تظل مدينة عدن الملاذ المثالي والاختيار الأمثل لقضاء إجازات العيد بالنسبة لمحبي السياحة البحرية والساحلية على مستوى اليمن والخارج،فبالرغم من امتلاك اليمن لساحل بحري طويل،وبالرغم من تنوع مناطقها الساحلية الخلابة،والتي تصلح هي الأخرى لقضاء أوقات ممتعة فيها،إلا أن الثغر الباسم يتفوق وبأشواط على معظم تلك المناطق .. وتبقى عدن بوشواطئها وبحورها الساحرة قبلة الزائرين في مختلف المناسبات والأعياد،ولايقتصر الأمر على السياح المحليين،بل يتجاوزه إلى سياح دول الجوار الذين يفضل كثير منهم زيارة عدن في الأعياد الدينية كعيد الأضحى الذي انقضت أيامه حاملة معها زائري عدن الذين توافدوا إليها من كل حدب وصوب على أقل العودة إليها في أقرب فرصة. ويبدو أن إجازة هذا العيد كانت مختلفة عند سابقتها،فالاختلاف والتميز في هذا العام كان واضحاً جلياً كوضوح الانعكاسات الذهبية لشمس عدن على مياهها الزرقاء المغرية،فمن التوافد الكبير والأعداد الهائلة التي فاقت توقعات الجهات الرسمية،حيث كانت احصائياتها قريبة من أرقام إجازة عيد الفطر،إلا أن إجازة عيد الأضحى كانت متفوقة بنسب خيالية وكبيرة،مروراً بتميز الفعاليات والاحتفاليات الضخمة التي شهدتها عدد من السواحل العدنية بماحوته من ابتكارات جديدة حولت الإجازة العيدية إلى كرنفال ومهرجان سياحي كبير متنوع الفقرات،وانتهاءً بكل جديد تزينت به الفاتنة عدن إرضاءً لعاشقيها. حلاوة الطقس إضافة إلى كل ماسبق، يزيد مدير عام مديرية البريقة،ورئيس المجلس المحلي فيها الأخ رائد عبشل إلى ما أشرنا إليه سلفاً قائلاً: إن طقس مدينة عدن ومناخها المعتدل والجميل في مثل هذا الوقت من السنة،مقارنة بمثيلاتها من محافظات كصنعاء،وتعز وإب مثلاً دفع بالسياح المواطنين من تلك المحافظات للتوافد إلى عدن وزيارتها في إجازة العيد،لأسباب منها: أولاً هرباً من برودة الطقس الشديدة في تلك المحافظات،وثانياً للاستمتاع بإجازة العيد في أحضان الشواطئ الدافئة والسواحل الجذابة وأضاف: إن إجازة العيد هذا العام في كورنيش البريقة شهدت إقامة عدد من المهرجانات الفنية والثقافية والحرفية،وهو مالم تشهده بقية الأعياد،ويعتبر وجود مثل هذه المهرجانات الجماهيرية التي تنظمها جهات رسمية ومنظمات المجتمع المدني في مديرية البريقة شيئاً مميزاً، تفردت فيه البريقة عن بقية مديريات محافظة عدن،والتي تمتلك بعض منها شواطئ جميلة،إلا أنها لا تقارن بما تمتلكه البريقة من سواحل ساحرة. واسترسل مدير المديرية في حديثه معدداً ماتتميز به البريقة عن مثيلاتها في هذا العيد بالإضافة إلى تعدد مناطقها الساحلية ووجود المهرجانات الجاذبة لأعداد كبيرة من الزائرين،وانتشار الخدمات المختلفة على مدار الساعة أثناء فترة العيد،واستعداد إمكانات المديرية من أمن وصحة ومطاعم وفنادق لتلبية احتياجات الوفود الزائرة. فنون نسائية في قلب كورنيش البريقة تواجدت خيام ضخمة حوت في ثناياها إبداعات نساء مديرية البريقة،التي تنوعت مابين الأعمال اليدوية والحرفية وبين الفلكلور الشعبي الخاص بالمديرية. الثقافة الخاصة التي ضمتها جنبات الخيمة كانت عبارة عن مهرجان نسوي للفنون والحرفيات نظمته جمعية الفردوس النسوية التنموية التي تتخذ من البريقة مقراً لها، بدعم ورعاية من شركة مصافي عدن. انطلق المهرجان في ثاني أيام العيد،ومثل فرصاً عدة اجتمعت في مكان واحد،فهو من ناحية يساعد نساء المنطقة على العمل والإنتاج كجانب تسويقي وترويجي لمنتجاتهن البسيطة التي تدخل في باب المشاريع الصغيرة المدرة للدخل والمنمية لأوضاعهن وأوضاع أسرهن المعيشية،وهو من ناحية أخرى فرصة تسويقية للزائرين المفضلين بأن يحملوا ذكريات جميلة من أرض الجمال «عدن». وكم تكون تلك الذكريات فائقة الجمال عندما يكون مصدرها أنامل نساء المدن وثمرة جهودهن ! وهو من ناحية ثالثة فرصة لإطلاع الزائرين على فلكلور مدينة عدن وثقافتها الشعبية،خاصة في ظل وجود زائرين من دول مجاورة وطأت أقدامهم سواحل عدن وبالتالي من الضروري أن تطأ المهرجانات التي تقام فيها. عدد غير قليل من زائري المهرجان الحرفي أبدوا إعجابهم بمقتنياته التي أبدعتها أيادي فتيات عدن، وكم تمنوا أن تعم تجارب مماثلة في بقية السواحل والمتنفسات الكثيرة في عدن، لما لها من أثر في تنويع مجالات المتعة والترفيه، حيث يؤكد كثير من زائري المهرجان أن السياحة في عدن