لم تمهل وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الولايات المتحدة إطلاق مبادرة الجهود الجديدة للدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام فسدت جميع المداخل التي ستطير لأجلها رايس في رحلتها السابعة إلى المنطقة بهذا الشأن منذ انعقاد مؤتمر انا بولس في نوفمبر - تشرين الثاني الماضي ، بل وحذرت ليفني من أن الضغط على الجانبين لإجبارهما على الخروج باتفاق سيؤدي إلى سوء تفاهم ويأس وتجدد العنف. تسيبي ليفني وهي المرشحة القوية لخلافة أيهود أولمرت في زعامة حزب كاديما الحاكم ورئاسة الحكومة استبعدت احتمال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في الفترة المتبقية من السنة الحالية، هذا يعني أن ليفني تتوقع غروب نجم الجمهوريين ربما في انتخابات الرئاسة الأمريكية ، وبالتالي لا حاجة لإسرائيل لعب ذات الدور الهزيل الذي لعبه باراك مع نهاية مرحلة كلنتون في البيت الأبيض حين تحول الزخم لعرفات وخسر باراك فرصة استقبال عودته في المطار أمام ليفني مرحلة صعبة عليها الاستعداد لخوض انتخابين الأول على رئاسة الحزب والثاني على رئاسة الحكومة والخطوة الممكنة الآن يكسبه أولمرت المغادر وتخسرها ليفني القادمة هناك ما ينبغي أن تضع ليفني حساباتها بشأنه اذاً.. يمكن القول إن خطاب ليفني في ذلك المؤتمر الصحفي موجه للداخل الإسرائيلي أكثر لكن ثمة ماهو أكثر أهمية في قول ليفني "عندما نتحدث عن حل أساسه دولتان لشعبين، فإن الفكرة هي أن تبقى إسرائيل وطناً للشعب اليهودي، بينما تكون فلسطين وطناً للشعب الفلسطيني. بخلاف هذا المبدأ، لن يكون هناك اتفاق بالأساس. هذا الكلام يعني ببساطة استبعاد بند حق اللاجئين في العودة وهو بند مقدس لدى الطرف الفلسطيني.. صبيحة السبت الفائت كان محمود عباس يرفض فكرة توطين الفلسطينيين في لبنان لكن بلهجة هادئة كان يكرر الإفساح للفلسطينيين هناك من أجل العمل وما شابه وهو أمر يعطي الدلالتين معاً لولا أن التمسك الفلسطيني بحق العودة لايمنح القيادة شرعية اتخاذ القرار في مثل هذه الثوابت دون الرجوع للشارع الفلسطيني في الداخل والشتات.. لا يستطيع قائد فلسطيني التخلي عن حق العودة؛ لأنه حق آخرين سواه ببساطة ولا تستطيع حكومة ليفني المفترضة الجلوس إلى تفاوض قبل رمي المحاولة الأخطر. يعودون لكن إلى الضفة الغربية؛ أي أنها بذلك توفر الطريق الأضمن لتصفية فلسطينية فلسطينية بعدما ثبتت إمكانية الاقتتال الداخلي بين فتح وحماس.. "الجدول الزمني (الذي اتفق عليه في انابوليس) مهم، ولكن الأهم هو طبيعة ومضمون الاتفاق الذي يمكننا التوصل إليه مع الفلسطينيين. هذا باختصار ما تهيئ ليفني مرحلة اللعب على أساسه لانرفض الاتفاق لكن لانحققه وإنما نحقق من خلاله ، هي ذات اللعبة؛ لكن الإسرائيليين جاهزون بخلاف الأشقاء أصحاب القضية .. ليس سهلاً على الفلسطينيين التخلي عن حق العودة لذات المكان داخل الخط الأخضر وليس سهلاً على الإسرائيليين التوقيع على عودة تجعل في ليلة شعب إسرائيل بغالبية عربية وبالجوار دولة فلسطينية ، العقدة هنا زرعها الغرب وفشل مراراً في إيجاد حل لها فما عساها أن يكون سوى ذات الشيء المكرر نفسه .. الفلسطينيون اليوم يعيشون على غزة وهي المقاطعة التي كانت تحت الحماية المصرية تماماً كالضفة الغربية التي جاءت عن طريق رفع الحماية الأردنية ومنحها للفلسطينيين أما فلسطين فباتت يهودية من الخط إلى الخط منذ زمنين أولهما نكبة وليس آخرها النكسة. . لم يعد أمام الوزيرة رايس إذاً سوى انتقاد الاستمرار الإسرائيلي في توسيع المستوطنات واستحداثها في أماكن جديدة، وهذا بالضبط ما تناولته رايس التي اعتبرت أن النشاط الاستيطاني لا يساعد في بناء أجواء مناسبة للمفاوضات . . تقول رايس : أعتقد أن ذلك لم يعد سراً وقد أبلغت نظرائي الإسرائيليين أني لا أعتقد أن الأنشطة الاستيطانية مفيدة لعملية السلام. نحتاج إلى خطوات تزيد الثقة بين الطرفين وتجنب ما من شأنه الإضرار بهذه الثقة. . ليفني من جهتها عارضت رايس واعتبرت الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بسياسة عدم بناء مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة وعدم مصادرة أراض فلسطينية لبناء مستوطنات. . ليس رايس بالطبع بل جماعة "السلام الآن" الإسرائيلية هي من ردت على ليفني بهذا الشأن حين انتهز هؤلاء فرصة الزيارة فأصدروا تقريراً يؤكد أن الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة تضاعفت تقريباً خلال العام الماضي. . تقديرات المكتب الإسرائيلي للإحصاء يوضح وبحسب التقرير أن عملية بناء 433 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية بدأت بالفعل في يناير- كانون الثاني الماضي بزيادة تقترب من الضعف عن عام 2007م ، التقرير ذكر أيضاً أنه يتم حالياً بناء ألف منزل في المستوطنات القائمة هذا ما تعرفه رايس أيضاً لكن هذا كل شيء ،في النهاية لم يعد أمام رايس غير الوقوف لالتقاط صور تذكارية قبيل مستجدات التغيير الجديد في الدولتين وبالتالي إعادة اللعبة من جديد .. يكفي العرب أن يكونوا قدوة في الصبر إذاً..