أكدت دراسة بحثية حديثة أن التشريعات اليمنية توفر حماية جنائية للطفل ضد كثير من الأفعال والأعمال التي تدخل في مفهوم العنف والإساءة. واوضحت الدراسة التي تناولت الحماية الجنائية للاطفال ضحايا العنف والإساءة في اليمن أن الحماية الجنائية للطفل في التشريعات اليمنية منها ما هو بنص جنائي عام يوفر حماية جنائية عامة للطفل بصفته إنساناً يتمتع بجميع حقوق الإنسان ومنها ما هو بنص خاص توفر جميعها حماية جنائية خاصة للطفل من العنف والإساءة بحيث تكون العقوبة فيه مشددة إذا كان المجني عليه طفلاً. وأوصت الدراسة التي نال بموجبها في نوفمبر الماضي الباحث عادل دبوان الشرعبي درجة ماجستير في حقوق الطفل من كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية في بيروت ضمن اول دفعة متخصصة في هذا المجال في الوطن العربي تضم 18 باحثاً، أوصت بتوسيع نطاق الحماية الجنائية للاطفال من الاهمال وسوء المعاملة من خلال الإسراع في إعداد وإصدار لائحة قانون حقوق الطفل بحيث تشمل تعريفات وأنماطاً وأشكالاً للإهمال وسوء المعاملة بالقدر الممكن. بالإضافة إلى مواد تحدد قياساً لأفعال الإهمال وسوء المعاملة وبحد أدنى أكثر صور الإهمال انتشاراً كالإهمال التعليمي وقياسه من خلال عدم إلحاق الطفل في الدراسة أو تسربه من التعليم، والإهمال الصحي وقياسه من خلال عدم تطعيم الطفل وعدم إعطائه الدواء عند تعرضه الدائم للأمراض، الى جانب الإهمال الجسدي ويقاس من خلال وجود مؤشرات واضحة على سوء غذاء الطفل وإهمال ملابسه. كما أوصت الدراسة اعتبار حالات التعرض للانحراف في قانون رعاية الأحداث حالات إهمال وسوء معاملة للطفل من الوالدين أو من يقوم مقامهما وتحديد عقوبة عليهم في حالات وجود الطفل في مثل هذه الحالات، وإيجاد آليات رصد لقضايا العنف والإساءة ضد الأطفال مثل مندوبين لحماية الطفل وما تضمنه مشروع تعديل قانون حقوق الطفل من إيجاد لمثل هؤلاء المندوبين وكذلك تحفيز مشاركة منظمات المجتمع المدني لرصد حالات العنف والإساءة ضد الأطفال من خلال مراكزها الإرشادية. ودعت الدراسة إلى إيجاد آلية يستطيع الطفل نفسه أن يشكو من خلالها العنف والإساءة خاصة إذا كان واقع عليه من ولي أمره أو داخل أسرته بحيث توفر هذه الآلية للطفل الحماية عند تقديم الشكوى والسرية مثل خطوط المساعدة الساخنة كما ينبغي أن تشمل هذه الآلية توفير الحماية للأطفال الضحايا باعتبارهم شهوداً وفقاً لمبادئ توفير العدالة للأطفال ضحايا الجريمة والشهود المتعارف عليهم دولياً. وشددت على اهمية إيجاد مراكز لإعادة تأهيل الأطفال ضحايا العنف والإساءة بعيداً عن دور رعاية الأحداث والتي لا يزال الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية يودعون فيها مع أنهم ضحايا وليسوا جناة، وبناء قدرات العاملين في مؤسسات رعاية الأطفال للحد والوقاية من قضايا العنف والإساءة، الى جانب نشر مواد التوعية في أوساط المجتمع للأطفال حول كيفية وقاية أنفسهم من العنف، وتوعية العاملين في المؤسسات الصحية والتعليمية وأعضاء المجالس المحلية والأسر بمشاكل العنف والإساءة للأطفال وآثارها واخطارها. وأكد الباحث ان بناء بيئة حامية للأطفال تساعد على عدم تعرضهم للعنف والإساءة والإهمال يتطلب عناصر كثيرة الى جانب التشريعات القانونية منها العمل على