تشهد مبيعات السيارات الأوروبية والأمريكية في الأسواق اليمنية تراجعاً كبيراً مقابل تزايد سيطرة شبه كاملة لمبيعات السيارات اليابانية. فعلى الرغم من موصفاتها العالية /كما يؤكده الخبراء/ مقارنةً بمثيلاتها اليابانية إلا أن شعبيتها بمختلف ماركاتها تشهد تراجعاً حاداً يوماً بعد يوم بإستثناء سيارات المرسيدس الآخذة في الانتشار بوتائر عالية في اليمن. وما يؤكد حالة الانحسار تلك، الأرقام الأولية لمبيعات وكلاء السيارات الأوروبية والأمريكية في اليمن وفي مقدمتها مبيعات السيارات الألمانية اهمها ماركات ( أودي ، رينولت ، سيتروين ، فولكس واجن ، بيجوت ، اسكودا ، بي إم دبليو ، سيات ، لاند روفر ) التي لم تتجاوز مبيعات كل ماركة 100- 120 سيارة خلال العام الماضي 2007م.أما السيارات الأمريكية فلم تكن أحسن حظاً من مثيلاتها الأوروبية فمبيعات ال( جيب ، دودج ، كلايسلر ، جي إم سي ، شفروليت ) لم تصل خلال العام الماضي إلى مستوى 100 سيارة لكل نوع فيما أوقف وكلاء سيارات( فورد ، ميركوري ، لينكولن ) عملية استيرادها لعدم نجاحهم في تحقيق نجاحات في مبيعاتها. وفي مقابل ذلك يواصل وكلاء السيارات اليابانية سيطرتهم على سوق السيارات وخاصة ال(تويوتا) التي قدرت مبيعاتها خلال العام الماضي ما يزيد عن ستة آلاف سيارة منها أكثر من ألفين سيارة نوع (لاند كروزر) فقط .. وبصفة عامة فلا وجه للمقارنة بين مبيعات السيارات الأوربية والأمريكية من جانب ومبيعات السيارت اليابانية فمبيعات الأولى مجتمعة بكافة ماركاتها وموديلاتها لم تصل إلى ما نسبته 10 بالمائة من اجمالي مبيعات سيارات تويوتا كما ذكر ذلك احد موظفي المبيعات في شركة بازرعة وكلاء تويوتا في اليمن. يرجع الكثير من المهندسين وعشاق السيارات في اليمن اسباب ذلك إلى احتكار الوكلاء لقطع الغيار وارتفاع أسعارها وتكاليف صيانتها المبالغ فيها في ورش الصيانة المحدودة التابعة للوكلاء المقتصرة على أمانة العاصمة ومحافظة عدن في أحسن الأحوال. ويعد سوق السيارات المستخدمة أهم قبلة لفئة عريضة من الناس لشراء السيارات.. فبمجرد النظر إلى محتويات معارض السيارات سرعان ما ترغب في السؤال عن سبب عدم وجود سيارات أوروبية او امريكية مستخدمة بإستثناء سيارات المرسيدس التي لايخلو معرض من وجودها. في هذا الصدد يقول عبده غوبر الذي يعمل سمسار في بيع السيارات بمعرض الامتياز في شارع القاهرة " إن الناس لايقبلون على السيارات الأوروبية والأمريكية بسبب ندرة قطع غيارها وارتفاع أسعارها ولذا يكون من غير المجدي على صاحب المعرض شراء هذا النوع من السيارات لأنها ستبقى فترة زمنية قد تطول في داخل المعرض مما يضطر صاحب المعرض لبيعها أحياناً بخسارة. وقريباً من معرض الامتياز تقع ورشة الكهلاني لصيانة السيارات التي غالباً ما تثير صورة سيارات (أودي) الألمانية العاطلة أمامها والتي اصبحت طبقة الغبار عليها تكاد تخفي ألوان السيارة ، فإن حالها على تلك الشاكلة تثير الرغبة في السؤال عن اسباب بقائها على هذا النحو منذ ايام طويلة أمام ورشة الصيانة. والسبب كما يقول بندر عبده سعيد الشرعبي الذي يعمل مهندساً ميكانيكياً في الورشة ، يرجع إلى عدم قدرة مالكيها على شراء قطع غيار جديدة نظراً لارتفاع اسعارها لدى الوكيل الأمر الذي يجعل اصحابها يأتون بها إلى الورشة للقيام ببعض الاصلاحات التي لا تدوم طويلاً. وأضاف" معظم سيارات ال(أودي) التي تراها أمام الورشة تحتاج إلى تغيير ال( اسبيت) و(البخاخات) والتي لايستطيع الكثير من مالكيها شراءها نظرا لارتفاع أسعارها .. فسعر الاسبيت يصل إلى 300 ألف ريال فيما لاتتجاوز قيمته في السيارات اليابانية عن 150 200 ألف ريال". وقال الشرعبي