظار سعادة وتوجس من مسئولية تصاحبها نشوة إلى التغيير في الحياة مع حيرة وخوف من المستقبل.. هذه المحطة هي الزواج الذي يرى البعض بأنه السعادة الدائمة فيمايرى البعض الآخر بأنه الانقياد إلى حيث السقوط والفشل .. ولعل الرجل وهو يمد حبال يديه ليحتضن المرأة إلى عالمه حيث تحتزل المسافات بل تتلاشى لتأخذ مكانها مساحات وقارات من الأحاسيس والتواصل العاطفي وحينها تصبح ثقافة الحوار هي الكفيلة بنشر السلام في هذا العالم.. وبالتالي فهناك مبادرات لابد من الأخذ بها لتشكيل واقع أكثر انسجاماً وملاءمة لحياة أسرية مفعمة بالحب والأمل ولكي تأتي بعيداً عن تضاريس الخلافات الزوجية والولوج إلى طاولة الحوار الأسري الناجح .. حول هذا الموضوع قمنا بإعداد هذا الاستطلاع فإلى التفاصيل.. ثقافة الحوار إذا كان الخلاف بين الناس في أمور كثيرة مرده اختلاف قناعاتهم فإن عدم تفعيل الحوار في حياتنا تعبير عن ثقافة لا تمتلك من القناعات مايشكل لنا رؤية إيجابية عن الحوار.. وكما هو معلوم أن العاطفة لغة تجيدها المرأة أكثر من الرجل، وبالتالي يكون الحوار مطلباً مبرراً للمرأة وعلى الرجل أن ينتبه لهذا في بناء علاقته مع المرأة.. وبما أن المرأة أكثر انفعالاً فإن الحوار هو الأداة لتلطيف هذا الانفعال وتفريغ شحنته وبهذا تعود نفسية المرأة إلى الحالة الطبيعية من التوازن، هناك من يعبر عما يريده من الزوجة بالرمز أو الإيماء راجياً أن تفهمه بمشاعرها وأحاسيسها.. وفي اعتقادي بأن علاقة الزوج والزوجة في بعض البيوت في إطار هذا المفهوم وبالتالي يصبح الحوار ضرورياً لأن لغة الرمز والإشارة والتشكي عندما لا تفهم من كلا الطرفين يعد باباً للدخول في مشاكل وتطورات ربما تفضي إلى أزمات أسرية ومنغصات وجفاء.. لتصبح المشكلة أكبر بكثير من حجمها الأصلي.. والمطلوب هو أن يحسن الرجل الاستماع للمرأة لمعرفة نوع الشكوى وعندها سنعرف الحل ربما يكون بكلمة على هيئة وردة نهديها لها.. والمرأة أيضاً يجب أن تعطي نفسها فرصة الاستماع والحوار مع زوجها لإدراك الشكوى ووضع المعالجة. الحوار الأسري الأخ سمير محمد سعيد .. بداية تحدث عن الحوار الأسري فقال: إن الحوار الأسري هو الصيغة المثلى والقيمة العليا للحفاظ على كيان الأسرة، ولبقاء السعادة في البيت وهذا حوار يكون بإدراك الزوجين أنه الطريقة الوحيدة والكفيلة بوصولهما إلى بر الأمان في حل وتلاشي كل الخلافات .. أيضاً أن يكونا أي الزوجين على قناعة تامة ودراية بأن أسلوب الحوار فيما بينهما سينهي كل الغموض وسيجمد كل أسباب الخلاف ليغلق ويسد كل الأبواب التي يأتي منها ريح تبعث على المشاكسة والاختلاف.. وبالتالي هناك وسائل لتحقيق هذا الغرض ومنها اشعار المرأة أو الزوج بمدى الاهتمام الذي يوليه الزوج تجاهها، أيضاً اشعاره بوجودها وحضورها كعنصر مهم ومكمل واتاحة الفرصة أمامها لإبداء رأيها ومناقشتها في كل القرارات، أيضاً احترام رأيها ووضعه في طاولة الحوار.. كذلك هناك سلوكيات وتصرفات لابد للرجل من الأخذ بها وهي إضفاء النقاش بالثناء عليها، كذلك الإسهاب بشيء من المجاملة وإطراؤها بالتغني بحسنها ووصفها وتخصيص أوقات للجلوس معها والتحدث إليها.. كذلك المطلوب من الزوجة أن تجد طريقاً للتجديد في حياتها لطرد حالة الملل التي قد تنتاب الزوج في أغلب الأحيان ومحاولة فهمه وإدراك مقاصده وإن وجد ما يدعو إلى الخلاف فبالحوار يمكن الوصول إلى الحل والاتفاق وتبقى الزوجة هي السكن والخلود الذي يرحل إليه الرجل وبالتالي يجب أن تبقى على هذا المستوى.. أيضاً من المهم أن يظل الطرفان الزوج والزوجة على قدر كاف من التفاهم والشراكة الدائمة التي تفضي إلى النجاح الأسري واتخاذ القرارات السليمة.. في حين يصبح الحوار بين الزوجين أمراً مطلوباً في كل الأحوال. كذلك لضمان جيل متفاهم منذ التنشئة الأولى للأولاد بحيث يطبع في عقول الصغار طابع الفهم والتحاور الناجح. علاقة غامضة الأخت سيدة علي اخصائية اجتماعية شاركت بالقول: في الواقع إن علاقة الرجل بالمرأة يكتنفها الغموض في بعض الأحيان وبالتالي لا يصل أحد الطرفين إلى استجابة وهنا أولاً ينبغي إزالة الغموض وطرح القضايا الأساسية بموضوعية