نُظم في بيت الثقافة عرس المشاقر والرائحة الزكية العطرة والمصاحبة للرقصات الشعبية المتنوعة بزغاريد موسيقية غاية في الجمال والإبداع، وذلك من خلال المعرض الفوتوغرافي لتظاهرة المشاقر الذي نظمه بيت الموروث الشعبي تحت شعار «المشاقر.. الأنوثة المنتهكة في التراث الشعبي» وذلك في إطار فعالياته الثقافية الهادفة إلى إحياء التقاليد والعادات التي لها وقع الفرح والسعادة على قلوب الناس، والتي تكون فيها المرأة ركيزة أساسية في هذا الفرح والبهجة باعتبارها الحياة بكل معانيها.. «الجمهورية» زارت معرض المشاقر، ذلك الكوكتيل الجميل والمتنوع والزاخر بالزركشات النابضة بكل معاني الأنوثة والحياة ورصدت الانطباعات التالية: الصورة الأرقى للجمال الدكتور عبدالعزيز المقالح، المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية قال: إن «المشاقر» هي كلمة ارتبطت في الأذهان من جماليات اللون الحضارمي، وما يقدّّمه المشقر للمرأة اليمنية في وصفها الصورة الأرقى للجمال والسمر، بغض النظر عن الانتهاكات الاستثنائية التي لحقت بها في بعض المراحل التاريخية. وأضاف الدكتور المقالح: إن أروى عثمان من خلال الفعاليات الثقافية التي ينظمها بيت الموروث الشعبي استطاعت أن تنفض غبار السنوات الماضية، والجمود والانكسار، وذلك من خلال التذكير بالجمال والخضرة والزينة والورود التي تتجلى بوضوح في «المشاقر». رسالتنا إلى المجتمع الأخت أروى عثمان، رئيسة ومؤسسة بيت الموروث الشعبي قالت: نحن في بيت الموروث الشعبي نشتاق لكثير من العناوين؛ لأنه عندما نحس أن مساحة البؤس زادت ومساحة المأتم والسواد؛ نحاول أن نبحث حولنا عن الخضرة والجمال لترطيب النفوس الجافة بسبب تسارع وتيرة الحياة وغلاء الأسعار وغيرها من الهموم الحياتية اليومية، لذلك المشاقر هي الجو الملطف والرائحة الزكية، وهي الخصوبة والحياة والبهجة، هذه هي رسالتنا إلى المجتمع، والبحث عن الحياة لاستمرار ديمومتها، هذه مهمة ورسالة بيت الموروث الشعبي من خلال الدعوة والتوعية إلى أهمية الحفاظ على حياتنا وتراثنا الشعبي. وتضيف أروى عثمان قائلة: كان كل بيت تقريباً سواء في الريف أم في المدينة يزرع الريحان والشذاب والورود؛ لأن مثل هذه هي رسائل للحياة والمحبة، واليوم للأسف كل هذا اندثر، خلال السنوات القليلة الماضية كانت المرأة تحب الطين وتحاول زرع مثل هذه الأشجار حول بيتها حتى لو كان كل ما حولها جافاً وذلك للحصول على «المشقر» لأنه حياتها وهو رمز للمرأة وللحياة المتجددة. اندثار للموروث وبالنسبة لأهم المناطق التي مازالت محافظة على «المشاقر» تقول أروى عثمان: للأسف لم تعد موجودة هذه المشاقر سواء في المدينة أم الريف، إلى قبل فترة كانت «أجوال المشاقر» تذهب مع العروسة في يوم زفافها إلى بيت عريسها، للأسف اليوم انتهت، الصورة الموجودة في المعرض حاولت أن أجمعها على مدى خمس عشرة سنة، واليوم أبحث عن صورة لم أستطع؛ لأن مساحة الخضرة انحسرت بشكل كبير، حتى في جبل صبر وهي المنطقة التي مازالت المشاقر موجودة حتى وقت قريب، اليوم أصبح ماضياً ليس له وجود، كان قبل سنوات قليلة من المستحيل أن تجد بيتاً ليس فيه ريحان، وكانت المرأة تحرص من الصباح على لبس «المشقر». رمز للأنثى الدكتورة فوزية شمسان، أستاذة الفلسفة المعاصرة في جامعة صنعاء قالت: كلمة «مشاقر» هي عبارة عن رمز الغرض منها تسليط الضوء على الأنثى وانتهاك الأنثوية في إطار التراث الثقافي بكل مفاهيمه سواء كانت أمثلة أم حكايات أو اسطورات، ولو نظرنا إلى ما حولنا لشاهدنا أنه انتهاك عميق لقيمة المرأة، وذلك بسبب وعي المجتمع. القضية الأساسية أننا حالياً نطبق مفهوم الثقافة الشعبية، مثلاً لو تتبعنا تطور مراحل حياة الأنثى وطبقنا الأمثلة الشعبية عليها