د.الميتمي: خسائر اليمن المباشرة مليار ونصف المليار دولار على أقل تقدير د - قرعة:يجب الوقوف أمام الأزمة بشفافية لبحث السبل للتخفيف من آثارها. تغطية /عبدالرحمن مطهر نظم مركز الدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل «منارات» الثلاثاء الماضي حلقة نقاشية علمية حول الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الاقتصاد اليمني والعالم العربي، وفي حفل افتتاح الحلقة النقاشية التي حضرها عدد كبير من المثقفين والاقتصاديين ألقى الأخ/أحمد إسماعيل أبوحورية كلمة أكد فيها حرص المركز والمعهد على إقامة هذه الفعالية المتمثلة بالحلقة النقاشية العلمية حول الأزمة المالية العالمية التي تعصف بقوة بالنظام المالي العالمي والتي تنبئ مؤشراتها عن تداعيات ونتائج وآثار كبرى وعميقة على مختلف الصعد والمستويات الاقتصادية والسياسية وربما تسفر عن تحولات نوعية عميقة على مستوى توازن القوى الدولية وعلى مستوى النظام والعلاقات الدولية بأسرها، حيث قدمت العديد من أوراق العمل الخاصة بأبعاد الأزمة العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد العلمي عامة واليمني بشكل خاص. الجمهورية حضرت الحلقة النقاشية واستعرضت أوراق العمل المقدمة: اليمن في مواجهة الثقب المالي الأسود: أستاذ الاقتصاد الدكتور/محمد عبدالواحد الميتمي قدم ورقة عمل بعنوان «اليمن في مواجهة الثقب المالي الأسود» شبه فيها الأزمة المالية التي تعصف بمراكز الاقتصاد الرأسمالي العالمي بالثقب الأسود كظاهرة استرونومية، وقال الميتمي من المعروف أن الثقب الأسود نجم أو كتلة كونية إنهار ويتمتع بجاذبية عملاقة لا يفلت من جاذبيته حتى الضوء، ونتيجة لهذه الجاذبية فإن جميع الكواكب والنجوم التي تقع في مداره يكون مصيرها الوقوع في قبضة الثقب الأسود الذي يشدها إلى داخله ولا تجد طريقاً للافلات من هذا المصير، وأضاف قائلاً: ولما كانت الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الرأسمالي في الوقت من حيث النطاق والسعة والحدة أكبر بكثير من كل الأزمات السابقة.. وأضاف: بأن ترابط وتشابك الاقتصاد العالمي بين المراكز والأطراف وأيضاً الأطراف والأطراف الأخرى هو ماوسع هذه الأزمة بهذا الشكل المخيف.. مشيراً بأن الأزمة المالية التي عرفت بأزمة التنين والتي وقعت في جنوب شرق آسيا في أكتوبر من عام 7991م قد كلفت العالم مئات المليارات من الخسائر فأن قوتها ونطاقها وعنفها لا يقاس بالأزمة المالية اليوم. وقال حينها تأثرت اليمن تأثراً بالغاً بأزمة التنين، لدرجة أضطر فيها الدكتور/عبدالكريم الارياني رئيس الوزراء في ذلك الحين الإعلان عن خفض بنود الموازنة العامة التي سبق للبرلمان أن اعتمدها بمقدار الربع، كمحصلة لتداعيات تلك الأزمة الآسيوية على الاقتصاد اليمني، مع أن اليمن كانت في بداية عملية التحرير الاقتصادي وكانت أيضاً أقل ارتباطاً وتشابكاً مع الاقتصاد العالمي كما هو اليوم.. الأمر الذي لاشك سيؤثر على الاقتصاد اليمني بشكل مباشر أو غير مباشر كما يلي: انهيار أسعار النفط: وفي هذا الجانب قال الدكتور/الميتمي تمثل صادرات النفط مانسبته «59%» من إجمالي الصادرات و «57%» من موازنة الدولة، لذلك لاشك أن انهيار أسعار النفط خلال أسبوع فقط سوف يؤثر وبشكل مباشر على عائدات الدولة من النقد الأجنبي الممول