د أحمد لطف المترب لصحيفة «الجمهورية» : الجلطة القلبية.. في تزايد مستمر وبحاجة إلى معالجة مبكرة. وصول المريض بالجلطة القلبية متأخراً بعد 21 ساعة على حدوثها وعدم الإدراك شاعت مؤخراً الجلطة القلبية وانتشرت بين الناس.. والمشكلة أن البعض لدى شعوره بألم حاد في الصدر لايعير له أي أهمية ولايعتبره دافعاً للجوء إلى الطبيب.. وهذا ليس على سبيل التخويف، إنما الحذر والحرص مطلوبان لتجنب المضاعفات الخطيرة. كما أنه أجدى وأضمن لدرء خطرها، قبل أن تتطور ويصير علاجها أكثر تعقيداً. لقاؤنا مع الدكتور أحمد لطف المترب استشاري أمراض القلب بمركز القلب بمستشفى الثورة العام «أستاذ مشارك أمراض القلب بكلية الطب، جامعة صنعاء»،سنناقش من خلاله مشكلة الجلطة القلبية الآخذة في التنامي والانتشار بشكل أوسع مما كانت عليه فيما مضى، بالإضافة إلى التعريف بأعراضها وأسبابها وكيفية تلافيها والوقاية منها. فإلى ماجاء وورد فيه:- الجلطة وأعراضها ? ما حقيقة مشكلة الجلطة القلبية؟ وما أعراضها؟ علمياً تسمى الجلطة باحتشاء عضلة القلب، وهي عبارة عن انقطاع تدفق الدم في الشرايين التاجية المغذية للعضلة القلبية التي تحتاج إلى الدم كي يعمل القلب بشكل دائم.. يحدث هذا في جزء من عضلة القلب مما يؤدي إلى موت خلايا هذا الجزء من العضلة بصورة مستمرة. وأعراضها:- ألم في الصدر يوصف بأنه ثقل شديد خلف عظمة القص، ينتشر إلى اليد اليسرى واليمنى وأحياناً إلى الرقبة والفك السفلي، وأحياناً إلى أعلى البطن، ويكون مصحوباً عادة بضيق في التنفس وخفقان قلبي وتعرق شديد وغثيان مع دوخة وأحياناً إغماءات. والجلطة القلبية بطبيعة الحال تعتبر المرض الأول في العالم كله كما إنها في اليمن مازالت تحتل مرتبة متقدمة بعد الحمى الرثوية، ولكن من الملاحظ أن الجلطة القلبية في اليمن في تزايد مستمر وبحاجة للكثير من الجهود ونشر الوعي بين الناس، وهو مانأمل أن تضطلع به وسائل الإعلام إن شاء الله. الدواعي والأسباب ? ننتقل إلى العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالجلطة القلبية.. فما جملة هذه الأسباب؟ ثمة أسباب عند اجتماع البعض منها تؤدي إلى الإصابة بالجلطة القلبية، وهذه الأسباب هي :تقدم السن الذكورة ارتفاع ضغط الدم سكري الدم وارتفاع نسبة الدهون والكولسترول في الدم، وكذلك السمنة وقلة الحركة الجسدية؛ بالإضافة إلى التوتر العصبي.. كل هذه عوامل مساعدة لحدوث الجلطة. كما إن تغير أسلوب حياة الناس وميلهم إلى العمل الذهني أكثر من العمل الجسدي وتغير أنماط التغذية وعاداتها والميل إلى التغيير والتفنن في الأكل ساهم في انتشار أغذية كثيرة غير صحية وكثيرة الدهون إلى جانب قلة الوعي بين الناس، وكل ذلك أدى إلى انتشار الجلطة القلبية في العالم. وتعتبر الجلطة القلبية السبب الرئيسي للوفاة في معظم دول العالم، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من توافر الخدمات الطبية المتطورة وانتشار الوعي بين الناس وتوفر الخدمات الطبية في كل مكان. وفي اليمن لسنا بمعزل عن مشكلة الجلطة القلبية، غير أن مشكلة الحمى الرثوية لاتزال تحتل المرتبة الأولى فهي أكثر أمراض القلب شيوعاً،تليها الجلطة القلبية في المرتبة الثانية. دور القات ? ماذا عن دور القات وتأثيره على الجلطة القلبية؟ تفيد الدراسات الصحية الوطنية بأن القات يعتبر عامل خطورة مستقل للجلطة القلبية وبهذه الدراسة وجد أن نسبة الوفيات للمخزنين أعلى وصلت إلى نسبة «9،5 %»،بينما هي أقل بين غير المخزنين لم تتعد «4،2 %». إن عادة مضغ القات ليست في صالح الحياة الصحية السليمة، إنما تؤدي إلى حياة غير سليمة تقود في الأخير إلى الجلطة القلبية. وهناك بحث أجري في بريطانيا كان لي نصيب فيه وثبت من خلاله أن القات يسبب الجلطة القلبية بشكل مباشر. ومن الملاحظ أن معظم الناس يصابون بالجلطة في اليمن أثناء تناول القات