أن اكثر من 10 من مالكي سيارات ال(أودي) يترددون إلى الورشة بين الحين والآخر لإجراء بعض الصيانات على سياراتهم بسبب ارتفاع تكاليف الصيانة في الوراش التابعة للوكلاء. ما ذكره المهندس الشرعبي يؤكده وإن كان بطريقة غير مباشرة محمد علي أحمد الذي كان بإنتظار استلام سيارته فولكس واجن نوع(طوارق) الخاضعة لبعض الصيانة في الورشة المركزية التابعة للشركة الموردة. حيث قال" صحيح أن تكاليف الصيانة مرتفعة نوعاً ما لكن في الأخير مستوى الصيانة عالي". وعن اسعار قطع الغيار وتوفرها اعتبر محمد أن أسعارها وإن كان البعض منها مرتفعاً لكنها رخيصة من ناحية اقتصادية لأنها كما يعتقد تدوم لسنوات أطول مقارنة بقطع غيار السيارات اليابانية والكورية. وفي تعليقه عن سبب اختياره لهذا النوع من السيارات رغم عدم الاقبال عليها في بلادنا قال محمد علي أحمد " انا جربت السيارات اليابانية والكورية ولم اجد افضل من السيارات الأوروبية وخاصة الالمانية سواء من حيث ثباتها أو مواصفاتها الديناميكية أو قوة الحديد وغيرها". ((إنحياز حكومي)) واعتبر محمد أن ضعف الاقبال على هذه السيارات في اليمن ناتج عن تدني مستوى الثقافة الاستهلاكية لدى الكثير من المواطنين الذين ترسخت في اذهانهم ماركات معينة. وأضاف" الوكلاء يتحملون جزءاً من المسؤولية بسبب ضعف التسويق للسيارات الأوروبية وتصحيح صورتها المشوهة لدى الناس رغم أنها تحظى بإقبال كبير في معظم دول العالم" من جانبه فند مدير المبيعات بمؤسسة الرويشان للسيارات عبدالوهاب الخياط احتكار قطع غيار السيارات الأمريكية والأوروبية وندرتها كما يقول الكثير من الناس لكن المشكلة كما "يقول" أن المواطن في اليمن لايبحث عن المواصفات العالية بقدر ما يفكر في امكانية بيع ما سيشتريه بعد ذلك دون ان يخسر فلس واحداً. وحمل الخياط الجهات الحكومية جزءاً من سبب تراجع انتشار السيارات الأمريكية والأوروبية في اليمن وقال" الجهات الحكومية تنحاز في مشترياتها من السيارات إلى وكلاء السيارات اليابانية وخاصة تويوتا الأمر الذي عمق من اعتقاد الناس بأن اليابانية بصفة عامة هي الأفضل رغم أن مواصفات السيارات الأمريكية والأوروبية افضل بكل المقاييس من اليابانية ولا وجه للمقارنة". وأضاف الخياط " يفترض على الدولة ان لا تبقي مشترياتها من السيارات حكراً على وكيل محدد سواء أكان وكيلاً للسيارات اليابانية أو غيرها. واعتبر الخياط الإنحياز الحكومي نحو السيارات اليابانية امراً غير منصف وليس قانوي ويفترض أن تكون المناقصات وسيلة لتنافس الوكلاء لتقديم عروضهم ومن يقدم الافضل وفق القانون هو من يفوز بالمناقصة. وبحسب معلومات أحد موظفي شركة الرويشان للسيارات التي تعد الوكيل الحصري لسيارات( لاندروفر البريطانية ، بي أم دبليو الألمانية ، دودج وكريسلر وجيب الأمريكيات ) لم تتجاوز مبيعاتها العام الماضي عن 400 سيارة من جميع الأنواع. وفي تعليق مدير المبيعات بالشركة على عدم توفر قطع الغيار أكد الخياط توفر كافة انوع قطع غيار السيارات التي توردها الشركة وبأسعار معقولة جداً بالاضافة إلى أسعار الصيانة والفحص لدى ورش الشركة التي لاتتجاوز ثلاثة آلاف ريال فقط ولا تصل الى خمسة آلاف إلى اذا كان الفحص شاملاً للسياراة على اساس أن يتم اخراج تقرير متكامل مرفق بضمان ما جاء في تقرير الفحص. ((سوء التسويق)) وفيما وجه الكثير من موردي السيارات الأوروبية الأمريكية أصابع الإتهام للجهات الحكومية بالانحياز للسيارات اليابانية.. نفى نائب مدير عام النفقات الرأسمالية بوزارة المالية محمد حسين الطيب وجود أي انحياز لنوع بعينه. وقال " الجهات الحكومية هي من تحدد نوعية السيارات التي تطلبها وبموجبها