مجموعة هائل سعيد تحذر من المعالجات العشواىية لأسعار الصرف وتنبه من أزمات تموينية حادة    الاتحاد الأوروبي يوسّع مهامه الدفاعية لتأمين السفن في البحر الأحمر    تظاهرات في مدن وعواصم عدة تنديداً بالعدوان الصهيوني على غزة    - اقرأ سبب تحذير مجموعة هائل سعيد أنعم من افلاس المصانع وتجار الجملة والتجزئة    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    العنيد يعود من جديد لواجهة الإنتصارات عقب تخطي الرشيد بهدف نظيف    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    الرزامي يكشف عن فساد محسن في هيئة المواصفات بصنعاء    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    حملات ضبط الأسعار في العاصمة عدن.. جهود تُنعش آمال المواطن لتحسن معيشته    في السياسة القرار الصحيح لاينجح الا بالتوقيت الصحيح    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    أحزاب حضرموت تطالب بهيكلة السلطة المحلية وتحذر من انزلاق المحافظة نحو الفوضى    الرئيس الزُبيدي يوجّه بسرعة فتح محاكم العاصمة عدن وحل مطالب نادي القضاة وفقا للقانون    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة نذير محمد مناع    إغلاق محال الجملة المخالفة لقرار خفض أسعار السلع بالمنصورة    لهذا السبب؟ .. شرطة المرور تستثني "الخوذ" من مخالفات الدراجات النارية    منع سيارات القات من دخول المكلا والخسائر بالمليارات    مناقشة قضايا حقوق الطفولة باليمن    تكريمًا لتضحياته.. الرئيس الزُبيدي يزيح الستار عن النصب التذكاري للشهيد القائد منير "أبو اليمامة" بالعاصمة عدن    لاعب المنتخب اليمني حمزة الريمي ينضم لنادي القوة الجوية العراقي    رئيس الوزراء من وزارة الصناعة بعدن: لن نترك المواطن وحيداً وسنواجه جشع التجار بكل حزم    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي    "القسام" تدك تحشيدات العدو الصهيوني جنوب خان يونس    المشايخ في مناطق الحوثيين.. انتهاكات بالجملة وتصفيات بدم بارد    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    اجتماع بالحديدة يناقش آليات دعم ورش النجارة وتشجيع المنتج المحلي    أمواج البحر تجرف سبعة شبان أثناء السباحة في عدن    سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    مع بداية نجم سهيل: أمطار على 17 محافظة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    وداعاً زياد الرحباني    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بامطرف) ناقداً أدبيّاً (2-2)

عرف الناس الأستاذ محمّد عبد القادر بامطرف (1915م 1988م) مؤرّخاً اشتهر بالتأريخ لأدوارٍ من تاريخ (حضرموت) خاصّةً، وقرأوا له كتباً بحالها في ذلك،منها (الجامع)، و(الشهداء السبعة)،و (في سبيل الحكم)... ممّا طُبِعَ ونُشِرَ، وله سواها ما لا يزال ينتظر.
وإنَ موقف الأستاذ الشيخ المشتطّ من الشعر الجديد معلولٌ علتُه نفسية. فهو- وقد ولج النقد من باب الثقافة لا الاختصاص حتى تراءى هاوياً في مجالٍ له رجاله المختصون والمخلصون – اكتفى بما حصّل منه، ولم يُعَنِّ نفسه بتطوير مواقفه ورؤاه، ولا بتجديد أدواته وإجراءاته النقدية، فصدمه ما عرض له من قولٍ جديد لم يألفه في ما عرف من شعر.. وأقلقه أن استعصى ذلك القول على أدواته التي تقاصرت عن فكّ رموزه، وتكشّف أسراره وخفاياه، فعافه ولم يستسغه، ومضى يهاجمه، وينثر القول فيه غليظاً جارحاً. وإنها لثورة العاجز يأبى الاعتراف بعجزه، وقد شهد له الآخرون بالقوة في قديم الزمان. لكن صاحبنا يأبى إلا أن يسوّغ هذا الإحساس في نفسه بكثير من العلل الموضوعية، فكان الحديث عن قصور الشعراء في الإحاطة باللغة، والاتهام بالتعمية والغموض، والمروق من الدين، ومعاداة العروبة وتاريخها، والنقل من الآداب الأوربية، وفرض نمط من القول لا يلائم العقل العربيّ المسلم... وما إلى ذلك. وليس الأمر كما زعم الأستاذ الشيخ، وإنما هي حالة نفسية ولا غير. وقد كان في مقدوره أن يواكب حركة هذا التجديد الشعريّ كما واكب حركة التجديد الرومانسي، ولكن تلك عملية صعبة، ونشاط عقلي دونه كثيرٌ من الجهد والدأب والمتابعة الواسعة الشاملة.. والعمر قصير.. والاهتمامات متنوّعة ومتكاثرة.. وحسبه ما نال من قبل، ولا قدرة له على مزيدٍ من المعرفة بهذا الشعر أو العلم به، ثم لم يلبث إلا قليلاً فهجر النقد الأدبيّ وممارسته مكتفياً بما أنجز، وفتح له (علم التاريخ) أبواباً فلاذ به غير مكترث بما ضيع على جليل قدره.. وعظيم شأنه.
