مدخل : يتسم عصرنا الراهن بأنه عصر المعلوماتية والانترنت، فقد شكلا معاً فتحاً كونياً؛ لايمكن معه لأي مجتمع أن ينعزل بنفسه عن مجمل المتغيرات سلباً أو إيجاباً.. هنا يمكن القول أن الثقافة والمعرفة والتعليم تشكل معاً منظومة متكاملة، ترتكز جميعاً على فعل القراءة، وهنا تتنوع وتتعدد مجالات القراءة وأساليبها وطرقها. فمع الانترنت ظهر الكتاب الالكتروني، وهذا الأخير لايلغي الكتاب الورقي، بل يضيف إليه لوناً آخر وأسلوباً آخر، حيث تتسع الخيارات أمام الأفراد من أجل تعميق معارفهم وثقافاتهم، وتزداد أهمية القراءة في مجتمع تقليدي كاليمن. حيث يوصف في مجمل التقارير الدولية والاقليمية بأنه مجتمع ترتفع فيه معدلات الأمية خاصة بين النساء، يعيش غالبية سكانه في الريف، تتدنى فيه ملامح التحديث الاجتماعي والاقتصادي. في هذا السياق ووفق ماتطمح إليه السياسات الرسمية والخطط التنموية من تزايد حجم التطور والتحديث فإن القراءة كعملية فردية وجمعية تعتبر ذات أهمية كبيرة من منظور تحقيق التنمية البشرية المستدامة، هنا تكون القراءة «باعتبارها فعلاً معرفياً وثقافياً» تسهم في تعزيز فاعلية الأفراد والجماعات «رجالاً، نساءًً»، أطفالاً نحو واقع التعليم الذاتي والاستدامة فيه، باعتبار المعرفة والثقافة مجالاً مفتوحاً من حيث الإطار الزمني. في دراسته الموسومة ب «القراءة.. فعل معرفة وثقافة» يناقش الدكتور فؤاد الصلاحي في محوره الأول نحو تأصيل معرفي وثقافي لمفهوم الكتاب القراءة ودلالاتها الإنمائية والتحديثية ويرجع ذلك إلى البنية التقليدية للمجتمع اليمني بمكوناتها العصبوية ومنظوماتها الثقافية الموروثة وبروز فاعليتها كمحدد لوعي الأفراد والجماعات يعكس إزدواجية تبرز ثنائية التقليد والحداثة تتعايش جنباً إلى جنب مختلف البنى التقليدية والحديثة. فالمجتمع اليمني يصنف بأنه مجتمع تقليدي دخل علم التحديث متأخراً يعيش غالبية سكانه في الريف حيث تتدنى مستويات التحديث والتنمية وترتفع معدلات الأمية خاصة بين النساء وشيوع الثقافة الشعبية. في هذا السياق الذي تتضاءل فيه فرص التحديث الثقافي والمعرفي ومنها تضاؤل اقتناء الكتب وتضاؤل القراءة فإنه يصعب معه القول ببناء مجتمع المعرفة الذي أصبح سمة أساسية لعصرنا.. فلكي تنجح الدولة في اليمن في تحقيق خطط التنمية لابد وأن يرتبط ذلك بمدى قدرة الأفراد والجماعات «الدولة والمجتمع» على اكتساب المعرفة وتوظيفها وانتاجها. وناقش في المحور الثاني الكتاب في اليمن وموقعه. وتوصل إلى أن واقع المجتمع في اليمن المعاصر سيتلزم وفقاً لمنطق الحاجة والضرورة وتوسيع مجالات التنمية الثقافية، وتسهيل حصول الأفراد على الكتاب والمعلومة. ومعنى ذلك أنه على الحكومة اليمنية أن تكون سياساتها واستراتيجياتها الانمائية متمحورة حول تنمية رأس المال البشري «الإنسان بذاته» من حيث بناء قدراته معرفياً ومهاراتياً وثقافياً أي أن تجعل من الثقافة محوراً لها، ولتحقيق ذلك لابد من توسيع الاختبارات أمامه. وفي محور الأهداف والغايات التي ترتبط بالكتاب والقراءة جاء تقديم فهم ورؤية جديدة «فهم عقلاني» لمجمل عناصر الثقافة الشعبية والفلكلور اليمني، وخلق آليات جديدة للتواصل المعرفي والثقافي وللتعليم الذاتي على رأس الأهداف، وتتابعت الأهداف من تمكين المواطن من فهم واقعه وحياته ومايعترضها من تحديات واشراكه في مناقشتها ووضع المعالجات.. إلى بناء شخصية مشاركة فاعلة قادرة على التكيف والاستيعاب الإيجابي للمتغيرات العالمية..إلى جانب تعزيز الوعي بالمواطنة العالمية الجديدة «ثقافة جديدة لعصر جديد» بالإضافة إلى التأكيد على أن التنوع الثقافي هو ثراء للفرد والمجتمع وليس عنصر فرقة وتشتت. تجديد وتطوير مفهوم الهوية الوطنية والحضارية التي لاتكتسب مقدرتها على البقاء والفاعلية إلا بمقدرتها على التطور والتفاعل مع مختلف المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتغيرة اعتبرتها الدراسة من أهم الأهداف والغايات المرتبطة بالقراءة.استاذ علم الاجتماع السياسي المشارك