تفتقر كلية التريبة -مأرب .. للمقومات الأساسية «الطاقم التدريسي القاعات الدراسية المكتبة النفقات التشغيلية ....» في وقت كان ينبغي توفرها لديمومة الاستمرارية ولأن أيضاً هذه المقومات تعتبر بمثابة البنية الأساسية للكلية ولأي كلية أخرى .. لكن الغريب أن هذه الكلية قد مضى على إنشائها عامان تقريباً بحسب توجيهات فخامة رئيس الجمهورية وقرار مجلس الوزراء في شهر 12 / 2006م وهي على حالها منذ ذلك الزمن دون أن تحرك الجهات المعنية تجاهها ساكناً كلية التربية بمأرب هي في الحقيقة بحاجة إلى إعادة نظر .. بحاجة إلى رؤية استراتيجية لها على المدى القريب والبعيد وبالتالي فإن الجهات المعنية في الدولة معنية بما يحدث لها قبل كل شيء. عميد الكلية الدكتور عبدالواسع الحميري أشار إلى أن الجهات المعنية وعدت ووعدت وما إلى ذلك فما حقيقة تلك الوعود من عدمها وإلى متى سنظل نسمع وعوداً ولا نلمسها في الواقع .. (الجمهورية) وفي حوارها مع عميد الكلية لامست الكثير من القضايا التي تهم الكلية والمشاكل والمعوقات التي تواجهها وأبجديات المشهد الثقافي اليمني والعربي اليوم وأثر تداعيات الأزمة المالية عليه وغيره من المواضيع الأخرى. الدعم ضرورة للاستمرار يقول د.عبدالواسع الحميري : إن كلية التربية - مأرب كلية ناشئة وقد تم اتخاذ قرار إنشائها دون أن يتوفر لها الحد الأدنى من مقومات الإنشاء .. فأعضاء هيئة التدريس فيها لا يتجاوزون عشرة مدرسين في حين أن عدد الأقسام التي تتألف منها الكلية تتجاوز خمسة عشر قسماً ويؤسفني جداً أن أقول لك إنه لدي أربعة أقسام علمية ليس لها سوى رئيس قسم واحد ولايوجد فيها من قوام الهيئة التدريسية أحد .. ومن ثم فالكلية تعاني نقصاً شديداً في الهيئة التدريسية ونقصاً شديداًَ في الكادر الوظيفي وعدد القاعات الدراسية إضافة إلى ذلك غياب المكتبة فهي كلية بدون مكتبة. دعني أقول لك إن الدراسة بالكلية في العام الجامعي الحالي 2008-2009م لم تبدأ إلا قبل حوالي أسبوعين فقط نظراً لعدم توفر الهيئة التدريسية فقد ظللنا نتابع توفير المدرسين بالتعاقد حسب نظام الساعات وقد تم الاتفاق على نزولهم إلى الكلية قبل حوالي شهر تقريباً. وبالتالي فالكلية إذا لم تدعم وإذا لم يوفر لها الكادر التدريسي وتوفر لها المكتبة والقاعات الدراسية فإنها سوف تتعثر ولن يكتب لها النجاح. هل تواصلتم مع رئاسة الجامعة فيما يخص توفير المقومات الأساسية للكلية ؟ }} نعم .. تم التواصل مع رئاسة الجامعة وقد أبدت استعدادها لدعم الكلية. أتعتقد أن لديهم فعلاً نية لدعم الكلية ؟ }} هناك توجه .. وإلاّ ما كان ينبغي أن تفتح قبل أن يتوفر لها الحد الأدنى من مقومات النهوض والاستمرار. ماذا عن الكوادر والعاملين في الكلية ؟ }} الكوادر الأكاديمية العاملة في الكلية لا تتجاوز عشرة أعضاء في حين المطلوب الفعلي أن لا يقل عدد أعضاء هيئة التدريس عن خمسين مدرساً. غياب البنية الأساسية ماذا عن مستوى التحصيل العلمي للطلاب في الكلية وهل هناك تحسن خصوصاً وأنه قد مضى على إنشاء الكلية ثلاث سنوات ؟ }} تحسن .. ولكنه طفيف لأن جودة التحصيل العلمي بحاجة إلى مقومات والكلية لا تتوفر فيها المقومات الأساسية إن جاز التعبير فالبينة الأساسية كما ترى غائبة .. وبالتالي فهي مبنى بلا معنى. الاهتمام بالكلية من موقعها كيف تنظرون إلى الكلية من حيث الموقع؟ }} مهمة جداً .. ويجب أن تكون هذه الكلية كلية مثالية كنموذجية كونها في مأرب .. ومأرب مهد حضارة الإنسان ليس اليمني فقط وإنما العربي أيضاً .. وبالتالي فلا ينبغي ولا يجوز أن يكون حال الكلية بهذا الشكل الذي نراه. التعليم الجامعي كم بلا كيف رؤيتكم للتعليم الجامعي اليوم، هل يرتقي إلى المستوى المطلوب ؟ }} لا يرتقي إلى المستوى المطلوب .. فهو كم بلا كيف ولا فرق عندي بين أستاذ الجامعة والمعلم في المدرسة وبين الطالب الجامعي وطالب المدرسة. إذا كان كما تقول فما الوسيلة للنهوض به؟ }} بالوعي بأهمية التعليم الجامعي .. يجب أن نعي ماهية التعليم الجامعي .. أن نعي ما الذي يجب أن يكون عليه التعليم الجامعي تعليماً جامعياً أولاً .. فإذا ما علمنا هذا العلم اليقين واعتقدنا اعتقاداً صادقاً أن التعليم الجامعي تعليم نوعي وأعطيناه ما يستحق من الجهد والامكانات المتوفرة .. عندها سيكون هناك تعليم جامعي حقيقي بمعنى الكلمة .. أما إذا كنا نعتقد أنه لافرق بين المدرسة والجامعة .. فستبقى الأمور كما هي عليه دون أن تتغير. ضرورة الاهتمام بالمحافظة وجهة نظركم لمأرب ؟ }} يجب أن تعطى هذه المحافظة الأولوية في كل شيء وأكثر من أي محافظة أخرى .. فإذا كان الغرب يهتم بهذه المحافظة اهتماماً ملحوظاً ويأتي إليها بحثاً عن الاكتشاف .. فنحن نقول إنه ينبغي أن تضعها نصب أعينها وتجعلها في مقام أولوياتها .. ولكن في الحقيقة ما يحدث في مأرب من مشكلات هنا أو هناك لهو ناتج عن غياب التعليم النوعي داخل إطار المؤسسات التعليمية مما أدى إلى ظهور هذا الانفصام الحاد في شخصية الإنسان المأربي وتطور الفكر لديه ليصبح كما نراه اليوم راجعاً به إلى الخلف إلى عصور التخلف والانغلاق فتمادى بقيامه بالظواهر والأعمال الاجرامية السيئة دون أن يعي نتائجها وآثارها ضارباً بالأعراف والمبادئ والأخلاق السامية والقانون عرض الحائط.. وبالتالي ومن هذا المنطلق فإنه ينبغي التوجه نحو إخراج هؤلاء الناس من واقع الجهل الذي يعشعش داخل عقولهم وإطلاق سراح الإنسان المأربي كي يحلق عالياً في فضاء الله الواسع إذ إنه لا يجوز بقاؤه أسير واقع الجهل والتخلف الذي يعيشه ويراوح بين جنباته كل لحظة. شغف ورغبة مدى إقبال فتيات مأرب على التعليم الجامعي ؟ }} الطالب في هذه المحافظة لديه شغف علمي غير عادي .. لديه رغبة عارمة في التعليم وعلى رأسهم الطالبات فلدي عدد كبير منهن في الكلية ويأتين يومياً من مسافات بعيدة .. يقطعن هذه المسافات الطويلة كي يأتين إلى الكلية لتلقي التعليم .. لكنهن يفاجأن في الغالب بغياب المدرس. العودة إلى ثقافة الواقع رؤيتكم لواقع المشهد الثقافي اليمني خصوصاً والعربي بشكل عام ؟ }} هناك حراك ثقافي موجود ولكن هناك أزمة ثقافية عربية بشكل عام ويمنية بشكل خاص .. فمشكلة المثقف أنه لا يثقف واقعه اليومي كما هو .. والمثقف في الغالب لا يتعامل مع معطيات الواقع الثقافي كما هو في حضوره العيني المباشر وإنما يحاول قراءته من زوايا ربما أبعدته عن معرفة الواقع .. ومن ثم فنحن في أمس الحاجة إلى إحياء ثقافة الواقع .. ولكي يسهم المثقف العربي في تغيير الواقع عليه أن يعي واقعه أولاً وأن يحسن قراءته ثانياً .. فإذا ما أحسن قراءة الواقع فإنه عند ذلك سيكون قادراً على التفاعل معه والعمل على تغييره. برأيك .. هل ستسهم ثقافة الواقع في تغيير المشهد الثقافي ؟ }} نعم .. إن هيمنة ثقافة الذاكرة في تقديري على المثقف العربي هي التي استلبته إرادته في القدرة على الفعل .. هي التي جعلته يعيش خارج إطار الواقع .. هي التي جعلته يمارس الوصاية على الواقع .. هي التي جعلته غير قادر على التفاعل مع الواقع والعمل على تغييره بالشكل الصحيح .. لذلك فالعودة إلى ثقافة الواقع ضرورة حتمية لتغيير الواقع وتحريك المشهد الثقافي. تفعيل مؤسسات الدولة في مأرب (ثأر) وظواهر أخرى كلها تمثل في مجملها الميراث السيىء للقبيلة ولها أبعادها ونتائجها فكيف تنظرون إليها ؟ }} الحقيقة أنا معك في أن هذه الظواهر سلبية وهي مرتبطة بثقافة القبيلة ولكي تزول هذه الظواهر نهائياً يجب التعامل مع القبيلة بوعي ومسؤولية .. كما أنه يجب تشخيص هذه الظواهر بشكل صحيح والعمل على معالجتها بشكل صحيح أيضاً. ولكن ما لم تحقق الدولة بمؤسساتها الفاعلة في مجتمع القبيلة فستظل هذه الظواهر طاغية على حياتهم .. مالم تحضر مؤسسات الدولة (التعليمية الثقافية التربوية الأمنية القضائية) في مجتمع القبيلة فستظل السيادة لثقافة القبيلة وسلطتها وستظل العلاقة بين القبيلة والدولة علاقة صراع .. ولا يمكن للدولة أن تصبح حكماً في قضايا القبيلة ومرجعاً لها إلاّ في حال استطاعت أن تكون حاضرة بمؤسساتها كافة. أما إذا ظلت غائبة فستظل فعلاً غير فاعلة وغير مؤثرة في مجتمع القبيلة .. بل الفاعل والمؤثر هو قانون وثقافة القبيلة. ويكفيك شاهداً على ما قلت اليوم اختطف باص عميد الكلية الذي يتواصل به دون أن يكون للكلية أو عميدها أي دور فيما يطالب به هؤلاء المختطفون فهي ظاهرة إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الإنسان في هذه المناطق ما يزال يعيش في زمن ما قبل الدولة. الظواهر سلبية نتاج لثقافة قبلية الأبعاد الثقافية لهذه الظواهر برأيك ؟ }} هذه الظواهر هي نتيجة لثقافة قبلية سيئة وهي سلوك ثقافي رذيل .. فمن يفعل هذه الأعمال ومن يمارسها لم يمارسها من فراغ .. فهو يمارسها بوعي وإدراك .. ولكن كيف يمكن تغيير هذا الوعي .. كيف نجعله ينظر إلى هذه الظواهر بعين العقل والمنطق ؟ .. كيف نجعله يدين هذا السلوك ؟. الحقيقة.. إن تأثير هذه الظواهر سلبي سواء على من يقوم به أو من يستهدف هذا الفعل وبالتالي فإن هذه الظاهرة سلبية وذات تأثيرات سيئة على المجتمع ككل وتعكس صورة سيئة عن هذه المناطق بشكل خاص واليمن بشكل عام لأن هذه الظواهر ليست من ظواهر هذا القرن وإنما هي ظواهر كان يعيشها الإنسان في زمن آخر غير هذا الزمن. فما نأخذه على القوى السياسية أن الخاص لديهم يطغى على العام وأن همومهم الحزبية للأسف طاغية على همومهم الوطنية التي تحركها وتدفعها .. وأحياناً أشعر بالخوف الشديد والرعب على مستقبل هذا البلد. الحاجة إلى امكانيات لانتشال وضع الكلية المشاكل والصعوبات ؟ }} سبق وأن أشرت إلى أهم هذه الصعوبات .. بمعنى أن المقومات الأساسية للكلية غائبة فأنا كعميد كلية يفترض أن ما يهمني هو إدارة شئون الكلية .. ولكن أن أخلق مقومات لها فهذا خارج عن إرادتي وقدراتي .. ومن ثم لا أكتمك سراً لو قلت لك إني حين جئت إلى الكلية وعقدت مجلساً لها واكتشفت وضعها قلت في ذات نفسي إن هذه الكلية بحاجة إلى قدرة إلهية نقول لها كوني فتكون .. أما إرادتي كبشر فأعتقد أنها ستبقى عاجزة وغير قادرة على النهوض بها إلا بما يتوفر من امكانيات من الجهات المسئولة عنها والمعنية بها.