كم أكره هذه الكراسي اللعينة فلا يعادل كلمة كراسي في قاموس حياتي سوى (مآسي) فمنذ صغري وأنا أنفر منها. كرسي أول كرسي حلاق قريتنا الغبي... ُيدمي رأسي في كل مرة يأخذني أبي إليه، فيأمرني بعدم تحريك رأسي، وعندما ينزف منها الدم... يُلقي باللوم عليّ متعللاً بكثرة حركتي، ويتناسى موسه الثلم ومقصه الصديء. كرسي ثاني كرسي المدرسة... يأمرني المعلم بالثبات على الكرسي (كمسمار) ومن يتحرك أو يلتفت يكون جزاؤه الضرب بال (فلكه) أمام بقية الطلاب. كرسي ثالث كرسي المصور... أرفع رأسك... لا تتحرك... إياك أن تغمض عينيك... يا غبي... حركتك خربت الصورة! كرسي رابع كرسي طبيب الأسنان... يثقب أسناني بلا مخدر قائلاً أن حالتي بسيطة لا تستدعي إهدار المخدر على أسنان معطوبة أصلاً! كرسي خامس كرسي الحافلة... فلم أعرف هذه الحافلات إلا في الانتقال من معتقل إلى معتقل وفي أحسن الأحوال إلى مركز التحقيق وفي أغلب الحالات أكون معصوب العينين، مقيداً إلى الكرسي بسلسلة صدئة مختومة بقفل جديد! كرسي سادس كرسي التحقيق وسط غرفة مظلمة والأنوار مسلطةٌ على عيني، ورائحة التبغ التي كنت أحبها تأتيني نذير شؤم، فعندما أشم رائحتها أعرف أن سيجارة أو أكثر ستطفأُ في لحمي، ثم تطغى رائحة اللحم المحترق على رائحة التبغ! كرسي سابع أنا أكره هذا الرقم 7 ولا تسألوني لماذا... أنا نفسي لا أعرف السبب! لكن هذا الكرسي الأسود يثير حفيظتي، فلا أدري أهو فخم لأنه كرسي صاحب السلطة أم أنه أسود من أفعال صاحبه؟