لحماية النساء الحوامل والأطفال من الملاريا في المناطق الموبوءة والأكثر عرضة لمرض الملاريا كان لا بد من الاهتداء إلى أساليب مكافحة أقل كلفة وأكثر فاعلية لقهر البعوض الناقل لهذا المرض الخطير ودحره عن بلوغ أجساد الأطفال والنساء الحوامل، حيث يضعف جهاز المناعة أثناء الحمل بالنسبة للأم الحامل مما يجعلها- إذا أصيبت بالملاريا- في وضع حرج أكثر خطورة، نظراً لقابليتها العالية للتعرض لمضاعفاتها الخطيرة. كذلك الطفل دون سن الخامسة، لأن الجهاز المناعي للطفل في هذه المرحلة العمرية في حالة تطور، وليس لدفاعات جسمه غير المكتملة القدرة على مقاومة هذا المرض. وأهم تلك المضاعفات التي تبقي هاتين الفئتين عرضة لها «الملاريا الدماغية- فقر الدم- الارتفاع الشديد في درجة حرارة الجسم- التشنجات العصبية- الفشل الكلوي- الالتهاب الرئوي- إجهاض الحامل- ولادة أطفال ناقصي الوزن» ومن شأنها أن تؤدي إلى الوفاة، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير والتشديد على ضرورة حماية ووقاية فئة الأطفال والنساء في سن الإنجاب من هذا المرض الوخيم، من خلال مكافحة البعوض الناقل لطفيل الملاريا الذي تتغذى إناثه على دم الإنسان للتمكن من وضع بيوضها. لقد جاءت فكرة الناموسيات المشبعة بالمبيد القاتل والطارد للبعوض، وبالفعل حققت الكثير مما كان مأمولاً منها، حيث يُلجأ لاستعمالها في الليل، الوقت الذي ينشط فيه بعوض الملاريا متعطشاً للدماء، بدءاً من غروب الشمس وحتى انتهاء الليل وتبدد ظلمته إذا ثبت علمياً ألا خطورة منه في نقل المرض نهاراً. وبذا حازت الناموسية المشبعة بالمبيد على الأفضلية في كثير من الأحوال فالمبيد الحشري الطارد والقاتل للبعوض مكون من مكونات الناموسيات يمزج فيها أثناء التصنيع وفق مواصفات ومعايير منظمة الصحة العالمية، وتأثيره يدوم طويلاً حتى سنوات عديدة قد تصل إلى خمس سنوات، وفي الوقت ذاته فهو موفور الحماية، أمن ليس فيه ضرر على الإنسان ولا على البيئة ولا على الحيوان. علاوة على ذلك تمنح الناموسيات المشبعة مستخدميها المستهدفين نوماً هادئاً، مانعة لدغ البعوض الناقل للمرض وبقية أنواع البعوض الناقلة لأمراض أخرى، وكذلك الحشرات الضارة، كالقمل وبق الفراش. وتعد واحدة من وسائل الحماية الفعالة لمنع نشر دعوى الملاريا عند بلوغ نسبة تغطية تزيد على «08%» من مجمل سكان المنطقة المستهدفة. وأهمية هذه الناموسيات وفوائدها لم تأت من فراغ، وإنما دلت عليها وأكدتها التجارب والدراسات العلمية، مثبتة بأن استخدامها أكثر فاعلية في الوقاية من الإصابة بداء الملاريا، ومنها دراسة أجريت في تايلاند توصلت إلى أن الناموسيات المشبعة بالمبيد وحدها كفيلة بوقاية «05%» من الإصابة بالملاريا في المناطق التي تعتبر الملاريا فيها حادة بنسبة «06%». كما أثبتت دراسات أجريت في أفريقيا أن استخدامها يؤدي إلى خفض الوفيات بين الأطفال دون الخامسة بنسبة «91%» يضاف إلى ذلك أنها وسيلة الاستخدام من قبل أفراد المجتمع من مختلف الأعمار، وتعمل على وقايتهم من الكثير من الأمراض «كداء الفيل- الليشمانيا- حمى الضنك- حمى الوادي المتصدع- داء السوداء». ومن واقع التجارب الميدانية ثبت أن الناموسيات المشبعة بالمبيد لمكافحة النواقل- علمياً سهلة الاستعمال، يستطيع الجميع أن يستعملها بسهولة فائقة، والجانب العلمي فيها أنها ليست بحاجة إلى جهود وترتيبات كعملية الرش وغيرها. إلى ذلك أنها توفر مانعاً ميكانيكياً يفصل الشخص عن البعوض عند استعمالها، ووجود المبيد داخل ألياف الناموسية له مفعول طارد للبعوض، فإذا لامسها قضي عليه. وهناك معايير معينة لضمان الاستخدام الصحيح للناموسيات المشبعة وبلوغ الهدف المنشود وهو وقاية الأطفال الصغار والحوامل من هذا المرض للحد من خطورته العالية على هاتين الفئتين، عبر: - تعليق الناموسية الجديدة في الظل لمدة 24 ساعة» بعد استلامها مباشرة وقبل البدء باستخدامها. - إدخال أطراف الناموسية تحت الفراش، لإبقاء البعوض الناقل للملاريا خارج الناموسية. - استخدام الناموسيات المشبعة بالمبيد كل ليلة والنوم تحتها طوال فترة الليل، كون البعوض ينش مع بداية ظلمة الليل، بعد غروب الشمس. - تثبيت الناموسية على شكل خيمة وتجنب ملامستها للجسم أو استعمالها كلحاف، إذ من الممكن أن يسبب مبيد الناموسية على الفور عند حدوث شقوق وتخزقات فيها لمنع دخول البعوض. - تجنب إشعال النار قرب الناموسية أو تركها تحت أشعة الشمس، لأن أشعة الشمس تضعف فعالية المبيدات. - المحافظة على الناموسية من المياه والأوساخ والأتربة وإبقاؤها بعيدة عن عبث الأطفال. - غسل الناموسية المشبعة بالمبيد بالماء الفاتر فقط وبرفق دون استخدام أي مواد منظفة، وذلك مرة كل ثلاثة أشهر، أي بمعدل أربع مرات في السنة الواحدة. ولا أثر ضار- البتة- على الذين يستعملون لناموسية، فهي لا تؤثر على الإنسان ولا حتى على الحيوان أو البيئة، كما ذكرت..غير أنه في حالات نادرة جداً قد يصاب بعض مستخدميها بحكة نتيجة ملامسة الناموسيةالمشبعة بالمبيد لأجسادهم، وهذا لا يشكل خطورة علىالإنطلاق، إنما الواجب- تلافياً لوقوع هذا الإشكال- إبقاء الناموسية في مستوى مرتفع لا يلامس الجلد، إلا أن الحذر مطلوب تلافياً لهذا الإشكال.? المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني