تعد المشغولات الفضية إحدى أهم الحرف اليدوية التي اشتهرت بها اليمن عبر مئات السنين وقد أثبتت الحفريات الأثرية والعلمية على وجود مشغولات فضية تعود إلى عصر الحضارات القديمة كالحضارة السبئية ، أما في التاريخ الإسلامي فهي موثقة بكتاب “ الجوهرتين العتيقتين لعلامة اليمن الحسن بن أحمد الهمداني “ والذي أوضح صناعة الذهب والفضة في اليمن وخاماته وأماكن تواجدها وهو كتاب متخصص يعتبر من أهم المصادر العلمية لهذه الصناعة في اليمن منذ أكثر من ألف عام.. وفي جولة ميدانية في سوق الملح بالعاصمة اليمنية قابلنا بعض ممن يعملون في مجال المشغولات الفضية وخرجنا بالاستطلاع التالي: بداية يقول الصائغ عبد الله الحبابي: المشغولات الفضية منتشرة في عدد من المناطق اليمنية وتعتبر من اهم الصناعات الحرفية التي تجاهد من اجل البقاء ومنها صناعة القلائد والأساور والخواتم والحلي والسيوف والجنابي والخناجر والبنادق العربية والأخشاب والصناديق والفوانيس وأباريق القهوة والمباخر المشكلة والمزخرفة بالفضة. (ماريا تريزا) ويضيف لموقع الاقتصاد اليمني: إن المشغولات الفضية في بلادنا اكتسبت أهميةً كبيرة لارتباطها بالعملة الفضية التي كانت تعرف باسم (ماريا تريزا) التي كانت متداولة أيام حكم الأئمة ، وكذلك زينة للنساء (المهر) اثناء الزواج ونعرف جميعاً أنه حتى فترة قريبة كان مهر النساء في اليمن من الحلي الفضية وعرفت حرفة الحلي والإكسسوارات الخاصة بالمرأة منذ ملكة اليمن (بلقيس) إذ كانت من أكثر نساء العالم اهتماماً بالحلي والمجوهرات والأحجار الكريمة . ويقول خبير الفضة داود موسى: أن مهنة صناعة الحلي والفضيات هي مهنة متوارثة أباً عن جد وقد كان هناك حرفيين يهود يقومون بالعمل بهذه المهنة ،واشتهرت انواع من الفضة باسم الأسر التي تعمل في صناعتها لكن للأسف حالياً بدلأت تدخل الى السوق فضيات مستوردة تشوه الفضة المحلية الصنع. ويضيف موسى هناك أيضاً الفضة الزيدية التي اشتهر بها الصاغة في مدينة الزيدية في محافظة الحديدة ويتميز باعتماد الزخارف النباتية في الصياغة واعتماد ..الوحدات الزخرفة الإسلامية وقد اشتهرت بصناعة السيوف والخشب المزينة بالفضة ونوع آخر يسمى الفضة الأكوعية نسبة إلى صاغة مشهورين من أسرة الأكوع تخصصوا في صياغة أغمدة الخناجر والجنابي أشهر الأنواع يقول علي الصيقل صاحب محل بجوار سمسرة النحاس في صنعاء القديمة عن أشهر أنواع الفضة جودة في اليمن : هي الفضة البوسانية وتأتي الفضة البديحية في المرتبة الثانية والفضة المنصوري في المرتبة الثالثة ، وتحتل المرتبة الرابعة الأكوعي ، والخامسة الصناعة الزيدية وهذه الصناعة اشتهر بها اليمنيون منذ القدم . بمَ تتميز أعمال الحرفي في هذا المجال؟ الصيقل : تتميز الأعمال هنا بظهور لفظ الجلالة وأسماء الرسول والآيات القرآنية حيث استخدم الحرفيون اليمنيون أسلوب الطرق في صياغتهم للحلي والنفائس الفضية أما أعمال اليهود فكانت تشتهر بما يسمى (شغل الفتلة) وفي الوقت الحاضر أصبح الحرفيون يصيغون الروائع الفضية طبق الأصل من تلك الروائع التي كان يصنعها الحرفيون اليمنيون الأوائل. اقتناء الفضة اما مفيد السريحي – صاحب محل بسمسرة النحاس فيحدثنا أولاً عن حجم الاقبالعلى اقتناء هذه المشغولات فيقول : أن الإقبال على اقتناء الفضة يتركز على السياح الأجانب والعرب وبالذات مشغول الفضة القديم والنادر كالقلائد السيوف والخناجر القديمة ، والعقيق والخواتم والقلائد والبدلات الفضية المطعمة بحبات اللؤلؤ والمرجان وأما الإقبال اليمني فهو محدود جداً ويتمثل في شراء الخواتم المشكلة بالعقيق والمزخرفة بأشكال هندسية رائعة الجمال كما أن المغتربين اليمنيين يقومون بشراء هذه المشغولات لتزيين بيوتهم للتمسك بالقديم وبمعاني الأصالة . الاسواق وعن أشهر أسواق الفضة في اليمن يقول: أهم الأسواق أسواق صنعاء (سوق الملح، وسوق النظارة ، وسمسرة النحاس) وسوق الزيدية بتهامة وأسواق منتشرة في مدينة ثلاء ، وتعز، والمحويت ، وعمران ، ويريم وغيرها من الأسواق اليمنية المشهورة بهذه الصناعة . أما عن تشكل القطع الفضية فيؤكد السريحي: القطع الفضية تصاغ على أشكال جمالية وهندسية .. وهناك الفوانيس في سوق صنعاء المطرزة بالفضة والأباريق الخاصة بالقهوة والمباخر المشكلة على شكل غزلان وثعابين. أما أشهر مسميات المصنوعات الفضية في اليمن فيؤكد السريحي : المصنوعات الفضية أهمها “الختم” التي تستخدم لتزيين الصدر والمحافظ التي تستخدم لحفظ المال والقطع الثمينة من الذهب والمكاحل وهي نوعان للرجال والنساء وتستخدم لحفظ كحل العيون وهناك “العنابش” وهي عبارة عن سلوس مكونة من فضة ومرجان تتزين بها المرأة الرقة “ وهي عبارة عن مصنوعة فضية مع الكرب تزين بها المرأة صدرها” ثم المعصب ويتكون من عصابة الرأس إلى جانب (البليزق) وهي الأساور و (المشاقر) أي أخراص الأذن والحروز وهي عبارة عن مصنوعة فضية تحفظ فيها آيات القرآن الكريم التي تحرس الإنسان من الشر والعين وغير ذلك وتنقسم إلى نوعين نوع للرجال وآخر للنساء ، أما الكروك فهو نوع من الصناعات الفضية التي تلبس في العضد أما الخلاخل فتلبسها النساء في بلادنا على كعوب أرجلهن والحلية (السكين) تلبس خلف العسيب في مناطق تهامة والمناطق الساحلية اليمنية خلف الجلب التي عادة ما يلبسها المسنون وهي عبارة عن عسيب معكوف على شكل زاوية قائمة ، أما المخانق فهي حلية فضية تلبسها المرأة حول عنقها. وأخيراً تؤكد الإدارة العامة للحرف والمشغولات اليدوية بأن أي سائح يأتي لليمن لا بد أن يتضمن برنامجه زيارة لمدينة صنعاء القديمة الشهيرة بصناعة هذه المشغولات ليعيش متعة التسوق الحقيقي في سوق الملح. ويأمل الحرفيون هنا ان تحظى أعمالهم بالدعم والرعاية والاهتمام من قبل كل المعنيين سواءً في الدولة أو في المجالس المحلية أو في كل من يهتم بهذه المهنة العظيمة ، وأن تخضع لدراسات وبرامج علمية هادفة تسعى في المقام الأول إلى الحفاظ عليها من الانقراض .