يمثل يهود اليمن نموذجاً خاصاً جداً للجاليات اليهودية المنتشرة في دول عدة من الوطن العربي، ورغم تناقص أعدادهم بشكل كبير منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي، فقد ظل من بقي منهم محافظاً على "وجه مشرق" للتعايش السلمي مع "أبناء العم" العرب المسلمين.. ويستقر نحو 700 من اليهود ممن بقوا باليمن في منطقة ريدة بمحافظة عمران (120 كم شمال صنعاء) ونحو 60 آخرين في منطقة آل سالم بمحافظة صعدة (70 كم شمال صنعاء). «الجزيرة نت» اختصرت المسافة وترصدت جماعة من هؤلاء اليهود قيل إنهم يتوافدون صبيحة كل يوم على سوق سعوان القريب من المدينة السياحية لشراء ما يسد رمقهم من "تخزينة قات". ولا يمكن تمييز يهود اليمن عن سواهم من اليمنيين إلا عن طريق "الزنار" وهو عبارة عن خصلتين من الشعر تتدليان بجوار الصدغ على جانبي الوجه، كعلامة تميز اليهودي عن غيره.. ويقال: إن هذا الأمر فُرض عليهم من قبل الإمام. عيش بسلام يقول هارون الذي لم يبدِ أي تحفظ في التحدث إلينا إنه من مواليد أملح بصعدة حيث قضى نحو 40 سنة يعيش بسلام، حيث تربى وترعرع وتمسك بالبقاء رغم كل الإغراءات التي توفرت له للهجرة إلى اسرائيل". ويتابع هارون:"إن الحكومة توفر للعائلات المقيمة في المدينة السياحية كل سبل العيش الكريم"، كما تخصص لكل منهم معاشاً شهرياً. وبالإضافة للاهتمام الحكومي الذي قد يصل إلى فتح مشاريع تنموية لهم. هرب البنات ولليهود اليمنيين كسائر بني ملّتهم طقوس خاصة في حياتهم "يحافظون عليها ولا يتخلون عنها إطلاقاً" حسب نجل هارون الملتحق بأبيه لتوّه في السوق. ويقول يوسف إنه يريد أن يكمل دراسته ليصبح "عيلوماً" وهي تسمية يطلقها اليهود على الحاخام. لكن رغم تشددهم في المحافظة على عاداتهم، فقد أصبح اليهود في اليمن يعانون باستمرار من مشكلة هرب بناتهم اللاتي يقعن في غرام شبان مسلمين، ويلجأن إلى الهرب بسبب العرف اليهودي الذي يمنع زواج اليهودية بغير اليهودي. وتقيم الأسر التي تتعرض لمثل هذه الحالة بيت عزاء لاعتبارها أن البنت قد ماتت بعد زواجها بغير يهودي وإشهار إسلامها في سبيل ذلك، وقد تحتمي بعضهن بمشائخ القبائل اتقاء تهديدات من أسرهن.