إن الإخلاص لله تعالى معناه أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله عز وجل والوصول إلى دار كرامته، وإذا أراد العبد بعبادته شيئاً آخر ففيه تفصيل آخر وحسب الأقسام، فالقسم الأول.. أن يريد التقرب إلى غير الله تعالى بهذه العبادة ونيل الثناء عليها من المخلوقين فهذا يحبط العمل وهو من الشرك، والقسم الثاني.. أن يقصد بها الوصول إلى غرض دنيوي كالرئاسة والجاه والمال دون التقرب بها إلى الله تعالى فهذا عمله حابط لا يقربه إلى الله تعالى، وأن الفرق بينهما هو أن الأول قصد أن يثنى عليه من قبيل أنه إنسان عابد لله تعالى، وأما الثاني فلم يقصد أن يثنى عليه من قبيل أنه إنسان عابد لله ولا يهمه أن يثني الناس عليه بذلك.. أما القسم الثالث: فيقصد بها التقرب إلى الله تعالى والغرض الدنيوي الحاصل بها، كأن يقصد مع نية التعبد لله بالطهارة تنشيط الجسم وتنظيفه وبالصلاة تمرين الجسم وتحريكه وبالصيام تخفيف الجسم وإزالة فضلاته وبالحج مشاهدة المشاعر والحجاج فهذا ينقص أجر الإخلاص، ولكن إن كان الأغلب عليه نية التعبد فقد فاته كمال الأجر، ولكن لا يفيده ذلك بإقتراف إثم أو زور، وإن كان الأغلب عليه نية غير التعبد فليس له ثواب في الآخرة وإنما ثوابه ما حصله في الدنيا.. وإن الفرق بين هذا القسم والذي قبله أن غرض غير التعبد في القسم السابق حاصل بالضرورة فإرادته إرادة حاصلة بعمله بالضرورة وكأنه أراد ما يقتضيه العمل من أمر الدنيا.. وعلى كل حال فإن النية التي هي قول القلب أمرها عظيم وشأنها خطير فقد ترتقي بالعبد إلى درجة الصديقين وقد ترده إلى أسفل السافلين.