4
تلك إذن صورةٌ مختصرة لطبيعة النقد الأدبي في كتابات الأستاذ الشيخ، ومنهجه، وقضاياه. وإنّ له في قراءة الشعر ونقده طرائقَه.. وهي لا تشذّ عن طبيعة منهجه الذي آثر وارتضى. فهي تنبع منه، وتفيض عنه. فتراه تارة ينظر إلى الشعر على أنه مطابقة لشخصية الشاعر وانعكاس لها، ومرآة صادقة تشف عن كل خلجاته، وذبذبات نفسه وأحداث حياته.. حتى( إذا ما أردنا أن نتخيل رحلة شاعرية في أجواء الشعر الأصيل لشاعرنا فإنّنا سوف نجد أنّ لدينا المادة الكافية من شعره السهل الرصين تعطينا فوق ما نريد ) 20. ويمضي من بعد ليقرأ(حياة) الشاعر من خلال (شعره).
وتلك هي طريقة العقاد في تحليل الشعر والحكم له أو عليه كما جلاها في كتابه (ابن الرومي حياته من شعره). وقد شايعه عدد من نقاد الشعر ودارسيه حتى عهود قريبة، ثم خبا وهجها، وانطفأت نارها، ورأى الدارسون طرائق أخرى تمكّنهم من تحليل الشعر على أعمق ما يكون التحليل.
ولعلّه يجوز الاستطراد قليلاً هاهنا بغية الإشارة إلى أنّ الشعر رؤيةٌ للحياة وموقفٌ منها. وما كان له أنْ يكون سيرة ذاتية يدوّن فيها الشاعر أسرار حياته وأخفى حكاياتها، وكأن القصيدة صفحة من كتاب المذكرات اليومية. ثم من قال إن الحكم على الشاعر أو له يكون على حسب قدرته في الكشف عن خفايا نفسه، وتجسّد أحداث حياته حتى يتساوى (كتاب شعره )و(كتاب حياته) وكأنما لا فرق ؟
لكنّ هذه الطريقة في تحليل الشعر – إنصافاً وإحقاقاً – كانت أرقى قليلاً من طرائق الأوّلين في النظر إلى القصيدة على أنها أبياتٌ متفرقاتٌ، أو أغراضٌ أشتاتٌ. وهنا يكمن ملمح الجدّة فيها.
أما الطريقة الثانية فهي التحليل الجزئي لأبيات من القصيدة مبنى ومعنى. وهنا تلمح آثاراًَ من تأثير الأوّلين عليه، وعلى الأخصّ علماء البلاغة كابن رشيق في عمدته، وابن الأثير في مَثَلِهِ السّائر، ناهيك بما لكتاب (الديوان في الأدب والنقد)، وما كتبه (العقا)د فيه من تحليله قصائدَ شوقي من أثرٍ عليه.