ليست فقط مجرد ركوب البحر أو السباحة أو الانغماس في الرمال الذهبية، بل هي أكثر من ذلك من خلال التعرف على ثقافة عدن وموروثها الشعبي،الذي بالتأكيد يتميز عن غيره من الموروثات الشعبية في بقية المحافظات اليمنية. تثقيف شبابي وفي مكان غير بعيد من موقع المهرجان الحرفي والشعبي النسوي كانت خيام المهرجان البحري الشبابي الثقافي تربض في فناءات الكورنيش الرحبة .. في ملتقى فكري وترفيهي نظم له وأعده فتية من شباب البريقة،وحظي بدعم ورعاية المجلس المحلي بالمحافظة ممثلاً بالشيخ سمحان عبدالعزيز عبدالملك المعروف ب «راوي» عضو المجلس المحلي في المديرية الذي وصف المهرجان الشبابي بأنه أهم مايميز العيد في هذا العام في مديرية البريقة، مشيراً إلى التجربة الأولى للمهرجان في عيد الفطر الماضي،والذي كان المهرجان فيه عبارة عن تجربة بسيطة أصابها بعض القصور وعشوائية التنظيم التي تم تلافيها في عيد الأضحى الحالي. ولما كنا نقوم باستطلاعنا هذا في الأيام الأخيرة من عمر المهرجان التثقيفي الشبابي فإن الشيخ راوي وصفه بأنه مميز ويعد تجربة فريدة من نوعها،ولهذا فقد لقي نجاحاً باهراً شجع الجميع على ضرورة أن يتكرر كل عام وفي كل عيد. ولم ينس أن يحدثنا عن فقرات المهرجان وأهدافه، والتي تحدث عنها قائلاً: ضم المهرجان فقرات ثقافية «مناقشات وحوارات حول مواضيع تهم الجميع». بالإضافة إلى محاضرات توعوية تهدف إلى رفع وعي الشباب والأسر بما يصب في خدمة المجتمع. بالإضافة إلى المسابقات الثقافية والترفيهية، والتمثيليات المسرحية الهادفة بقالب كوميدي يضفي على المهرجان جواً من المرح والترفيه بما أننا نعيش أيام العيد التي كلها فرح وتسلية. مؤكداً أن الهدف الأساسي كان جمع العائلات الكبيرة العدد التي تزور مديرية البريقة في مكان عام يستفيد منه كل أفرادها ويساعدهم على قضاء أوقات مفيدة يخالطها المرح والضحك. وأشار الشيخ راوي في معرض حديثه عن المهرجان إلى الجانب التنظيمي المتميز الذي ساعد على نجاحه مقارنة بمهرجان عيد الفطر،حيث حظي المهرجان بتوزيع مهام العمل على لجان متخصصة عملت كل منها على القيام باختصاصاتها على أكمل وجه.. منوهاً إلى المشاركة الفاعلة لعدد من الفرق المسرحية والانشادية القادمة من محافظة حضرموت والتي استطاعت أن تكسب إعجاب الحضور. واختتم حديثه لنا بالقول: إن كل ماتم في هذا المهرجان إنما يصب في صالح المديرية سياحياً وبالتالي اقتصادياً كما أنه يصب في صالح الزائر القادم من محافظات يمنية طالباً المتعة والرفاهية والمرح. توافد كبير عيد الأضحى المنصرم كان «غير» في عدن حيث كان التوافد الكبير للسياح المحليين لافتاً للأنظار، في كل متنفسات المحافظة وليس فقط في المديرية الجميلة «البريقة» حيث لم يكن هذا التوافد كبقية التوافد كل عام بل طغى عليه وتفوق، ولعل الأمر أثار فضولنا ولذلك رحنا نتساءل عن الأسباب من المعنيين أنفسهم الذين فسروا الأمر بتفسيرات عدة ومختلفة حيث أشار فاضل بلعبد أحد القادمين من محافظة حضرموت إلى أن أضرار السيول التي ضربت حضرموت، وبالتالي أثرت على البنية التحتية للمواقع السياحية فيها أدى بدوره إلى توافد المواطنين من حضرموت إلى عدن لقضاء إجازة العيد. نفس التعليل يشير إليه مرزوق علي العامري الذي أتى إلى عدن على رأس رحلة مدرسية تضم طلاباً في المستوى الثانوي من محافظة البيضاء، الذي وافق فاضل بلعيد فيما ذهب إليه من أن حضرموت كانت تتقاسم مع عدن وربما الحديدة خيارات المواطنين في إجازة الأعياد، إلا أن حضرموت وأماكنها الترفيهية استبعدت في عيد الأضحى بسبب ماحل بها من كوارث السيول. بينما يفسر الحاج عيسى الحارثي من مدينة صنعاء القديمة التوافد الكبير للسياح المواطنين باعتدال الطقس والمناخ في مدينة عدن وبالتالي حتى وإن كانت مجرد أيام معدودات قليلة بحسب الحاج الحارثي إلا أنها تكفي لتغيير أجواء البرودة والصقيع التي تعتري المناطق الأخرى كصنعاء وهو مايدفع سكان تلك المناطق للقدوم إلى مناطق ساحلية معتدلة كعدن. عدن..غير مهما كانت الأسباب والتفسيرات تبقى عدن مميزة في كل عام..مميزة بأجوائها العيدية الساحرة أضف عليها ابتكارات أهلها الذين يضفون على سواحلها وشواطئها لمسات تزيد أجواءها سحراً وألقاً قلما تجده في بقية السواحل..لتبقى عدن..مختلفة عن مثيلاتها دوماً، وتبقى دوماً مهبطاً لقلوب العشاق..لأنها..غير.