يتهم الأدب العربي المعاصر من بعض أدعياء الفكر والثقافة والمعارف العصرية الحديثة بأنه أدب ضيق قصير النظرة يعيش في دائرة مغلقة لا علاقة له بواقع ومعاناة الإنسان العربي ومايتعرض له من عسف وظلم من قبل القوى الظالمة المهيمنة وبأنه أدب سلبي لم يتصل بقضية الوجود البشري اتصالاً يعطى له وجهه العربي والعالمي والإنساني. إن هذا الموقف المجحف الساخر لايعطى حقيقته التفسير الواقعي لدور أدبنا العربي المعاصر في المقاومة جاعلاً من سلاح الكلمة المقاتلة جذوة مستعرة في وجوه الطغاة الظالمين عبر سلسلة من الفتوحات الإسلامية العربية والحركات التحررية التي شهدها عالمنا العربي في الخمسينيات ومابعدها ومثلت القصائد الوطنية والقصص الهادفة والمقالات السياسية والمعبرة عن أصالة الحضارة العربية والبقاء العربي الأبدى استلهاماً للإرادة العربية القوية المناضلة لإطفاء ظاهرة الانبهار الزائف ببريق الثقافة العصرية. إن الإنسان العربي يعتبر صراعة الفكري والثقافي والأدبي صراعاً من أجل حرية الوجود والبقاء والخلود ومن هنا تكون الصورة مشرقة لأدب عربي مؤثر وشعر يجسد روح المقاومة والنضال لخوض معركة المصير المشترك ضد الهجمة الصهيونية الشرسة وخلق ديناميكية أدبية فاعلة بإرهاصات حقيقية تعطى نماذج وأمثلة رائعة وخالدة من ملاحم المقاومة العربية وماتعتمل في الوقت الحاضر في مهمة النضال العربي الفلسطيني والمقاومة العراقية الظافرة والمنتصرة وفي فلسطين المقاومة بركان الغضب الفلسطيني ضد الصلف الصهيوني والجبروت العالمي الظالم وهيمنة القوة الضاربة القطب الواحد..الولايات المتحدة الأمريكية. هؤلاء الذين يتخذون من تراثنا الأدبي شعراً ونثراً هذا الموقف المزرى يجب أن يعرفوا جيداً أن أدبنا العربي المعاصر قد تجرد منذ وقت طويل عن ظاهرة التقليدية ولن يكون أثراً جامداً من آثار التاريخ أو كماً بالياً من مخلفات العصور لاسيما ونحن في عصر الارتقاء الفني والفكري ومختلف الجوانب الأدبية والإبداعية المشرقة نستمد منها العطاء الأدبي والفكري والثقافي. فهؤلاء نسوا أنهم في غمرة هذا الانبهار الزائف ببريق الثقافة العصرية ينسلخون من جلودهم وينقدون قيمة وجودهم الثقافي الذي هو خلاصة هذا التراث الذين تطاولوا على أفضليات مافي أدبنا العربي المعاصر من روائع الإبداع الأدبي..نحن ندعو إلى مزيد من الانطلاق إلى كل آفاق الفكر والمعرفة بآفاق عالمية وعربية وإنسانية فنظرة هؤلاء مع الأسف إلى تراثهم نظرة ضيقة وأحكامهم عليه سطحية وسريعة وظالمة في معظمها وغير منصفة وفي مقام الحديث عن أدب المقاومة في تراثنا وأدبنا العربي المعاصر تؤكد بما لا مجال للشك أن الأدب العربي لم يكن في مرحلة من مراحل تاريخه منعزلاً عن وجدان الإنسان العربي وعن التعبير عن هموم وأشواق الجماهير العربية العريضة وأمامنا أمثلة حية أدبية من صور الأدب المقاوم العربي من فلسطين الثورة والمقاومة الفلسطينية الشعراء..شاعر المقاومة الأول محمود درويش ومعين بسيسو وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد ومن العراق الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب ومن مصر أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته الرائعة نكبة دمشق إثر الاحتلال الفرنسي ومن تونس أبو القاسم الشابي ومن اليمن د.عبدالعزيز المقالح وعبدالله البردوني ومحمد سعيد جرادة ولطفي جعفر أمان وفي تصريح للعهد الرجعي الكهنوتي والعهد الاستعماري البغيض وتحقيق النصر وتحقيق المنجز الوطني العظيم في الثاني والعشرين من مايو 1990م.. وتحضر في هنا ترنيمة الشاعر اليمني الكبير لطفي جعفر أمان وهو يدق آخر مسمار في نعش الوجود الأجنبي قال في قصيدته على أرضنا بعد طول الكفاح تجلى الصباح لأول مرة وطار الوضاء طليقا رحيباً بأجنحة النور تنساب ثمرة وقبلت الشمس سمر الجباه وقد عقدوا النصر من بعد ثوره بلادي حره