تنفيذ هذه التشريعات والتوعية والتدريب وبناء القدرات ومشاركة المجتمع وتطوير مهارات الأطفال للتصدي للعنف وتوفير خدمات التأهيل وإعادة الدمج وتأسيس برامج مستدامة للرصد والتبليغ وهذه هي خلاصة النتائج والتوصيات الأخرى الى جانب تحسين الأوضاع المعيشية للأسر من اجل المساهمة في الحد من هذه المشاكل. وقسم الباحث دراسته الى ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول الحماية الجنائية لحق الطفل في الحياة والسلامة الجسدية.. فيما تضمن الفصل الثاني الحماية الجنائية للطفل من الاستغلال الجنسي والإاتصادي وكافة أشكال الاستغلال الضارة.. بينما تطرق الفصل الثالث الى الحماية الجنائية لحقوق الطفل في الرعاية وحسن التنشئة والوقاية من الإهمال وسوء المعاملة.. حيث استخدم الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي من خلال الاستقراء للنصوص الجنائية في التشريعات اليمنية ومقارنتها مع نصوص الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل لمعرفة مدى توفر الحماية الجنائية للطفل في النصوص الجنائية الوطنية ومدى توافقها مع الحماية التي كفلتها المواثيق الدولية وبالذات اتفاقية حقوق الطفل مع الاستفادة من قواعد الشريعة الإسلامية لمعرفة مدى توفيرها للحماية الجنائية للطفل في حال عدم وجود نصوص جنائية صريحة في القوانين اليمنية في بعض القضايا التي يكون الطفل فيها ضحية ومجنياً عليه وذلك باعتبار أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع في الجمهورية اليمنية. واشارت الدراسة الى ان الاحصاءات الرسمية تبين أن (165) طفلا تم إيداعهم دور التوجيه الاجتماعي الخاصة برعاية وتأهيل الأحداث عام 2006م بسبب القضايا الجنسية، منهم (85) طفلاً هم بالأساس ضحايا لجرائم استغلال جنسي من قبل الآخرين.. ونقل الباحث عن دراسة اجريت سابقاً حول العنف ضد الأطفال في اليمن، ان نسبة 21% من حجم عينة الأطفال الذين أجريت عليهم الدراسة ادخلوا الى دور الأحداث بسبب جرائم جنسيه تمثلت بالاغتصاب والإيذاء الجنسي وهم أساساً ضحايا للانتهاك الجنسي أي مجني عليهم وليس جناة. ومنوهاً الى ان تقرير وزارة الشئون الاجتماعية والعمل اوضح أن دور الإيواء تسلمت خلال العام 2006م نحو (900) طفل من الأطفال اليمنيين الذين تم تهريبهم الى المملكة العربية السعودية، واعتبرت الدراسة هؤلاء الاطفال ضحايا للإهمال وسوء المعاملة حيث تعرضوا للعنف والإساءة وحرموا من كثير من حقوقهم وتعرضوا للانحراف والبعض منهم انحرف بسبب الإهمال. واشارت الدراسة الى ان هذه الاحصاءات تؤكد اهمية البحث عن آليات افضل لتوفير حماية جنائية للاطفال، حيث ان حقوق الطفل التي نصت عليها المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات الوطنية تعد بلا معنى مالم تواكبها نصوص جنائية تعزز حماية هذه الحقوق وتتضمن جزاءات من شأنها القيام بالردع المناسب والكافي عند الاعتداء على حقوق الطفل اوانتهاكها خاصة وان الطفل مخلوق ضعيف لا يستطيع حماية نفسه من الأخطار التي تحدق به ، فهو ضعيف القدرات الجسمانية ولم تنمُ بعد مداركه النمو الكافي الذي يستطيع به الدفاع عن نفسه عند وجود الأخطار التي قد تحدق بهم، الأمر الذي يسهل على بعض ضعفاء النفوس ارتكاب جرائمهم ضده أو استغلاله دون خوف من فشل أو عقاب.