تزداد هموم ومشاكل المواطن اليمني مع قدوم عيد الأضحى ، حيث يضطر الناس للاستدانة وصرف مدخراتهم ورواتبهم قبل أوانها لتلبية حاجاتهم المختلفة.. وحسب العادات والتقاليد من ملابس وأضحيات وحلويات ومبالغ طائلة لزيارة الأهل والأصدقاء والأقارب خاصة في ظل ارتفاع جنوني في أسعار هذه السلع .. هموم جعلت أرباب الأسر يقفون أمام مشكلة حقيقية لا يستطيعون تجاوزها .. عجز تام وعام ذلك الذي يَشُلُّ قدرات الجميع عن تلبية الاحتياجات الخاصة بهذه المناسبة وتلك جراء النظرة القاصرة من قبل التجار إزاء هذه الأوقات والتعامل معها بأنها مواسم ربحية فقط .. لتظل اسواقنا مفتوحةً لكل ما هو رديء من أقمشة وغيرها مما يجعل الناس يلجأون إلى تلبية حاجاتهم بما يناسب قدراتهم الشرائية حتى ولو كان ذلك رديئاً أو لا يغطي حاجتهم لفترة محدودة، وهكذا تستمر حاجتهم للشراء و يمثل ذلك إنهاكاً مستمراً لهم ولقدراتهم وخسارة كبيرة لو قارناه بشراء السلع ذات المواصفات والجودة المرتفعة، وبلاشك فذلك يعود بأثره البالغ السوء على الاقتصاد الوطني. ملابس رديئة وأسعار خيالية !! محمد حسين - رب أسرة التقيناه وهو يجوب بعض محلات الأقمشة لشراء حاجات العيد ، وأفادنا بأن اغلب الملابس ذات جودة ضعيفة وهي منتجات رديئة، مشيراً إلى أن مثل تلك الملابس لا تلبس إلا في بلادنا وذلك حسب حاجتهم وقدرتهم الشرائية . ويشاركه الرأي - عبدالله سعيد مضيفاً: إن عملية الطلب على شراء الملابس كانت سابقاً تقتصر على أيام العيد أو بداية العام الدراسي، أما الآن فالحاجة إلى الشراء في كل شهرين وذلك بسبب رداءة هذه الملابس التي نجد أسعارها باهظة. مؤكداً على أن هناك بعضاً من المستوردين يتعاملون مع السوق اليمنية بأنها مجال ربح فقط دون المبالاة باحتياجات الشعب واقتصاد الوطن. ملامح العيد وكما هو الحال فإن ملامح العيد هذا العام كانت متغيرة أو هي بالفعل تتغير عاماً تلو الآخر حيث طغت هموم ومشاكل الحياة على بهجة العيد وطرزته بألوان اليأس والإحباط وسدت كل نوافذ الفرح والسرور ليصبح العيد كابوساً يطارد الآباء ويطمس أحلام الأبناء، فالأوضاع الاقتصادية لم تدع فرصة أمام الآباء لتحقيق طلبات أبنائهم من ملابس وحلويات وأضحية وترفيه وحتى الأبناء لم يجدوا للعيد مذاقاًَ ولا معنى في قاموسهم الطفولي. عبدالله سيف - موظف ويعول أسرة مكونة من تسعة أطفال قال: العيد كلمة مستفزة تترتب عليها احتياجات كثيرة للأسرة ،ونحن الآن في أمس الحاجة لشراء ملابس للأطفال وأضحية ، فالعيد بالنسبة لي لا يعني شيئاً سوى أنه مناسبة دينية . انعدام الثقة!! الأوضاع المعيشية وقلة دخل الفرد هما المحددان لحاجة المستهلك من منسوجات وأقمشة، وما شاهدناه في الأسواق اليمنية دليل واضح على سوء الأوضاع بسبب تدني مستوى الدخل للفرد والمجتمع ، فالمستهلك يبحث عن النوع الرديء بما يلبي حاجته وقدرته على الشراء.. ذلك ما تحدث عنه مختار عبدالحميد - ماجستير اقتصاد - حيث قال: ارتفاع أسعار السلع ودرجة جودتها يقف عائقاً أمام المواطن لأن ذلك يكلفه فوق طاقته وقوته الشرائية ومع ذلك نجد أن الدور الرقابي للجهات المعنية مفقود لأنها فتحت الأسواق والاتجاه نحو التجارة الحرة غير المقيدة التي جعلت الجهات المعنيه لا تستطيع أن تتدخل في الأسعار ،ويجب أن يكون لديها قاعدة بيانات توضح أماكن صناعة هذه المواد وتصديرها وأسعار تكلفتها وحجم الفائدة منها ومن هذا المنطلق يمكن أن تحدد