لم يتوقع أحد أن يقدم المنتخبان التركي والروسي عرضاً يؤهلهما أبعد من الدور الثاني في مشوارهما الكبير في بطولة يورو 2008م. كانت معظم الترشيحات تؤكد أن المنتخبين سيحاولان تقديم ما بوسعهما - في البطولة الثانية على مستوى العالم- للظهور المشرف وحسب. غير أن ما قدمه هذان المنتخبان أثبت أن التوقعات عادة ما تخيب. بلغ المنتخبان دور نصف النهائي عن جدارة واستحقاق بعد أن أطاحا بمنتخبات عريقة فكسبا احتراماً بالغاً خصوصاً المنتخب التركي ربما لاعتبارات خاصة لها علاقة بالدين. بدا عرض المنتخبين التركي والروسي في يورو 2008م أشبه بالمغامرة الجميلة؛ لكن أثبتت الأحداث أنها مغامرة على الرغم من جمالها لم يكن باستطاعتها العيش إلاّ لفترة زمنية محددة؛ وضع المنتخبان الألماني والاسباني حداً لهذه المغامرة التي أرادها كثيرون أن تستمر لمنتخبين فعلاً كسبا احترام الجميع بلا استثناء. كان المنتخب الإسباني قاسياً - أو هكذا بدا لي الأمر- بعد فوزه على روسيا بثلاثة أهداف لصفر. لقد كرر فوزه على الروس؛ فاز الأسبان في الدور الأول أيضاً، وبأربعة أهداف. خاض المنتخب الإسباني المباراة الثانية له أمام المنتخب الروسي بالتشكيلة ذاتها التي أخرجت إيطاليا بطلة العالم من ربع النهائي. بالنسبة إلى المنتخب الروسي فقد غاب عنه قلب الدفاع دينيس كولودين بسبب الإيقاف، ولعب مكانه فاسيلي بيريزوتسكي فكان التبديل الوحيد في التشكيلة التي تغلبت على هولندا 3-1 بعد التمديد في ربع النهائي؛ غير ان الظهور الباهر أمام هولندا تحول إلى سراب أمام المنتخب الاسباني. لم يلعب المهاجم البارع ارشافين مع المنتخب الروسي في المباراة الأولى؛ ومع ذلك ظهر المنتخب الروسي في المباراة الثانية فاقد الحيلة تماماً؛ بدت خطوطه غير مترابطة بما يكفي، في حين كان الإسناد الهجومي في أدنى مستوى له، بدا مهاجمه اللامع ارشافين وبقية رفاقه وكأنهم غير موجودين البتة على أرض الملعب. ومع ذلك تم اعتبار ما قدمه المنتخب الروسي في البطولة أمراً جيداً؛ تم استقبال المنتخب في روسيا بشكل رسمي وجماهيري فاق التوقعات. بالنسبة إلى المنتخب التركي؛ فقد تولى المنتخب الألماني على عاتقه إنهاء مشواره نظيره في البطولة. لقد حقق المنتخب الألماني الفوز على الرغم من سيطرة المنتخب التركي على مجريات اللعب في أغلب فترات المباراة وتفوقه الملحوظ من الناحية الهجومية. كانت المباراة في الواقع دراماتيكية بشكل بحت إذ تقدم المنتخب التركي بهدف؛ لكن فرحة الهدف لم تدم طويلاً فقد أدرك المنتخب الألماني التعادل خلال دقائق قليلة وفي الشوط الثاني تغير الحال؛ بل قُل بدا بشكل مغاير عما كان عليه الأمر في الشوط الأول. أضاف المنتخب الالماني الهدف الثاني ثم جاء الدور على تركيا فأدركت التعادل؛ غير أن المدافع المتألق فيليب لام حسم اللقاء لصالح ألمانيا في الثواني الأخيرة كفارس للمباراة مسجلاً الهدف الذي وضع حداً نهائياً لمغامرة تركية بدت مثيرة للغاية؛ بل ولم يتوقعها الكثير من المراقبين. لقد تم استقبال المنتخب الروسي في بلاده بشكل رسمي وجماهيري فاق التوقعات؛ لكن في الواقع أن استقبال المنتخب التركي كبطل في بلاده هو الذي فاق تماماً كل تصور مع أن الأمر مجرد مغامرة جميلة لها عمر محدد...!