وبلغة صريحة والتقرب من بعض من خلال الحوار البناء الذي يسهم في تقدم الحياة الزوجية ويضمن السعادة الأسرية. وفي هذا الجانب فالكل مطالب في الجلوس إلى طاولة الحوار الزوج والزوجة على حد سواء .. في الحقيقة أنا لا أجزم أننا نستطيع تطبيق هذا المبدأ ومايسمى بالحوار أو بثقافة الحوار على مستوى الأسرة رغم أن المبدأ سيبدأ من الأسرة وسينتهي بالمجتمع ككل وهذه بذرة طيبة لكني كما قلت لك ليس بالإمكان جلوس الزوج والزوجة في طاولة واحدة للحوار والتفاهم وصياغة قرارات مشتركة وذلك لما اعتاده الرجل في علاقته مع المرأة بحيث لايمكن جعل رأيها للطرح والمناقشة وإنما دائماً وأبداً الرأي هو رأي الرجل والقرار قراره في كل الأحوال ولا يحق للمرأة أن تبدي أي اعتراض إلا أن هذا الاعتراض أو الرفض وعدم القبول لرأي الرجل سيفتح الباب لمشاكل وخلافات لا يخضع الرجل لمائدة الحوار مع رفض وعدم القبول برأي الزوجة وبالتالي يتولد شعور لدى المرأة بالتهميش لدورها وعدم تقدير الزوج لها.. وهذا المفهوم هو مايفتح الباب لخلافات دائمة ومشاكل كثيرة تفقد الأسرة استقرارها وهو ما ينشأ عنه عواقب وخيمة ربما تنتهي بتفكك الأسرة.. وبالتالي نتمنى أن يدرك الزوجان مدى أهمية الحوار والتفاهم كأسلوب أمثل في حياتهم الأسرية. وظيفة الحوار الأخ حسن خليل حزام «علوم فلسفة» يقول: قد يظن البعض أن الحوار ليس مطلوباً بين الزوجين أو في ظل العيش الأسري إلا عند الخلاف وهذا ليس صحيحاً فالحوار مطلوب في كل الأحوال فوظيفة الحوار هي تعميق الاتصال بين الطرفين ولكي نجيد لغة الحوار علينا أن نمارس الحوار في الحالات غير الخلافية.. قد لا يوجد خلاف حول شراء الرجل لحاجة معينة في البيت لكن طرح الموضوع للمناقشة بين الزوجين هو ممارسة الحوار وفي ظل هذه الأجواء الهادئة تتاح الفرصة للزوجين لممارسة تجربتهما في الحوار الناجح الذي يشعر كلاهما بأهمية الشراكة في كل شيء.. ويعمق فيهما مبدأ النقاش والطرح ..أيضاً هناك حقيقة لابد من إيضاحها وهي تجنب الحوار في حالة الانفعال أي أن الإنسان المنفعل قد يفقد جزءًا من إدراكه للواقع وبالتالي قد لا يرى ولا يحس ولا يسمع ولايدرك ما يقال حوله.. وأيضاً تصدر منه سلوكيات تتنافى مع طبيعته المألوفة لدى الجميع وخصوصاً المقربين إليه. خصوصيةالحوار د. هناء سنان «اخصائية نفسية» قالت: من الضروري أن ندرك أننا في الحوار نستعرض شخصياتنا وما تتسم به من صفات وبالتالي سيحكم علينا الآخرون من خلال ما يصدر عنا من مواقف، وما يسمعون من كلام وبالتالي فأثناء الحوار لابد من انتقاء الألفاظ وحسن التصرف؛ لكي لا يصدر علينا حكم خاطئ ومن هنا تبرز أهمية هذه الخصوصية في الحوار.. وأيضاً يجب على الرجل أن يؤسس له حساباً مشرفاً من المواقف في علاقته بزوجته فالرجل الذي دائماً مايتذكر عيد ميلاد زوجته أو مناسبة عزيزة عليها ويحرص على تبادل الهدايا معها سيصبح من الصعب اتهامها لزوجها بخداعها أو وجود فتور في العلاقة الزوجية بينهما وبالتالي يصبح الحوار مادة جميلة وصحيحة لتطوير العلاقة الزوجية بمنهجية متطورة ومتقدمة في نواحي الحياة الأسرية وبمجمل تفاصيلها.. وأية سعادة يرجوها الإنسان في حياته سوى الهدوء وراحة البال وطمأنينة الروح والجسد. من المحرر: نخلص هنا إلى القول أنه إذا كان الأساس في الحوار هو وجود الآخر فالمقصود بعد الاستثناء هنا أن المرأة تبقى بحاجة إلى الحوار مهما كان شكل المرحلة التي تعيشها وطبيعة الظروف التي تحيط بها والذي يختلف بطبيعة الحال هو أسلوب الحوار باعتبار أن الأسلوب وأدوات الحوار الناجح هما نتاج للحظة التي يعيشها الإنسان فالمرأة مهما كانت خلفيتها التعليمية والثقافية والأسرية والاجتماعية قادرة على تطوير مهاراتها في الحوار بشرط أن نجيد نحن معاشر الرجال لغة الحوار وأن نعطي المرأة الفرصة لتجاوز مخاوفها.. والجرأة في التعبير عن مشاعرها وما في جعبتها.. ولنعطيها الفرصة لتجاوز شكوكها في علاقتها بالرجل واستعادة ثقتها بنفسها وبزوجها.. نأمل أن يأخذ الجميع بمبدأ الحوار رجلاً أو امرأة لنضع بداية الطريق الصحيح لتنشئة جيل قادر على التفاهم والحوار وبلغة يفهمها كل الأطراف.