نوافق في المالية على الشراء دون أي اعتراض. وأضاف الطيب" غالباً ما تكون طلبيات الوزارة أو غيرها محددة على أنواع معينة من السيارات اليابانية فماذا نعمل إذا كانت ثقافة الناس فيما يتعلق بالسيارات مرتبطة بأنواع معينة. واعتبر الطيب اتهامات وكلاء السيارات الأوربية والأمريكية للجهات الحكومية بالانحياز للسيارات اليابانية انعكاساً لفشلهم في التسويق والترويج لمنتجاتهم سواء للمواطن أو للجهات والمؤسسات الحكومية وغيرها. ((منافس جديد)) نجاح شركة ناتكو وكلاء سيارات هيونداي الكورية في اليمن / كما يراه الخبراء / ينفي ما يرجعه البعض أن اسباب نجاح تسويق سيارات معينة سببه الإقبال عليها من قبل الجهات الحكومية. فعلى الرغم من عدم مرور ثماني سنوات على دخول هذا النوع من السيارات الى اليمن مقارنة بالكثير من ماركات السيارات الأوروبية التي عرفتها الاسواق اليمنية منذ فترة الثمانينيات وما قبلها ، إلا أن مبيعاتها المقدرة بحدود ألفي سيارة خلال العام الماضي يعكس نجاح وكيلها في اليمن وفي عملية التسويق لها بصورة سليمة على الرغم من عدم اعتمادها على مشتريات الدولة إلا أنها حققت انتشاراً كبيرآً وغير متوقع حتى أن اجمالي مبيعاتها يزيد العام الماضي عن مبيعات السيارات الأوربية والأمريكية مجتمعة. (( ورش طوارئ متنقلة )) وفي هذا الإطار أرجع مدير التسويق في شركة ناتكو وكيل هيونداي في اليمن زياد راشد أسباب النجاح المتزايد في مبيعاتها من السيارات في اليمن إلى الحملات التسويقية التي تنفذ سنوياً واعتماد 10 موزعين لقطع الغيار وهو ما كان له دور كبير في وجودها في الكثير من المعارض الأهلية الخاصة ببيع قطع غيار السيارات إلى جانب بيعها عن طريق معارض الشركة نفسها في المحافظات. واعتبر راشد أن إقامة خمس ورش مركزية في عدد من المحافظات وخمس ورش طوارئ متنقلة ومستوى الخدمات العالية التي تقدمها الشركة للعملاء بعد البيع انعكس إيجاباً على ثقة الناس بهذا النوع من السيارات وهو ما غفل عنه وكلاء السيارات الأوروبية والأمريكية في اليمن حد تعبيره . من جانبه اشار رئيس قسم التحليل المالي بشركة ناتكو سمير الرعيني أن تحقيق النجاح في مبيعات السيارات بواسطة الوكلاء في أي بلد ليس بالأمر الهين لأن الأمر يحتاج إلى رأس مال كبير يُمكن الوكيل من توفير كافة انواع قطع الغيار للسيارات التي يستوردها. واعتبر الرعيني أن سياسة احتكار قطع الغيار التي اعتاد عليها الكثير من وكلاء السيارات الأوروبية والأمريكية تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع مبيعاتها في اليمن، فضلا ًعن سعي بعض وكلاء السيارات إلى السعي لتحقيق البيع الفوري بغض النظر عن تحقيق الاستمرارية في الأسواق. (( اختفاء ماركات عالمية )) وعن أسباب توقف شركة ناتكو عن استيراد السيارات الأمريكية من نوع( فورد ، لينكولن ، ميركوري) باعتبارها الوكيل الحصري في اليمن.. أرجع مسؤولو المبيعات في الشركة تلك الأسباب إلى وقود البترول المخلوط بمادة الرصاص في اليمن و الذي كان سبباً رئيسياً لحدوث اعطال متكررة للسيارات الأمريكية الأمر الذي أدى إلى فقدان شعبيتها بشكل كبير. وفيما تشهد أسواق السيارات في اليمن نمواً متسارعاً من خلال دخول العديد من الماركات الجديدة خاصة ذات الطابع الآسيوي إلا أن المتابع لسوق السيارات يجد أن هناك عدداً من الماركات العالمية قد اختفت رغم دخولها السوق اليمنية منذ سنوات طويلة ومنها سيارات (فولفو) السويدية و(لآدا) الروسية و(إف إس بولنز) الرومانية (تاتا) الهندية و(فيات) الإيطالية و(جي إم سي ، شفروليت ، فورد ، ميركوري ، لينكولن) الامريكيات و(أوبل)الألمانية بالاضافة إلى السيارات الإيرانية.