أرقاماً معينة تضبط من خلالها الأسعار. مشيراً إلى أن تردي السلع الواردة إلى السوق لها أثر بالغ على الاقتصاد الوطني ولكن الذي يحدد الطلب هو معيار الدخل الفردي فعندما يكون الراتب (30) ألف ريال وهو الغالب أو حتى (50) ألف ريال ويترتب عليه احتياجات كثيرة تفوق هذا الراتب معظمها احتياجات ضرورية كالمواد الغذائية لا يستطيع الموظف أن يلبي كل تلك الطلبات مع غياب الشراء بالتقسيط، ورغم أن الشراء بالتقسيط سيحل جزءاً من المشكلة إلا أن انعدام الثقة بين التاجر والمواطن غيبت شيئاً اسمه الشراء بالتقسيط والذي إن وُجد فهو بأسعارٍ مضاعفة وأقساط تقسم ظهر الموظف من أجل تحقيق أرباح خيالية للتاجر.. مؤكداً أن النشاط الصناعي للأقمشة يعد مستحيلاً في بلادنا فهو بحاجة إلى تكلفة مرتفعة كما أن زراعة القطن وإنشاء مصانع للغزل والنسيج سيكون مكلفاً جداً بحيث إن المستهلك العادي لن يستفيد من ذلك شيئاً ومن الأفضل الاتجاه إلى زراعة القمح والمساهمة في توفير الاحتياجات المعيشية الضرورية. الدور الرقابي أحمد البشة - مدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة -: بالنسبة لمواصفات ضبط جودة الأقمشة فهي موجودة لكن الضبط لم يتم حالياً ،وقد تأخرت لبعض الأسباب الفنية منها: - إيجاد إمكانيات الفحص والاختبار. وقد تم رفع قائمة إلى مصلحة الجمارك بداية العام الحالي وتم الاتفاق عليها وتأجل من القائمة كل ما يتعلق بالملابس والغزل والنسيج ، وبالنسبة لأثر تلك الملابس والأقمشة الرديئة على الاقتصاد المحلي ودخل الفرد والمجتمع الناتج عن رداءة تلك المنسوجات والحاجة إلى الشراء المستمر ويصاحب ذلك عدم تفعيل الرقابة على السوق وما يدخل إلى الوطن من منتجات تؤثر على الاقتصاد الوطني. أشار البشة إلى أن تلك المنسوجات التي تدخل إلى السوق غير خاضعة للرقابة وربما تكون ليست عند مستوى الجودة وغير مناسبة للمستهلك ويرى أن ذلك يعود لعدة أسباب منها استغلال الوضع المعيشي للمستهلك ومستوى دخل الفرد إضافة إلى ذلك عدم وجود وعي مما يجعل المستهلك يلجأ إلى شراء ما يناسبه من هذه السلع وبالقيمة الشرائية التي تناسبه فإذا كان هناك وعي ومستوى الدخل مرتفع نوعاً ما فسنجد أن المستهلك سيبحث عن السلع المناسبة والجيدة والتاجر هو من يتحكم بالناحية السعرية والمواطن اليمني بطبيعة الحال لا يستطيع أن يواجه أسعار السلع المرتفعة ونجده يقبل بما هو موجود في السوق، فجانب الجودة ليس دقيقاً بالنسبة لمثل تلك السلع خاصة التي تأتي من جنوب شرق آسيا “الصين، تايلاند، وغيرها” واغلب هذه السلع لا توفر الحد الأدنى من الجودة.. مؤكداً أن الهيئة تسعى إلى إدراج كافة أنواع المنسوجات ومشتقاتها ضمن قائمتها الرقابية حيث إن المواصفات متوفرة لهذه المنتجات.. وعند تجاوز الإشكاليات نأمل من مصلحة الجمارك التعاون مع الهيئة وضمان عدم السماح لدخول مثل هذه الأنواع إلا بعد خضوعها لكافة أنواع الرقابة والتأكد من مطابقتها للمواصفات وسلامتها، كما ندعو المواطنين إلى تحري الدقة عند شراء مثل تلك المنتجات والتدقيق في نوع القماش وخاماته ومصدر صناعته وأشياء كثيرة يستطيع المستهلك أن يحدد جودة هذه السلعة من تلك ، كما أننا نعول كثيراً على التجار لتفادي مثل تلك المشكلة وعدم استغلال الوضع المعيشي للمستهلك وعدم رفع السعر من جهة لابتزاز المستهلك و استيراد أقمشة رديئة من جهة أخرى كون المستهلك مضطراً إلى الشراء بما يناسب دخله.