لازمه الأرق تلك الليلة كظله، النوم آخر ما يشغله .. حتماً في صباح اليوم التالي سيتوجب عليه التوجه إلى الطبيب. مرة أخرى الوقت يتجاوز الواحدة والنصف، ولا يبدو أن لهذه الأدوية طاقة في استيعاب انفعالاته. تذمر كثيراً وثرثر أكثر، أثناء سيره نحو المطبخ باعتقادي انه لم يكن يود شيئاً قبل أن يربكه مصباح الثلاجة، لا بأس بكوب من الحليب .. غير أن الكوب الذي فر من بين يديه، أخذ يكسب الأرضية لمعاناً جميلاً .. غير معقول، أين ال . . آآه، أظن أنه لم يكن ينوي الرحيل قبل عناق ٍ أخير .. أوووووه أحتاج الآن لأكثر من مكنسة، اسند ظهره إلى الكنبة قبل أن يعقم الخدش أسفل قدمه، ولكن دون شعور كان قد غرق في نوم عميييييق .. من يدري إن لم يزعجه جرس الهاتف إن كان سيستفيق؟! ألو، نعم، وكم الساعة الآن، أووووه ..، لا تقلق في الغد سيكون كل شيء جاهزاً، غداء شهياً، إلى اللقاء أممممم، يبدو أن السر يكمن في هذا الشيء لا بأس سأنام هنا حتى أتمكن من شراء سرير أفضل. ومن جديد كان في المساء يفرش بجسده صدر المكان، غير أنه هذه المرة أحضر المنبه وملاءة ً سميكة. الساعة تهم بمغادرة الثانية عشرة لا جدوى .. حاول أن يتذكر سلسلة الأحداث لليلته السابقة .. سيجارة .. فتاة جميلة عبر .. بالجريدة من النافذة .. في المطبخ .. هاااااااا أين أنت أيها الشقي الصغير، نظر إليه ملياً قبل أن يحاول إزالة الجلد الزائد من على أطرافه أأووووووه ليس مرة أخرى، كم أمقت هذا الأحمر، على الفور أخذ منديلاً محاولاً إيقافه قبل أن يلوث السجادة، والغريب أنه أحس بشعور جميل لم يستطع أن يستمر في معايشته لأنه كان قد رمى بجسده المتهالك وخر يتلو نوماً هانئا .. منذ ذلك الحين وكلما مسه أرق حبس عنه النوم، كان يتحرش بذلك المسكين .. فحيناً بأظافره، وأخرى بالقلم، ومرة ً بطرف المدية، ومرارا بالمقص، على العموم انتقلنا من الحي منذ أعوام، لكن كل الذي وصلني من أخباره انه مات متأثراً بداء الغرغرينا، ربما هو الآن ينام بسلام كما كان يحلم..