أو بعد جلسة القات مباشرة. . ومن خلال الملاحظة والبحث في المختبرات تبين أن للقات تأثيراً مباشراً على الشرايين التاجية والشرايين الطرفية، فهو يؤدي إلى انقباضات وعائية وتشنجات في الأوعية الدموية تؤدي إلى انسداد في الأوعية وحدوث الجلطة. كما إنه يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب وتقليل الأوكسجين على القلب وإلى قلة الحركة والتوتر العصبي، فكل هذا يؤدي إلى الجلطة القلبية للأسف الشديد، بالإضافة إلى أن القات يؤدي إلى الرغبة الكبيرة في التدخين السلبي «الاستنشاق القسري لدخان التبغ». تأخر المعالجة ما طبيعة الصعوبات التي تؤثر سلباً على فاعلية ونجاح معالجة مرضى الجلطة القلبية؟ - تعزى أسباب عدم وصول المريض في الوقت المناسب إلى عدم إدراكه للأعراض وغياب الخدمات في المناطق النائية. وقد ظهرت دراسة تمت مع دول الخليج وجود 12% فقط من المرضى الذين أصيبوا بالجلطة القلبية على مستوى جميع مستشفيات الجمهورية وصلوا قبل «21 ساعة» على حدوثها، أي في الساعات الذهبية للمعالجة، وتم إعطاؤهم مذوبات الجلطة. بينما المتأخرون عن هذه الفترة تصعب معالجتهم بمذوبات الجلطة ويتطلبون تدخلاً سريعاً لإنقاذ عضلات القلب. وكل ما اتمناه هنا أن ينتشر الوعي بين الناس بأعراض الجلطة، وعلى كل مواطن يشعر بالأعراض التي ذكرتها سابقاً أن ينتقل فوراً لأقرب مستشفى لإجراء تخطيط القلب وإنزيمات القلب، فإذا تم تحديد أنه مصاب بالجلطة، خاصة خلال الساعات الأولى لحدوثها يتم التعامل معها بشكل أفضل ويتكلل علاجها بالنجاح مع المحافظة على عضلة القلب وقوة انقباضها، وكذلك تقل مخاطرها المميتة.. وكما هو معروف هناك نسبة وفيات عالية تصاحب هذه الجلطة، فإذا تجاوز المريض الوفاة، فإنه يصاب بمضاعفات كثيرة ويتحول من إنسان سليم إلى أقل سلامة «مريض مزمن» ويكون بحاجة إلى رعاية طبية مستمرة. الوقاية الصحية ما الذي يمكن أن تحققه الوقاية من الجلطة القلبية من مكاسب صحية؟ وبما تنصح في هذا الشأن؟ - أجريت دراسة ومراقبة في أوروبا وأمريكا للجلطة القلبية بشكل مستمر على مدى سنوات ومن خلالها تم وضع حد للإنتشار المتسارع لها، وبدأت تتناقص في هذه البلدان وذلك بالتحكم في أعراضها، فضغط الدم المرتفع سيطر عليه، عزز هذا انتشار الوعي والعلاج المستمر. أيضاً الوقاية من السكر مهمة، ولا بد من تشجيع الناس على التغذية الصحية السليمة وإنقاص الوزن والحركة الجسدية والنشاط البدني ،تجنب التوتر العصبي قدر الإمكان. وبدوري أدعو المواطنين لا سيما من تجاوزوا عمر «03 عاماً» إلى إجراء الفحص الدوري لأمراض القلب خاصة ضغط الدم والسكري والدهون.. كل ذلك بالفحص الدوري لدى الطبيب. كما أننا ندعو إلى الإقلاع عن التدخين، وكذا التدخين السلبي «الاستنشاق القسري لدخان التبغ» وممارسة الرياضة- قدر الإمكان- وألا يتم طرح الذرائع بأن الوقت غير كافٍ لكل هذه، فيجب إيجاد وقت للحركة والنشاط الجسدي- مهما كانت الظروف- لأن المخمول يوازي عدة عوامل خطورة متجمعة للجلطة القلبية. أما الحركة الجسدية فتقلل من الإصابة بضغط الدم والسكري وزيادة نسبة الدهون بالدم، وكذلك للحفاظ على الصحة العامة.. وبالتالي ستؤدي إلى نتائج ممتازة تولد الإحساس لدى المريض بالعافية العامة وتقلل أيضاً من حدوث الجلطة القلبية.. إذن الفحص الدوري مهم جداً، وكم تمنيت لو كان الفحص الدوري إلزامياً ومجانياً في المستشفيات العامة حتى نستطيع التحكم بمستوى ضغط الدم والسمنة وسكري الدم والدهون والتوعية المباشرة للمترددين. كذلك أتمنى أن تدرس التغذية السليمة في المدارس حتى نصل في المستقبل إلى جيل يتغذى تغذية سليمة ولا يدخن ويمارس الرياضة ويعرف أيضاً ما هو ضغط الدم وتأثيره على الصحة وما هو مرض السكري وأسبابه وأعراضه وكيفية الوقاية منه للوصول إلى مجتمع قادر على العمل والعطاء، تقل فيه أمراض القلب والأمراض الأخرى.