تشكل قضية السطو على عدد من المواقع الأثرية في اليمن تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية وخبراء الآثار الذين يجاهدون للحفاظ على كنوز لا تقدر بثمن، يسعى اللصوص دائماً إلى نهب محتوياتها، غير عابئين بأنها إرث للجميع لا يمكن تعويضه. ففي غضون أسبوع خلال شهر يناير الماضي تعرض موقعان أثريان في محافظة إب يعود تاريخهما للحضارة الحميرية قبل الإسلام للنهب على الرغم من الحراسة المشددة التي ضربت في عين المكان. وعقب إبلاغ الجهات الرسمية عن اكتشاف موقع بمنطقة ظفار التاريخية بمديرية السدة استطاعت مجموعة مسلحة التسلل إلى المكان وقيدت جنود الحراسة قبل أن تقوم بنهب محتويات تابوتين كبيرين من المجوهرات الذهبية والتحف والحلي وأثاث جنائزي وجدت داخل قبر برونزي يعتقد أنه يعود للملك الحميري شمر يهرعش وآخر لامرأة ربما تنتمي لعائلة ذي ريدان التي حكمت اليمن قبل الإسلام. ويتهافت الكثير من الباحثين عن آثار الدول الحميرية التي يعتقد أنها تركت كنوزاً من الذهب في مراكز حكمها في المناطق والهضاب اليمنية الوسطى ما جعلها عرضة للتدمير والبحث عن تلك الكنوز خاصة من قبل مهربي وتجار الآثار الذين كثّفوا من أنشطتهم في السنوات الأخيرة. وتشير الإحصائيات المتوافرة أن نشاط تهريب الآثار في ارتفاع مستمر كما تدل على ذلك عدد القطع المضبوطة بحوزة مهربين في المنافذ اليمنية.. فخلال العام 2004 بلغ عدد القطع المضبوطة في المطارات أكثر من ألف قطعة أثرية وتجاوز العد المضبوط منها خلال العام 2005 هذا الرقم بكثير خاصة بعد اكتشاف عصابة يتزعمها عراقي عثر في مسكنه على 788 قطعة أثرية تعود إلى الحضارات اليمنية القديمة قبل الإسلام وبعده.. ووصلت عدد القطع المضبوطة خلال العامين الماضيين نحو 1500 قطعة. وخلفت العمليتان الأخيرتان ردود فعل غاضبة لدى مختلف الأوساط اليمنية ما سلّط الأضواء الإعلامية مجدداً على النهب الذي تتعرض له الآثار، التي انتعشت في العقدين الأخيرين بشكل ملحوظ نتيجة لعدة عوامل أهمها صعوبة مراقبة الهيئة العامة للآثار لكل المناطق الأثرية اليمنية وقيام بعض الأشخاص المحترفين بالبحث عن الآثار بالتواطؤ مع السكان المحليين وبيعها لأفراد يتاجرون بها مع عصابات دولية منظمة تروج لبيعها في الخارج. ومنذ حرب صيف 1994 تزايدت تجارة تهريب الآثار من قبل العصابات المنظمة دولياً والوسطاء المحليين الذين أصبحوا مع طول المراس في التعامل مع الخبراء سماسرة محترفين يسبقون الجهات المعنية إلى المواقع الأثرية مثلما حصل في الأسبوع الماضي عندما سطوا على ما يزيد عن 50 قطعة من الذهب الحميري مازالت قوات الأمن تبحث عنهم. وتزداد المخاوف في الوقت الراهن من عمليات النهب المنظم للآثار، خاصة حينما يتعلق الأمر بعصابات منظمة وعوائد مالية يسيل لها لعاب الكثيرين من المهربين.. وما يشاع عن كنوز حميرية هائلة من الذهب الخالص مدفون في الرقعة الجغرافية التي امتدت عليها الحضارة الحميرية القديمة والتي تكررت فيها حوادث التنقيب ليلاً عن مكامن تلك الكنوز الأثرية التي تركها الأجداد ليعبث بها الأبناء.