فتراه يتقرّى البيت جزءاً جزءاً، ويقبل منه ما يقبل، ويرفض منه ما يرفض، ويروز أفكاره ومعانيه، ويعرضه على أبيات الأوّلين ومعانيهم، فيوازن، ويفاضل، ويكون نقده على حسب ما استساغ من البيت مبنى ومعنى في ضوء منهجه الذي ارتضى. ولقد يوفّق حيناً فيجلّى. ولقد يخفق حيناً فيجانبه التوفيق. خذ على ذلك مثلاً قوله معلقاً على قول الشاعر:-
أمسى خضمّاً في تدفقه *** يعطي اللآلئ حين يضطرب
يقول:( فمن أنبأك ياهذا أن البحر يقذف اللآلئ عندما تجتاحه الزوابع، أو أنه يقذفها على أي حال ؟ إن أبسط محترفي صيد اللؤلؤ سوف يخبر شاعرنا أنّ أنسب أوقاتٍ للقيام بهذه العملية في البحر هي أوقات السكون والصفاء، أو هل أراد الشاعر أن يقول إن فقيدنا لم يكن يقول رأياً سديداً إلا عندما تعتريه حالات من الانفعال النفسي؟...ولو قد صح لدى (البار) ما استنتجناه من مقصد هذا البيت فإننا نربأ بفقيدنا أن يوصف بوصفٍ لا يليق بأحلام الرجال. إلا أنّ التقليد الأعمى هو الذي دفع صاحبنا إلى هذا التهّور.. وقد سبقه إلى مثل هذه الهفوة أبو الطيب فقال:
كالبحر يقذف للقريب جواهراً *** جوداً.. ويبعث للبعيد سحائباً. 21
هنا أخفق (الناقد)في ما أرى. فهو يتصور أن (الشعر) مطابقة الواقع تماماً بتمام. وليس الأمر كذلك. الشعر تشكيل (للواقع )بواسطة اللغة. وبين الحالين فرق، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى الشاعر أصدق تصويراً من فهم الناقد للبيت وإدراك معناه،لأن حرارة الانفعال تفضي بالمرء إلى أن يقع على ما لم يجر له بحسبانٍ أو تفكيرٍ..أمّا برودة الانفعال فإنها لا تورث إلا الكلال والفتور. ثم من أين جاءه أنّ (البار) يقلد (المتنبي) في هذا البيت؟ وبين القولين بونٌ شاسعٌ كما يقول البلاغيّون، ولكلٍّ مقام. أمّا ألفاظ مثل (التهور / لا يليق بأحلام الرجال/ الهفوة)... فليست من لغة النقد في شيءٍٍ، لأنّها تنأى به عن غاياته من تفسير وتحليل وتأويل، ومن تقويم وتقييم. لكنها غضبة الأستاذ الشيخ وقد اشتهر بها قلمه في كثير من المواقف والأحوال.
5
ولسائلٍ من بعد أن يسأل : ما مكانة الأستاذ الشيخ النقدية ؟ وأين منزلته ؟ وكيف نقيّمه بعد هذا الزمان؟
أما في زمانه وبين أنداده وأضرابه فإنّ له مكاناً عليّاً، ومنزلة مشهورة معلومة، فقد نهض بمهمته جديراً، وأدّى المرتجى منه على أحسن مايكون. فقوّم من الشعر ما يتطلب تقويماً.. وشاد مع معاصريه للشعر بناءً ملحوظاً في زمانٍ عزّت فيه الوسائل، وأعوزت الآلات.
أما عن القيمة المعرفية لكتاباته في هذا المجال فإنّ ما استجدّ من نظريّات نقديّة،وما توالى من مناهج يتوسّل بها النقاد في التحليل والتأويل، في التقويم والتقييم يجعل من كتابات الأستاذ الشيخ أثراً يقرأ ليقوّم في ذاته، لا على أنه مادة صالحة للتواصل والاستمرار.
الحواشي:
1. في ذكرى (البار) مخطوط ص 1.
2. الطليعة عدد 47 ص 3
3. الطليعة عدد 61 ص 2.
4. الجنوب العربي عدد 33 ص9.
5. ن.م.س.
6. ن.م.س.
7. الجنوب العربي عدد 34 ص 13.
8. في ذكرى (البار) مخطوط ص 1.
9. ن.م.س.
10. ن.م.س. ص 8
11. ن.م.س.
12. الطليعة عدد 77ص 7.
13. ن.م.س.
14. الرائد عدد 11 ص4.
15. الطليعة عدد 49 ص3.
16. الرائد عدد 105ص 5.
17. الرائد عدد 150ص 3.
18. ن.م.س ص8.
19. ن.م.س.
20. في ذكرى (البار) مخطوط ص 2.
21. الطليعة عدد 49 ص 2.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.