قانوناً لا تشترط الذكورة للعمل الصحفي أو الإعلامي غير أنه وحتى فترة ليست ببعيدة كان الإعلام ميداناً ذكورياً بحتاً. لأن المجتمع وقف أمام المرأة في ميادين عدة كان الإعلام أحدها إن لم يكن أشدها اعتراضاً ، فالمجتمع لا يسلم بأن تدخل المرأة ميدان الإعلام ولا يحترمها إن اقتحمت المجال غير مبالية فيه. ومع كل التعقيدات ورغم كل العراقيل ومهما كانت العقبات إلا أن المرأة أثبتت وبجدارة قوة تواجدها بل وتأثيرها وفاعلية رسالتها في هذه المهنة التي قل ما وصفت بمهنة المتاعب رغم" سلطويتها ". على بلاط "صاحبة الجلالة" استوقفنا عدداً من ضيفات البلاط ( مذيعات وصحفيات) ونظرنا كيف ينظرن للعمل تحت مظلة البلاط ، ثم ما هي التحديات والإشكاليات التي تعترضهن ؟ وخرجنا بحصيلة يمكن تلخيصها بالآتي : شحة المعلومات، صعوبة التنقل وعدم الاكتفاء الاقتصادي، وعدم التمكن من التعامل مع التكنولوجيا ووسائل العصر وكذا لا يوجد احتكاك بخبرات خارجية وأجنبية للاستفادة من تجاربهم وكذا الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه الإعلاميات والتي لا تمكنها من اقتناء كل متطلبات العصر المهنية (كمبيوتر، اشتراك بالنت وسائل اتصال وتواصل ) وغيرها. فضلاً عن تقبل المجتمع ومحاربة الزملاء من الذكور وسيطرتهم على المراكز القيادية وإشكاليات القات في الصحف وأوساط العمل الإعلامي وغير ذلك كان هذا مجمل ما ذكرت الأخت عائدة الصوفي أستاذة بكلية الإعلام . مؤكدة بأن العمل الصحفي للإناث في اليمن ما زال محفوفاً بالمخاطر وتعتقله الكثير من الصعوبات والعراقيل. مضيفة : هناك محافظات ومناطق لا توجد فيها إعلامية واحدة وهناك أسر تحرم بناتها من الالتحاق بالإعلام بسبب نظرتهم السلبية لهذا المجال رغم ما وصلنا إليه من تقدم. وتختتم : حتى في داخل المؤسسات الإعلامية نجد المرأة بعيدة عن مواقع صنع القرار، ولا توجد امرأة رئيسة أو مديرة لتحرير صحيفة حكومية ولا مديرة لإذاعة محلية أو في التلفزيون. فالمرأة الإعلامية تحمل هم مجتمع ولا تجد من يحمل همها أو يقف إلى جانبها في مشاكلها الكثيرة. المذيعات يعانين التهميش الإعلامية المعروفة مها البريهي قناة اليمن - تقول : لا أعتقد بأن هناك مجالاً للمقارنة بين الإعلاميين والإعلاميات فالإعلاميات يضعن أمام عدد من الشروط ويطلب منهن ماهو فوق طاقتهن بينما يكون الإعلاميون بعيدين عن هذه الشروط وتسيرهم العلاقات ومجلس القات ونجحف نحن عند اتخاذ القرار. تضيف: أحمل درجة مدير عام غير أنني لا امتلك صلاحيات للعمل وتنفيذ الخطط في إدارتي ، حيث تم تعييني مدير عام برامج المرأة، وتارة برامج الأسرة وأحياناً يسموها إدارة المرأة والطفل ولم أمنح صلاحيات ومكتباً وغيرها لأمارس عملي الإداري . وتعطى الأولوية في كل الحالات لذوي العلاقات والنفوذ رغم أن قراري منذ سنوات ولا ندري كيف يتم التعامل معنا ؟ وبأي معيار؟ ثم من المسئول عما يحدث؟ ولماذا نحن بعيدون عن اتخاذ القرار حتى فيما يتعلق ببرامج المرأة. السلطة بيد الذكور وتختتم المذيعة البريهي : لدينا نماذج جيدة في التلفزيون وكوادر متميزة وأعتقد بأنها ستقتل مواهبها سبب ما نعانيه من إقصاء وتهميش وعدم إتاحة الفرص المناسبة للمذيعات ، فالمذيعات يعانين التهميش وينقصهن التأهيل والتدريب وغيره نتيجة السياسة التي تقوم على أجندة بعيدة عن القانون واللوائح ولا تخضع إلا لأمزجة لا أكثر. محتاجات للتأهيل المهني والقانوني الأستاذة إشراق فضل عبدالله مدير شؤون الموظفين بفرع المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون تعز تقول: إذاعة تعز تعاني بشكل عام من الافتقار للتأهيل والتدريب والاهتمام رغم أنها إذاعة برزت منذ أيام الثورة المباركة وكان لها دور فعال من انطلاق بثها. وتضيف: هناك امرأة واحدة في طاقم الإذاعة تعمل مديرة إدارة وامرأة أخرى تشغل منصب رئيس قسم و عشر مذيعات، إلى جانب خمس أخريات مذيعات " بالقطعة " مساهمات. ومع ذلك فإنهن يفتقدن إلى المهارات التي تواكب الإعلام كون الإعلام في تقدم ملحوظ وهن بحاجة ماسة لمكتبة مقروءة ومسموعة يتزودن منها ويطلعن على كل جديد. وتختتم : الجانب القانوني مهم جداً للإعلامية حتى تتعرف على حقوقها من واجباتها وتستطيع بجدارتها عدم إغفال أي جانب مهني أو حق لها. ومع ذلك فإن إذاعة تعز تكاد تكون فيها تجربة المرأة رائدة ومعرفة وقد نلاحظ أكثر النساء البارزات وهن من طاقم الإذاعة سابقاً وعلى رأسهن أ. أمة العليم السوسوة وغيرها الكثيرات . لا يتم تقبلي كإعلامية فاطمة الأغبري صحفية ومراسلة موقع دنيا الوطن وقد حصلت مؤخراً على عضوية المدونين العرب تقول: هناك صعوبة في الحصول على المعلومات سيما لدينا نحن الصحفيات لأن المجتمع بكافة فئاته لم يعترف بعد بحق المرأة في الميدان الإعلامي، ودائماً ما تكون الأولوية للشباب "الذكور" على حساب المرأة بعيداً عن الأهلية والكفاءة حيث إن المعيار هنا قائم على الجنس " النوع". وتسترسل : بالنسبة لي كإعلامية أتضايق كثيراً وأنزعج لعدم تقبلي كإعلامية فالجميع ينظرون لي بنظرة سلبية ويقللون من قدراتي إن لم يقودهم التفكير الخاطئ إلى ماهو أبعد من ذلك حيث يكون الأمر متعلقاً بشرف الصحيفة وسمعتها .. فالمجتمع يتهم المرأة الصحفية بشرفها ويسيء تعامله معها ولم يدع لها فرصة لتثبت جدارتها وتبدأ التهمة فالحكم عليها واقع لا محالة ولا ينفع أي مبرر أو سند لتوضيح حقيقة العاملة في الإعلام والتي دائماً ما تكون ذات أخلاق حميدة وسمعة نزيهة وشرفها رفيع ولكن من تنادي من يسمع هذا ليتمهل قبل الحكم. الصحفيات المحافظات مهضومات أفراح البخيتي صحيفة أب الصحفيات في المحافظات مهضومات جدا ًوينقصهن دورات تأهيلية وتدريبية لإكسابهن المهارات والاحتراف الحقيقي للمهنة. وتضيف أفراح والتي تكتب بأكثر من صحيفة: نحن نفتقد الكثير من المهارات ومع ذلك فليس زملاؤنا بأفضل حال منا بل قد يكونون أكثر بعداً عن المهنة الإعلامية غير أنهم يحضون بالمراكز ويكونون دائماً في المقدمة أما نحن فحالة استثنائية ولا يعطى لنا الفرص في الوقت المناسب ونكون دائماً في الطابور الخلفي. وتستطرد: الصحافة