أكد تقرير لجنة الاعلام والثقافة والسياحة بمجلس النواب ضرورة محاسبة ومساءلة المسؤولين في وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والجهات الأخرى ذات العلاقة، وذلك لعدم تنفيذتلك الجهات لتوصيات المجلس المتكررة بشأن الحفاظ على المواقع والمعالم الأثرية في محافظتي مأرب والجوف حيث لاتزال تتعرض تلك المواقع في هاتين المحافظتين لشتى أنواع النبش والحفر العشوائي والتدمير ونهب وسلب كل ما تحتويه المواقع الأثرية من تحف ومقتنيات أثرية عظيمة لا تقدر بثمن. وأوصى التقرير الذي قدمته اللجنة حول نتائج زيارتها لتقصي الحقائق بشأن أعمال النبش العشوائي ونهب الآثار من المواقع والمعالم الأثرية التاريخية في محافظتي مأرب والجوف ضرورة وضع استراتيجية وطنية للحفاظ على الآثار والبحث عن مصادر تمويل خاصة لتنفيذ تلك الاستراتيجية من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات والهيئات الدولية، إلى جانب ما يتم رصده في موازنة هذا القطاع لما يحتله من أهمية ثقافية وسياحية واقتصادية. مشدداً على أهمية قيام السلطة المحلية بالمحافظات في حماية تلك المواقع والمعالم التاريخية والتنسيق بين كافة الجهات المركزية والمحلية المعنية تجاه كافة القضايا المرتبطة بشؤون الآثار والمدن والمعالم التاريخية لتعزيز العمل الجماعي والمشترك في الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها واستغلالها بصورة مثلى، إلى جانب انتهاج مبدأ الشفافية العلنية في إظهار الاتفاقات والمساعدات وأعمال المنظمات والبعثات الأجنبية في مجال التنقيب عن الآثار وضرورة إشراك السلطات المحلية في المحافظات المعنية بكل ما يتعلق بالاتفاقات. وتطرقت اللجنة البرلمانية إلى أهمية إجراء المسوحات الميدانية الشاملة للمواقع والمعالم والمدن الأثرية واعدادها في خرائط ومجسمات بهدف توثيقها والحفاظ عليها تشمل اللغة العربية واللغات الاجنبية الحية مع اسقاط لكافة المعلومات التاريخية والسياحية بكل موقع على تلك الخرائط، كما أكد أهمية البدء بتنفيذ متحف مأرب والذي تم رصد تمويل لهذا المشروع منذ سنوات من قبل الدولة والدول المانحة ولم ينفذ.. لذلك شدد على ضرورة محاسبة المتسببين في تأخير تنفيذ هذا المشروع لحفظ وعرض وتصنيف القطع الأثرية المكتشفة وأوصى كذلك على تعزيز دور الأجهزة الأمنية في مكافحة السطو على الأثار ومتابعة عصابات سرقة وهدم وتدمير المواقع الأثرية وضبطهم واسترداد ما بحوزتهم وتقديمهم للعدالة مع إعادة النظر في حجم ومهام الحراسات المحسوبة على المواقع الأثرية ومنحهم المستحقات اللازمة حتى يتمكنوا من أداء مهامهم على أكمل وجه..كذلك أوصى التقرير البرلماني على ضرورة معالجة مشكلة ادعاء بعض المواطنين بملكية بعض جوانب من مساحة أراضي المواقع الأثرية بالاستناد إلى قانون أراضي وعقارات الدولة رقم«21» لسنة 95م وقانون الآثار رقم «21» لسنة 94م وتعديلاته لسنة 97م بما يضمن الحفاظ على هذه المواقع التي تقع في نطاقها كملكية عامة وخاصة بالدولة وازالة أي استحداثات في البناء والزراعة بالقرب من المواقع الأثرية كما هو حاصل في معلم عرش بلقيس «معبد برآن». كما رأى التقرير ضرورة الاهتمام بالمختصين في مجال الأثار من خلال تأهيلهم لاكتساب الخبرات والمعارف العلمية وتمكينهم من مرافقة البعثات الاجنبيه العاملة في مجال التنقيب الأثري للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال. وكانت اللجنة البرلمانية المكلفة بالنزول إلى محافظتي مأرب والجوف لتقصي الحقائق حول صحة أعمال النبش العشوائي للمواقع الأثرية في تلك المحافظتين ونهب آثارها قد زارت عرش بلقيس «معبدبران» في محافظة مأرب والذي أصبح مهيئاً إلى حدٍ ما لاستقبال الأفواج السياحية الداخلية والخارجية إلا أن اللجنة كما أوضح التقرير وجدته مغلقاً أثناء الدوام الرسمي وخالياً من الحراسة والحماية، وأضاف التقرير أن اللجنة المكلفة علمت أن المسؤول المباشر عن هذا المعلم التاريخي نادراً ما يتواجد رغم أنه موظف رسمي ويستلم مستحقاته شهرياً، وأشار التقرير كذلك بأن اللجنة لاحظت الزحف التدريجي على هذا الموقع الهام وذلك من خلال توسع المواطنين في تملك الأرض المحيطة بموقع المعبد والتوسع في الأعمال الزراعية والتي وصلت إلى مسافة متر واحد فقط عن الموقع، كما لاحظت اللجنة كذلك أن الجانب الذي جرى التنقيب فيه يُعد جزءاً يسيراً من بقية مساحة هذا المعلم التاريخي بما في ذلك المساحة التي تم البسط عليها والزراعة فيها.. وتبين للجنة أن دخول المعبد لا يتم إلا بعد دفع مبلغ خمسين ريالاً عن الشخص الواحد تسلم للمسئول عن فتح بوابة المعبد بدون تقديم أي سند رسمي بذلك. هذا وكانت اللجنة قد أوضحت في تقريرها المقدم لمجلس النواب مدى مأساوية الأوضاع في مختلف المدن والمواقع والمعالم التاريخية والأثرية في محافظتي مأرب والجوف والمتمثلة في النبش والحفر العشوائي وسلب ونهب مكونات تلك المواقع والمعالم الأثرية من قبل عصابات تهريب الآثار، كما لاحظت اللجنة أن أعمال التنقيب الأثرية لا تتم وفقاً لدراسات شاملة. كما أوضح التقرير في استنتاجات وملاحظات اللجنة وجود غياب شبه كامل للجهات المختصة ممثلة بوزارة الثقافة والهيئة العامة للأثار والمتاحف والجهات الأمنية المعنية والحكومية بشكل عام باعتبار المسئولية تكاملية للحفاظ على مختلف المواقع والمعالم الأثرية بالصورة المطلوبة بالرغم من التوصيات المتلاحقة من قبل المجلس كما رأت أن الموازنة السنوية في هذا الجانب ربما غير كافية، لكنها تؤكد بأن ما تم اعتماده في الموازنات السابقة لا يتم توظيفه بصورة فعلية مدروسة ومخططة للحفاظ على المواقع والمعالم الأثرية وصيانتها وترميمها وتطويرها أيضاً.