لوجدنا أنها لا تختلف عنها تماماً، وإنما تعبر عنها وهي أمثلة شعبية قديمة، ونحن مازلنا نعبر عنها في حياتنا اليومية، مثلاً مسألة وجود الأنثى نلاحظ أن هناك قلة جداً يرتاحون إذا رزق بأنثى، لكن الأغلبية يفضل الولد على الأنثى، حتى لو عنده ذكور، حتى إننا نلاحظ في إطار المثل الشعبي تقوم أم الأب: «جني بزنا هي بنية» كتعبير لعدم الارتياح بقدوم الأنثى، هكذا يتصورون أن مجرد قدومها مشكلة؛ فكيف سيكون إذاً التعامل معها؟! بالتأكيد سيكون هناك تمييز. وتضيف قائلة: صحيح أن هناك تغيراً اليوم؛ لكن مازالت بنسبة ضعيفة، ولهذا المشاقر اليوم أصبحت عيباً على المرأة أن تلبسها، وهذا انتهاك صريح في حق الأنثى، وللأسف أن هذا الانتهاك مكرس اليوم حتى في الإعلام، مثلاً لدينا برنامج جيد وهادف هو البرنامج الإذاعي "مسعد ومسعدة" وهو برنامج ناجح ومحتواه جميل وكل الأسر تحرص على الاستماع إليه بشكل يومي، ومع أن المشكلة هي في أغنية البرنامج والتي تعتبر تكريساً للثقافة السائدة في انتهاك حقوق المرأة، وهذه الأغنية هي «البيت المرة، والحب الذرة، تربي العيال، والرب تشكره، ومسعد تسعده، وتجبر بخاطره» والمرأة بعيدة عن كل ذلك.. أذاً القضية عند الاستماع إلى البرنامج. إن مثل هذا الكلام الموجود في أغنية البرنامج شيء عادي؛ لأن المرأة تربت على هذا وتحاول تربي بنتها على ذلك أيضاً، إن المرأة مكانها البيت وتسعد زوجها وتجبر بخاطره وتصنع الطعام وتربي العيال، أما هي فليس لها حقوق، والمشاقر هي رمز لكل هذه الانتهاكات الموجودة في حياتنا بحقوق المرأة. إحياء للتراث الدكتورة عفاف الحيمي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة صنعاء تحدثت أيضاً عن المشاقر فقالت: مثل هذه المعارض والفعاليات هي عبارة عن إحياء لتراث بدأ في الاندثار، وذاكرتنا ضعيفة دائماً، وبالتالي إحياؤها جميل، والله سبحانه تعالى دعا إلى ذلك في كتابه العزيز فقال: [وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين] أما بالنسبة للمشاقر فهي رمز للمرأة باعتبار أن المرأة كانت دائماً تحرص على أن تتمشقر، لذلك هو رمز للمرأة التي تنتهك حقوقها في الحياة الاجتماعية. اعادتنا إلى ذاكرتنا الأستاذ عبدالرحمن بجاش، مدير تحرير صحيفة "الثورة" قال: إن صباح الأربعاء الماضي لم يكن كأي صباح؛ لأن خدوده اخضرت بالمشاقر «الزبودة» أو «الوالة» والعيون الآتية من نهاية الكون كتلك العيون الأوروبية المذهولة بالألوان والأنغام وخفة الأرجل وخضاب أصابع اليدين. وأضاف: إن في هذا الصباح أثبت الجمال مرة أخرى واحدية اليمنيين وواحدية تذوقهم للجمال، حيث كشفت المشاقر كم نحن أطفال نستطيع أن نفرح وأن نغضب وأن نتذكر أيام طفولتنا وسواقي قرانا، وهفونا إلى جداتنا وعماتنا، كل ذلك بفضل بيت الموروث الشعبي ممثلاً بالأخت أروى عبده عثمان التي نظمت هذه التظاهرة الثقافية المميزة والتي اعتبرها أجمل وأهم فعالية خلال العام الجاري، هذه الفعالية التي عدنا من خلالها إلى ذاكرتنا وريفنا وطيننا وترابنا إلى البساطة في العيش، إلى الطيور الملونة والمشاقر المخضرة والموردة، هذه التظاهرة أعادتنا إلى اكتشاف ذواتنا وأخرجتنا أيضاً من رتابة الحياة وزحمتها وضجيجها لنعيش خلال هذه التظاهرة طفولتنا وإلى جمال ريفنا ومساقط رؤوسنا. مشقريات أشتى سلا قلبي ماشاش كرابه شاسكن بحيد وشاكل من ترابه والله العظيم لاغني واشل صوتي لو يسبروا مزمار بعد موتي والله القسم ما فلّت المغاني لو خربوا داري عمرت ثاني حلفت لاغني بطول صوتي لو يحكم الحاكم بقطع رأسي كلي ظما من حين هجرت ووليت لاعد تظللت ولا تسقيت ارجع وبلغني الذي تمنيت يا ليتني حمامة واطير واعلّي أبصر حبيبي وين ولي حين اذكره يتناطفين دموعي والشوق حرّق مهجتي وضلوعي