الرئيس للمشاريع الاستثمارية العامة للدولة ولقدرة الدولة على تمويل أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، ومقدرتها على ممارسة سياسة نقدية ضابطة تمنع تدهور قيمة العملة الوطنية وقال: من المعروف أن إجمالي انتاج اليمن من النفط عام 7002م بلغ نحو «711» مليون برميل، وبلغت حصة الحكومة من هذا الناتج مامقداره «73» مليون برميل، كما بلغت حصة الحكومة من عائدات تصدير النفط حوالي «3» مليارات دولار وأكثر قليلاً، عند الأسعار العالمية التي تجاوزت سقف «011» دولارت للبرميل خلال الشهور الماضية قبل وقوع الأزمة المالية العالمية حيث استمرت أسعار النفط في الصعود حتى تجاوزت ال«51» دولار للبرميل الواحد، لكن هذه الأسعار انهارت بمقدار النصف بداية الأزمة ومن المتوقع أن يستمر هذا الانهيار خلال الأسابيع القادمة.. مما يعني أن عائدات اليمن من صادرات النفط سوف تنخفض بمقدار أكثر من النصف والأمر الذي سيؤثر دون شك على الاستقرار المالي لموازنة الدولة وما سيترتب عليه من مصاعب اقتصادية ومالية، مما يعني أن خسائر اليمن المباشرة ستكون في حدود مليار ونصف المليار دولار على أقل تقدير. أعصار مالي عالمي: أما الدكتور/محمد صالح قرعة فقد تحدث في ورقته عن الأعصار المالي العالمي والرؤية العلمية للتعاطي معها وقال: إن ما يحدث اليوم من انهيار شامل للاقتصاد العالمي وما تشهده أكبر وأهم بنوك الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة يتجه نحو أزمة حقيقية لم يشهدها العالم منذ عام 9291م، فلقد حفلت الأيام القليلة الماضية بكل عناصر الانهيار المالي الكبير حيث جرى توقيف خطوط ائتمان، شركات كبرى تعاني نسبة عالية من المديونية إذا ما جرت مقارنتها برأسمالها السهمي، كما أن هناك أصول في حالة سيئة ثم أن سقوط رهون عقارية بالجملة أفضت إلى ذعر شديد لدى المستهلكين وشلت شركات عديدة. بداية الأزمة العالمية: وأضاف الدكتور قرعة قائلاً: بأن بداية الأزمة كانت نابعة من فكرة وسياسة الرئيس الأمريكي الحالي بوش التي تفضي إلى إتاحة الفرصة أمام كل امريكي ليمتلك منزلاً ملكاً له.. ومن هنا ولتسهيل هذه المهمة قام الاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة بخفض معدلات الفوائد لكي يتيح للمقترضين الإمكانية للاقتراض من أجل تملك السكن. القروض السهلة: بعد خفض معدلات الفوائد استطاع ملايين الأشخاص من الحصول على قروض، وبالتالي على رهون عقارية والتي كان الهدف الأساسي منها إتاحة الفرصة أمام كل أمريكي ليتملك مسكناً وكانت هذه الرهون ذات التصنيف الائتماني المنخفض أي التي ليس لديها سجل موثوق ولا ضمانات كافية. وقد ساقت الرهون العقارية الرخيصة إلى طفرة هائلة على طلب السكن من قبل الملايين من طالبي السكن وأضيف إلى ذلك زيادة محمومة في طلب المستثمرين على شراء حزمة الرهون العقارية في شكل أوراق مالية مما أدى إلى التوجه نحو تلبية هذا الطلب إلى ابتكار المقرضون لرهون عقارية عالية الخطورة لأنه لا يقابلها أي ضمانات.. بل مجاراة للطلب المرتفع هرع المقرضون لتلبية هذا الطلب بأقل الضمانات أو بدون ضمانات حقيقية في معظم الحالات. ظهور الصدمة: ذهاب السكرة وقال بعد أن عاشت الرهون العقارية فترة ازدهاراً بالصدمة تذهب بذلك الأزدهار والنشوة حين بدأ مقترضو الرهون العقارية ذات التصنيف المنخفض يتخلفون عن التسديد للإقساط المستحقة عليهم والتي لم يكونوا واعين يوم أن اقترضوا أن هذه القروض وبل عليهم وعلى مستقبلهم ومستقبل أسرهم بعكس ماكانوا يحلمون به من تملكهم لمساكنهم الخاصة بهم بتلك التسهيلات من القروض التي كانت تقدم بسخاء لا نظير له من قبل شركات الرهون العقارية.. بل وجدوا أنفسهم غير قادرين على تسديد ماعليهم من أقساط الفوائد والقروض وحين فشل المقروضون من تسديد هذه الفوائد والقروض تهاوت شركات كبار المقرضين مثل «نيوسينشري» و«رجنت» وساعتها هبطت أسعار المنازل. أزمة القروض وقا أن أزمة القروض كانت بسبب الخسائر الناجمة عن عدم سداد القروض وانخفاض أسعار المنازل الخوف والهلع لدى المقروضين واتخذوا احترازات شديدة بوقف الإقراض مما أدى إلى تجميد حركة الأسواق الائتمانية العالمية. وتبعاً لذلك ظهرت عدم إمكانية سداد القروض لدى الفئة الأخرى المعروفة بذوي السجل الجيد وهنا جاء الدور على مقرض الرهون الكبير «كونتريوايد» الذي جرفته فوضى قروض الرهون العقارية. انهيار البنوك وبالنسبة لأنهيار البنوك قال الدكتور/قرعة: بداية الأمر ظهرت بانهيار بنك «بيرسترنز» ذلك البنك الذي خاطر بقوة فأشترى الأوراق المالية ذات التصنيف الائتماني المنخفض ظناً بأنه سيكسب من وراء هذا الأمر ولم يدر بخلده يومها أن هذه الأوراق ستكبده خسائر فادحة تؤدي به إلى هذه الحالة إلا أن الاحتياطي الفيدرالي سارع بتدبير شرائه من قبل «GBM جيه بيه مورغان تشيس».. لكن عدد الذين لم يقدروا على سداد قروضهم ظل يتصاعد باضطراد مما أدى إلى انهيار أو تهاوي «فاني ماfannie mae» و «فريدي ماك Freddie mac » وهنا قام الاحتياطي الفيدرالي بإجراء مايمكن أن نطلق عليه مفهوم «التأميم» حيث تحمل الاحتياطي الفيدرالي ديون هاتين الشركتين وأخذ على عاتقه ديونهما في الرهون العقارية والتي تبلغ «4.5» تريليونات دولار. إن هذا الإجراء من قبل الحكومة هو مايدلل على تدخل مباشر من قبل الحكومة وهو الإجراء الذي أجبرت عليه في هكذا حاله وذلك بوضع اليد الأمر الذي كان يعد فيما سبق مخالف لسياسة حرية السوق وحرية العرض والطلب تلك النظرة الخاطئة التي يتم التراجع عنها اليوم بوضوح الشمس. الطامة الكبرى: والطامة الكبرى في هذا الانهيارات تكمن عندما ينفجر «وول ستريت» نفسه وذلك حين يضطر أكبر رابع بنك عالمي هو «ليمان براذرز Lehnan Brothers» بإعلان إفلاسه، وهو الذي يعتبر أيضاً من أكبر ممولي العقار.. حين يعلن بنك بهذا الحجم إفلاسه بسبب رفض الحكومة الأمريكية تقديم العون اللازم مثلما عملت مع سابقيه فإن ذلك يدل على عظم الأزمة. التأميم في ظل الرأسمالية إذا كان التدخل الحكومي يحسب شأناً اشتراكياً في معظم الأحوال فإن ماحصل مؤخراً في الأسواق المالية جعل الرأسمالية الليبرالية لاتجد حرجاً في اللجوء إلى الأخذ بالتأميم. يتجلى ذلك من خلال الإجراءات التي تمت في إثر انهيار «AIG» التي تعتبر أكبر شركة تأمين في العالم، التي كانت تصدر بكميات كبيرة من الضمانات المتبادلة في حال التقصير الائتماني.. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التأمين يعتبر الهدف فيه حماية أولئك الذين يقدمون على شراء الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية. ولقد قامت الحكومة الأمريكية بتقديم «58» مليار دولار مقابل تخلى هذه الشركة عن «08%» من أسهمها للحكومة الأمريكية وبهذا تملكت الحكومة الأمريكية هذه الشركة العملاقة من خلال تقديمها أموال دافعي الضرائب لشراء هذه الحصة. الانعكاسات على دول العالم الفقير وحول ذلك يقول الدكتور/محمد صالح قرعة: إذا كان ال عالم الغني يشعر بالخطر الكبير الذي يحدق به رغم غناءه ورغم إمكانياته المالية والمصرفية وقوة أسواق وحجم اقتصادياته التي يمكنها امتصاص وتحمل الآثار المترتبة عما يتم وسيتم فإنه يجدر بنا في هذا الجزء من العالم الذي لا يملك من أمره وأمر أمواله واقتصاده إلا كثرة التردد والسؤال من الدول الغنية وصناديقها المختلفة فحري بنا الوقوف إزاء هذه الأزمة العاصفة بشفافية تامة وبصدق كامل لنعرف أولاً الآثار التي سنكتوي بها من أجل أن نتلمس الطرق التي تؤدي إلى التخفيف من ما ستتعرض له اقتصاداتنا. أولاً: لم تجد الدول الكبرى كالولايات المتحدة ولا رئيسها حرجاً أن تعلن أنها تعيش أزمة حقيقية بل أعلن الرئيس الأمريكي على الملأ وهو في آخر سنة رئاسية له وفي أيام انتخابات حاسمة يتنافس حزبه مع حزب الديمقراطيين على الرئاسة المقبلة لم يجد حرجاً في أن يعلن عن عاصفة مالية وأزمة حقيقية تعصف بالأسواق الأمريكية والعالمية تتعدى ماجرى في زمن الكساد العظيم.. وكذلك أعلنت كافة الدول الأخرى في أوروبا واليابان وغيرها. ثانياً: من أجل المعالجة الحقيقية أو القريبة من الحقيقة كاشفت هذه الدول مجتمعاتنا بما يجري وقامت وتقوم بإجراءات كانت حتى وقت قريب لا تؤمن بها لكن الضرورة لها أحكامها ولهذا تدعي هذه الحكومات إلى معالجة الخلل الذي أدى إلى هذه الأزمة التي تمسك بخناق بنوكها ومالياتها واقتصاداتها وبشفافية تعلن عن ضرورة محاسبة المتسببين فيما حدث ويحدث. ثالثاً: وإنطلاقاً مما نسمعه وسوف تصل إلينا سريعاً آثاره لأن بنية أسواقنا واقتصاداتنا هشة جداً وترتبط ارتباطاً كاملاً بأسواق الغير بل وتعتمد عليها في معظم أمورها لذا فأنه لابد من مكاشفة حقيقة لأوضاع بنكنا المركزي والاحتياطي الحقيقي وما إذا كان قد أصابه أي خسارة وأين هذه الخسارة أي ما مدى علاقة الاحتياطي اليمني بالبنوك والشركات والأسهم التي انهارت ويجب أن توكل هذه المهمة إلى لجنة حكومية عالية المستوى ورفيعة الكفاءة من ذوي الاختصاص. كما لابد أن نعرف أن تداعي هذه الأزمة قد أسفر عن تدني أسعار النفط.. وعليه لابد من توظيف إنتاجنا من النفط والغاز التوظيف الأفضل وفقاً لخطة وموازنة أزمة غير اعتيادية. أيضا لابد من معرفة مصير القروض والمساعدات المتعاقد عليها وهل الأزمة العالمية ستؤدي إلى التباطؤ في حصولنا على القروض والمساعدات.. ومامدى تأثير ذلك على المشاريع المخططة المعتمدة في تنفيذها على هذه القروض والمساعدات. رابعاً : لابد من معرفة حقيقة لأوضاع البنوك التجارية وماإذا أصابها أي خسائر جرى ماحدث ويحدث. وفي ضوء الإجابة على ذلك يمكن الولوج إلى وضع خطط لمواجهة الأزمة وبدون ذلك فإننا سنواجه صعوبات عديدة وسنجد أنفسنا كمن يسير في الصحراء بلا راحلة ولا ماء ولاقدر الله. وأكد الدكتور قرعة في ختام ورقته على أهمية الاستفادة من هذه العاصفة المالية قدر الأمكان وذلك من خلال الترويج لاستقبال المستثمرين المذعورين من ماتم في أكبر الدول الرأسمالية ولربما يجدون أن الاستثمار في بلد كاليمن آمن لهم ألف مرة من الدول الكبرى التي لايجرؤون على مقاومة مايستجد فيها من أمور لاتخطر لهم على بال ولايستطيعون التأثير على مجريات الأحداث في بلدان أضخم وأكبر حجماً منهم ومن دولهم. ولهذا إذا ماتم تهيئة المناخ الاستثماري الحقيقي والواقعي والجاذب للاستثمار في اليمن، فربما تكون لهذه العاصفة المالية في الغرب إنعكاسات إيجابية بجذب الكثير من المستثمرين العرب الذين سيضطرون لسحب ماتبقى لديهم من أموال وسوف يبحثون عن أسواق جديدة تمكنهم من الاستثمار الآمن فيها.. وإذا ماقامت حكومة بلدنا بإجراءات حقيقية. أبعاد أزمة النظام المالي : الاستاذ أحمد عبدالله الصوفي رئيس منتدى تنمية الديمقراطية تناول في ورقته أبعاد أزمة النظام المالي الأمريكي وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي وقال : إن مايحدث في أمريكا قد أصاب العالم بحالة من الفزع والجميع يتساءل عن الثمن لعودة الأمور إلى نصابها وأضاف قائلاً إذا كان البعض يشكك في الأزمة والبعض يفشل في تعيين العلاج فالحقيقة ان امريكا لن تعود كما كانت قبل الأزمة وحقيقة ان النظام الرأسمالي لايستمد الثقة الكاملة به فهو نظام لم يعد محصنا من التهديدات كما يبرهن الواقع ان السوق مدير سيىء وقوانينه تخالف منطق الحاجات الاجتماعية فقليل من الرأسمالية وقليل من العدالة الاجتماعية مع كثير من الديمقراطية يمكنها ان تؤسس مغاير في التطور الاقتصادي. أزمة كارثية : الدكتور مطهر عبدالله السعيدي من جانبه تساءل في ورقة عمله والتي حملت عنوان الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة هل كان من الضروري لهذه المشكلة بحجمها المريع أن تؤدي بالعالم إلى الأزمة الكارثية الراهنة بأبعادها وتداعياتها؟.. وقال اعتقد أن الأزمة كبيرة جداً وخطيرة ولكن تفاقهما على النحو الذي تراه اليوم لايعكس فقط حجم الأزمة ولكن إلى حد كبير جداً يعكس سوء إدارتها وأنا أقول بصراحة أنني قد فوجئت جداً بسوء فهم وإدارة الأزمة في مراحلها الأولى وإلى حد ما حتى اليوم. مشيرا إلى أن معالم التعامل مع الأزمة كانت لابد وأن تتضمن المحاور الثلاثة التالية : 1- ترتيبات للتقليل من حجم الخلل الضاغط في السوق وكان بإمكان منظومة مدروسة من الإجراءات تقليل حجم الضغط بمالايقل عن 03% ومن أمثلة ذلك. أ- تحفيز بنوك الأقراض لتفعيل آليات معينة لاحتواء المشكلة ولمدة لاتقل عن ثلاث سنين مثل. 1) تحويل القروض إلى نظام دفع الفوائد فقط. 2) إعادة التفاوض لتثبيت المدفوعات أو تمويلها على مدى زمني معين. وكان يمكن زيادة فعالية هذا الإجراء على نحو مهم جداً إذا تزامن من خفض مناسب لأسعار الفائدة في وقت مبكر أو ترتيبات معينة لدعم الفوائد على القروض المتعثرة إلى نسبة معينة وفق شروط وآليات معينة. 2- إعطاء مؤشرات وآليات عمل محددة واضحة لعدم السماح بإفلاس البنوك الكبيرة تحت أي ظرف مع وضع ترتيبات لحفظ الحقوق بمافي ذلك تحميل هذه البنوك ومجالس إداراتها مسؤولياتها كاملة إزاء أعمالها وتصرفاتها. أي صرف النظر عن معاقبة البنوك من خلال تهديد وجودها في الوقت الذي يترتب على هذا الإجراء ضرر بالغ بالمصالح العامة وبمقومات الاستقرار للنظام الاقتصادي برمته. لقد كان ترك بنك للإفلاس خطا فادح في إطار إدارة هذه الأزمة. 3- إن مصدر الخطر المباشر على النظام المالي العالمي ومصدر الخلل المباشر هو اختفاء الإقراض فيما بين البنوك ولايمكن حلحلة الأزمة بوقت سريع وبتكاليف مقبولة إلا عبر إستعادة هذه الآلية وتفعيلها وفي حال العجز عن ذلك فإن المليارات التي رصدتها الحكومة الأمريكية والبريطانية ومختلف دول العالم سوف تختفي كما يختفي الماء في الرمل. وأضاف الدكتور السعيدي إن الإقراض فيما بين البنوك هو أهم آلية لخلق السيولة في النظام المالي العالمي وهي تخلق كماً من السيولة يفوق إلى حد كبير ماتخلقه البنوك المركزية في العالم قاطبة وذلك عن طريق مضاعفة عرض النقود العالمي «إن صح التعبير» مرات عديدة عبر مايمكن إعتباره معدل تداول عالمي للنقود وهذا هو في صميم معطيات عصر العولمة.إن العجز عن إعادة هذه الآلية لخلق السيولة سوف يضع النظام العالمي على محك خطير للغاية وهي مشكلة في ظل الخصائص الراهنة للنظام المالي العالمي وتعقيداته وتشابكاته لايمكن أن تحل إلا بآلية عالمية تشترك فيها على الأقل أهم الاقتصاديات المعولمة وفي تقديري أنه لايمكن المبالغة في أهمية تبني سياسة من هذا النوع ولكن أهم من ذلك في دقة وسلامة تصميم مثل هذه السياسة. تأثيرات الأزمة على البلدان النامية : وبالنسبة لتأثيرات الأزمة على البلدان النامية قال الدكتور السعيدي : سوف تترك الأزمة آثاراً مباشرة وأخرى غير مباشرة على البلدان النامية وتعتمد الآثار المباشرة على حجم ومدى ارتباطها المالي دولياً ومن مؤشرات ذلك : - حجم استثماراتها في المؤسسات المتأثرة الخاصة والعامة. - وجود فروع لبنوكها في الدول المتأثرة وحجم وقوع عملياتها. - وجود فروع للبنوك المتأثرة على أراضيها وحجم عملياتها. - إرتباط المؤسسات الإنتاجية ومشاريع الأعمال فيها بمصادر التمويل الخارجي. - المصادر الاعتيادية لتمويل تجارتها وتعاملاتها الاعتيادية ومدى تأثر هذه المصادر. أما بالنسبة للآثار غير المباشرة فستكون مهمة ومن أولها إنخفاض أسعار النفط ولكنها سوف تتشعب وتتعدد بالنسبة لمعظم البلدان النامية وتعتمد على نهج وأسلوب تطور الأزمة وسوف تنال بدون شك مصادر تمويلها الخارجية والاستثمارات الخارجية وقطاع التجارة الخارجية وهي تحتاج عملاً منظماً ومنهجياً وينتهي لفهمها وتصميم آليات التعامل الاستباقي مع تداعياتها. العالمية والعولمة الدكتور حمود صالح العودي تحدث في ورقة عمله عن العلاقة بين مفهوم العالمية ومفهوم العولمة وقال ان تحديد العلاقة بين مفهوم العالمية الذي نؤكد عليه ومفهوم العولمة أن عوالم الأمس الكبيرة والمجهولة لم تصبح في ضوء كل ماسبق عالماً واحداً صغيراً عن يقين بحكم تقدم المعرفة الجغرافية أو مجرد الخيارات السياسية فحسب، بل وبمقتضى التغيرات المادية والموضوعية لتقنيات العلم والتطور التكنولوجي والاقتصادي والعلمي، والخلاف لم يعد قط يدور حول ما إذا كان الكوكب الأرضي لايزال يشكل عوالم ومجتمعات وأمماً وشعوباً أو حتى دول منفصلة عن بعضها البعض أو مجهولة لبعضها البعض، بل عالماً صغيراً واحداً مرتبط ببعضه عضوياً وبحكم الضرورة، فهذه كلها صارت من بديهيات الأمور، ولم تعد الخلافات تدور حول ماإذا كان عالم اليوم كيانات منفصلة أو كيان متصلاً، بل تدور بحدة حول كيفية إدارة هذا العالم الصغير وشديد الترابط العضوي والموضوعي بالضرورة. وفي هذا السياق تبرز المفارقة الجوهرية بين مفهوم «العولمة» المبتسر والمغرض، ومانؤكده من مفهوم العالمية «المكتمل والمحايد.