أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان عن تنفيذ عدد من الإجراءات الاحترازية لاحتواء فيروس حمى الضنك الذي عاد للظهور في 11 مديرية موزعة على محافظات: شبوة، الحديدة، أبين، حضرموت (المكلا) ولحج. وبحسب المسؤولين فقد تمكنت الوزارة خلال الشهرين الماضيين من احتواء الوباء في محافظة الحديدة، ولا تزال أنشطتها مستمرة حالياً في بقية المديريات الموبوءة، من خلال تكثيف أنشطة الرش الضبابي ضد البعوض الناقل للمرض، وتوزيع الناموسيات في المديريات الموبوءة، بالإضافة إلى تكثيف أنشطة الترصد الوبائي لتحديد الحالات المصابة، وكذا إنزال الفرق الطبية المجهزة لمعالجة المرضى في الميدان. وحمى الضنك الذي تعرف عليه خبراء الصحة للمرة الأولى منذ أكثر من 2000 عام، مرض معدٍٍ تنقل فيروساته ذات الأربعة أنماط من شخص إلى آخر، أنثى بعوض من نوع يعرف ب(الزاعجة المصرية)، والتي تزداد أعدادها خلال مواسم الأمطار في المناطق الاستوائية والشبه استوائية، وشهد العالم في العقود الأخيرة نمواً مفاجئاً لمعدل انتشاره. وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 50 مليون شخص يصابون بعدوى الضنك في كل عام، بينما أصبح أكثر من 5، 2 مليار شخص (خمسي سكان العالم) تحت خطورة الإصابة به، وبات يستوطن حالياً في أكثر من 120 بلداً في أفريقيا والأمريكيتين والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وغرب الباسيفيك مقارنة بتسعة بلدان فقط في عام 1970م. ونادراً ما يسبب مرض حمى الضنك في حد ذاته الوفاة، لكن الخطورة تكمن في أهم مضاعفاته وهي الحمى النزيفية التي تم التعرف عليها لأول مرة عام 1950م خلال وباء للضنك في الفلبين وتايلاند، لكنه أصبح اليوم يصيب معظم بلدان آسيا وسبباً رئيساً للرقود بالمستشفيات وللوفاة في عدد من هذه الدول. ويسبب المرض أربعة أنماط من فيروس الضنك (DEN-1, DEN-2, DEN-3, DEN-4) والنمط الموجود في اليمن بحسب وزارة الصحة هو الثالث، وتحدث الإصابة مرة واحدة فقط للنمط الواحد، حيث يصنع الجسم مناعة صلبة مدى الحياة ضد هذا النمط.. بعد أن تعض أنثى البعوض (الزاعجة) إنساناً يحتوي دمه على أي من أنماط فيروس الضنك تصبح معدية وتبدأ بنقله الى آخرين،وما يميزها عن بعوض الملاريا أن الزاعجة تعض خلال النهار فقط، كما أنها تنقل الفيروس خلال تكاثرها عبر البيض إلى الأجيال اللاحقة، وهذا ما يجعل المرض أكثر انتشاراً. وتبدأ أعراض الضنك التي تشبه الأنفلونزا بالظهور خلال 5 6 أيام بع عض الزاعجة الناقلة، وتختلف أعراضه سريرياً بحسب عمر المصاب، وغالباً ما تبدأ (حمى الضنك) فجأة وهي حمى مستمرة شديدة الحرارة، يصاحبها صداع شديد خاصة خلف العين وألم في المفاصل والعضلات، وبعد 3 4 أيام من الحمى يبدأ ظهور طفح جلدي، فيما يصاب الأطفال بحمى غير واضحة أسبابها مصحوبة بطفح جلدي فقط. وقد يشفى معظم المصابين من العدوى بحمى الضنك تماماً خلال أسبوعين، ولكن في بعض الحالات خاصة عند الإصابة بأكثر من نمط أو نقص المناعة أو التغذية أو بزيادة العمر قد تطول فترة الحمى، وتبدأ أخطر مضاعفات المرض وهي حمى الضنك النزيفية، والتي تتميز بحمى مستمرة تصل إلى 41 درجة مئوية، وكذلك بالظاهرة النزيفية التي يسببها نقصان الصفائح الدموية وتكسر الأوعية الدموية مسبباً نزيفاً من الأنف والفم واللثة، والتي بدون العلاج المناسب قد تؤدي في الحالات الشديدة إلى فشل الدورة الدموية وبالتالي إلى وفاة 20 بالمائة من الحالات. لم يكتشف حتى الآن علاج محدد لحمى الضنك، وعلاج الحمى الاعتيادية الوحيد هو الراحة وكثرة شرب السوائل والعزل بعيداً عن البعوض، أما الحمى النزيفية فتعالج سريرياً بتعويض السوائل المفقودة، وقد يحتاج بعض المرضى إلى نقل الدم، ومع المعالجة المناسبة والمركزة قد يقل معدل الوفاة لدى المصابين بحمى الضنك النزيفية إلى أقل من 1 بالمائة بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. ويصعب حتى الآن إنتاج مصل مضاد للفيروس لأنه متعدد الأنماط، ولأن الوقاية ضد أحد الأنماط تزيد من خطورة الإصابة بالمضاعفات، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة التي نصحت بها منظمة الصحة العالمية في الوقت الحاضر للتحكم ومقاومة الضنك تتمثل في أخذ تدابير وقائية خاصة من خلال إعلان الحرب على البعوض وأماكن تكاثرها، وهذا ما سعت إليه الحكومة اليمنية من خلال إطلاق حملات رش المواد الكيميائية القاتلة للبعوض. كما أن للتثقيف الصحي دوراً أساسياً في حل المشكلة من خلال تثقيف المواطنين بأهمية ارتداء الملابس الطويلة خاصة في فترتي الصباح الباكر ونهاية النهار وقت نشاط البعوضة الزاعجة، وأهمية استخدام الناموسيات وإغلاق الشبابيك والأبواب التي دون وقاء غربالي، وإزالة أماكن تكاثر البعوض، مثل أماكن تجمع مياه الأمطار، والخزانات المكشوفة وحاويات القمامة وغيرها.