مهنة راقية ورسالة رائدة لتغيير المجتمع والحفاظ على العادات والتقاليد الجميلة فيه ولكن مجتمعنا يفهمها بعكس ذلك تماماً. ويحاول أن يحتال على المرأة لإبعادها عن هذا الميدان وأنا شخصية تعرضت لحملة شرسة جراء كشف قضية الزواج السياحي في إب وغيرها من القضايا. لم نصل بعد للقبول المذيعة منى الطثي معدة ومقدمة تلفزيون اليمن تقول : التدريب والاحتكاك بالخبرات الخارجية شيء مهم للإعلامية وهذا ما يفتقر لدينا ونظل على جهودنا الذاتية ولا نستطيع تطوير ذاتنا بالشكل المطلوب. وتواصل : المؤسسات الإعلامية تدعمنا ولكن لا نجد الميزات التي يحضى بها بعض الذكور ربما لاننا لم نصل بعد للقبول والمساواة فالمؤسسات الإعلامية جزء من مجتمعنا الكبير ومع ذلك فوجودنا وعملنا بمختلف الإدارات في إطار التلفزيون هذا نجاح بحد ذاته ويحسب للمرأة . وتختتم حديثها : الشارع لا يحترم الإعلامية وينظر لها باحتقار وقد يكون يعض الزملاء أيضاً يتسببون بمضايفات مختلفة لنا في العمل. يطمحن لإعلام هادف وذي مضمون جيد الأخت حنان مقبل كلية الإعلام تقول: نحن لم ندخل الكلية هذه بالتحديد ارتجالاً بل وفقاً لهدف مرسوم وطموح مدروس لكل خطواته. تضيف: تمر السنة الدراسية تلو الأخرى وأجد نفسي أفتقد للكثير من المهارات والمعارف وأسلوب الكلية معتمد على التلقين فحسب وبنسبة كبيرة. وتواصل: نريد صقل المهارات المهنية التخصصية والموضوعية في المجال الإعلامي ويكون هذا مرافق للدراسة الجامعية أو خلالها. وتستطرد: أعتقد أن طلاب الإعلام لا ينفعون للعمل بعد التخرج لأنهم غير مؤهلين لذلك إلا من يمارسون العمل من قبل فمتى تعتمد الكلية على التطبيق حتى نتخرج إعلاميين نسعى للاحتراف وليس طلاباً نريد تدريباً ونصطدم بالواقع العملي المغاير لكل ما تعلمنا وفي الجامعة. أسرتي تشجعني والمجتمع سيتغير الأخت /ابتهال الضلعي مذيعة في قناة السعيدة تتحدث عن تجربتها في الاعلام بالقول: تجربتي في الإعلام المرئي كانت ممتعة ومفيدة وعشتها بكل أبعادها، وكونها التجربة الأولى بالنسبة لي " ألوان السعيدة" فقد كانت محطة مهمة ومحك رئيسي ونقطة تحد حاولت من خلالها الاجتهاد قدر المستطاع والتعلم في كل لحظة والآن يبث برنامجي الجديد "جولة في الديار" وقد أصبحت أكثر ثقة وتلقائية أمام الكاميرا. وتضيف: الجميل في موضوع ظهوري هو أنه كان من خلال أول شاشة يمنية فضائية خاصة ومنوعة "السعيدة" وفي شهر رمضان المبارك ويومياً وهذه بداية موفقة باعتقادي... أما بالنسبة للمعوقات فإن الأستاذة ابتهال تختلف عن غيرها من الزميلات ربما لكونها جديدة على هذا الميدان ولم تعرف بعد كواليسه تقول الضلعي : كانت المعوقات على مستوى تقني وفني فقط ومحدودة، أما بالنسبة على المستوى العائلي فالحمدلله أنا أحظى بدعم أسري لا متناه والدي يقف بجانبي ويرافقني إلى الأستوديو بشكل شبه دائم والكل متفهم طبيعة عملي كونه حلم منذ الصغر نما معي وبإشراف وتوجيهات من أفراد أسرتي. وتستطرد: لكن كمعوق اجتماعي أظن بأن الفهم الخاطىء ما زال قاصراً لكثير من الناس في مجتمعنا فيما يتعلق بعمل المرأة كإعلامية وبالأخص ظهورها على شاشة التلفاز. وتتفائل بحيث تردف قائلة: أنا متأكدة من أن هذا الوضع سيتبدل قريبًا وتدريجياً مع مرور الأيام فمهما كنا مجتمعاً تقليدياً إلا أننا نمتلك قدراً معقولاً من المرونة تسمح لنا بالتأقلم مع كل جديد شأن هذا الموضوع كشأن سفر المرأة للدراسة وقيادتها للسيارة وانخراطها في العمل السياسي وغيرها من الموضوعات التي كان من الصعب تقبلها وتغير الحال فيما بعد. لا يوجد من يحترم الصحفية أحياناً الزملاء يحاولون التعامل معنا دون احترام بل يذهبون للتفكير بأننا سنقبل بذلك. هكذا تقول ( س) والتي تعمل بإحدى المؤسسات الصحفية وتضيف: مجتمع الصحافة مجتمع فيه الكثير من القذارة للأسف وبنظر فيه للمرأة على أنها جسد. وتواصل: هذا الأمر يقلقني ويجعلني أجد إجابة لتأخر زواجي حتى أني أحاول أحياناً أنقطع عن العمل ولولا الحاجة الماسة للعائد المادي ولشغلي لكنت انقطعت دون رجعة. وتختتم: لا يوجد من يحترم الصحفية في مجتمعنا ولا يوجد من يحميها أو يقف إلى جوارها وبقدر دورها ولا يوجد من يسمع شكواها ويحل مشاكلها وإلا لماذا هذا الوضع المخزي والمتردي للصحفيات، فالمستحقات تأخذ ولا ننصف فيها والعلاوات لا تصلنا والامتيازات لا نعرف عنها إلا أخبار الزملاء الذي يحضون بها ومع ذلك ما زلنا نكافح ونأمل أن نجد من يقدرنا ويعمل على دعمنا. عند المنتهى في التلفزيون تشكو المرأة هناك من الإقصاء والتهميش بسبب نون النسوة ولا تعطى مثل الذكور من الميزات والصلاحيات حتى على مستوى توزيع العمل والظهور والمكافآت والتغطيات فضلاً عن الابتعاث والوفود الخارجية التي يحظى بها الذكور بكل جدارة. وفي الإذاعة الحال ليس بالأحسن فالمرأة تشكو أيضاً وتعاني بل وتتألم وفي كل المحافظات. أما الصحافة فحدث ولا حرج لم نجد حتى اليوم امرأة في منصب رئيس تحرير لصحفية رسمية ولا نائب رئيس ولا مدير تحرير أو حتى سكرتير تحرير أو في مركز ذات أهمية إلا ما يتعلق بدورها الإنجابي كأن تكون مسؤولة عن الأسرة أو الطفل . وفي الصحف الحزبية لا يختلف الأمر كثيراً فلا وجود للعنصر النسائي في رئاسة الصحف الحزبية وإن وجدت المرأة فإنما تكون في الصحف الأهلية (الخاصة) وهي قليلة رغم تميزها. ورغم هذا فإن المرأة الصحفية ما زالت تعاني وتعاني ليس فقط من إقصاء المؤسسات بل من المجتمع الذي لم يؤمن بعد بإنسانيتها الكاملة ويتهمها بما ليس فيها لمجرد أنها خاضت غمار الصحافة والإعلام ولذا نجد العديد من الأقلام النسائية تختفي من الساحة مع بداية ظهورها والأسباب اجتماعية وأسرية معروفة نعزيها دائماً للعادات ونحملها التقاليد ونتحجج أحياناً بالظروف وكلها حيل لإخفاء حقيقة ربانية أن للمرأة ما للذكر وفي كل ميادين العمل. بيت من زجاج: كوني صحفية لم يكن بيتي من زجاج ولم أكن أقل معاناة من غيري بل قد أكون أكثر معاناة ومع ذلك فإنه لا بد من التحلي بالصبر وقوة الإرادة ولتكن العزيمة جبارة لمواجهة كل الاحتمالات واكبر الخسائر، وثقتنا بالله كبيرة. .. دمتم