أخذت تتقلب كمقرور، والفراش ألسنة لهب.. بعد أن أمست لياليها ممهورة باليأس. وهو يشغل حيزاً إلى جوارها، هامداً، وعيناه تتعلقان بسقف الغرفة هرباً من استجداء النظرات. تسترجع أيام الحب وقبل الزواج. كان هذا الراقد إلى جوارها مشتعلاً.. وتضحك في سرها - متذكرة تحفزها حينها لتلافي جنونه واندفاعاته، واستعدادها لليال راكضة. الفراش كألسنة لهب، وهي تتقلب مقرور.. تتمتم لنفسها سؤالاً تتهيب البوح به. ارتكزت بنصف جذعها فوقه. نظرت في عينيه المتحاشيتين مباشرة، وبتحفز قالت: انهض.. لم يرد .. ظلت عيناه على تعلقها بالسقف. كررت قائلة: سنذهب إلى البحر. فتح عينيه (المفتوحتين قبلا)، ومن ثم سحب نظرته صوب ساعة الحائط، وسهّم لفترة.. أنه يعرف جنونها تأججها. يتذكر أن أول ما شدّه نحوها عيناها الملتهبتان جنونا وذكاء. شعر بيدها توقظه تحسساً.رد قائلاً: الساعة تجاوزت منتصف الليل؟ لم تبال برده، وسحبته من الفراش، فهب جذعه منتصباً.نظر إليها تفجر داخله حنين ما …. تعانقت أيديهما وولجا من الباب. في هذه المدينة سياج الليل يضرب سكوناً متوجساً، ويثير رعباً خفياً من مكان ما. لم يترددا. انطلقت سيارتهما تقطع طريقاً طويلاً الى البحر، وعندما اقتربا ظهرت لهما مياهه الفضية تلمع، وتناهى إليها الهسيس الأزلي لوشوشة غزلية بين البحر والشاطئ. اتجها نحوه وأخذا بالتمشي والرمال الرطبة تلتهم أقدامها الواشمة رسمها في الأرض لبرهة، بينما تأتي موجة متمردة تمسحه. انطرحا بجسديهما فوق الرمال المبتلة. رسمتها أشعة القمر شبحين بلا ملامح. (جسدان إنسانيان يستلقيان فوق رمال الشاطئ). شعرا بدبيب المياه في أوصالهما . سرت فيهما رعشة برد، أخذا يتقاربان بتؤدة. يتقاربان ويتقاربان و ….. سمعا تنفس موجة بالقرب منهما تبعتها أخرى ثم أخريات تراقصت حول الجسدين وبجموح اندفعت الأمواج تدثرهما. غمرتهما المياه. أنغمسا داخلها، ثم ارتفع جذعاهما، وأخذا يمتطيان الموج. وفي الأفق قطعت الشمس حبل السرة. وألقت بشذراتها الأولى.