تزخر بلادنا بتاريخ عظيم في صناعة الحلي والفضيات كرمز من رموز القوة والعظمة والثراء في عصور الحضارات اليمنية القديمة كحضارة سبأ وحمير وقتبان وأوسان وحضرموت ، واحتلت بلادنا مكانة عظيمة عن طريق هذه المشغولات أو عن طريق الحرير والفضة والبخور والأحجار الكريمة وكانت تصدرها إلى مختلف أرجاء العالم . لعل إبداع اليمنيين في هذه الصناعة أظهرت صناعات عديدة للفضة كالصناعة البوسانية والبديحية والزيدية والمنصورية والأكوعية لدلالة على الرقي الإنساني والاجتماعي الذي وصلوا إليه حيث استخدم الحرفيون اليمنيون أسلوب في صياغتهم للحلي والنفائس الفضية بنقشات وأشكال جميلة وبديعة . إن المشغولات الفضية في بلادنا اكتسبت أهميةً كبيرة لارتباطها بالعملة الفرانصي (ماريا تريزا) التي كانت متداولة أيام حكم الأئمة ، وكذلك زينة للنساء (المهر) ونعرف جميعاً أنه حتى فترة قريبة كان مهر النساء في اليمن من الحلي الفضية وعرفت حرفة الحلي والإكسسوارات الخاصة بالمرأة منذ ملكة اليمن (بلقيس) إذ كانت من أكثر ملكات العالم اهتماماً بالحلي والمجوهرات والأحجار الكريمة ، وكما أن وصية السيدة أروى بنت أحمد الصليحي التي ذكرت تفصيلاً للحلي التي كانت تمتلكها مع وصف دقيق لكل قطعة منها. ويوضح الأخ/ علي محمد السيقل – صاحب محل في صنعاء القديمة بأن مهنة صناعة الحلي والفضيات هي مهنة متوارثة أباً عن جد وقد كان هناك حرفيين يهود يقومون بالعمل بهذه المهنة ، فالفضة البوسانية ترجع إلى الصانع يحيى البوساني الذي برع في تشكيلها على شكل أسلاك فضية دقيقة في وحدات زخرفية هندسية بديعة ، والفضة البديحية هي تعمل بطريقة الصب كما أن الفضة الزيدية التي اشتهرت بها مدينة الزيدية بمحافظة الحديدة التي تعتمد الزخارف النباتية والزخرفة الإسلامية ، واسم الجلالة وأسماء الرسول والآيات القرآنية. تحف نادرة هناك تنوع كبير في الأشكال والزخارف الهندسية والتطعيم بالجواهر المختلفة التي تجعلها تحف نادرة ونلاحظ جمالية كبيرة فيها سواء من حيث تنوع الزخارف فيها أو دقة الصنع والتشكيل ولعل ما تتميز به بلادنا هي عمليات التغليف والتكفيت للأسلحة البيضاء مثل السيوف والخناجر وخاصة الجنابي ، كما أن الصورة الجمالية لها تكمن في الشغل اليدوي فهو إبداع في حد ذاته وبالممارسة نجد حرفيي هذه المهنة ينتجون زخارف وأشكالاً جديدة وبديعة الشكل والمضمون وتكون بدقة وتطور أفضل. إبداع متجدد هناك صناعة جديدة وإبداعات جديدة والمتمثلة في صناعة الخواتم والقلائد المطرزة بالعقيق اليماني الشهير والذي يعتبر مادةً غنية توجد بكثرة في بلادنا وتستخرج من جبال آنس فالأشكال العقيقية التي تحمل أسراراً ومعاني جمالية تعبر عن سيمفونية من الألوان الجذابة. وكل ذلك يعتبر إبداعات لصناعة رائعة جادت بها أرضنا اليمنية الطيبة وأنامل أيادي أبناءها ، فالمرأة اليمنية لم تترك مكاناً في جسمها إلا وزينته ابتداءً من رأسها وذراعيها ورقبتها وصدرها وخصرها وقدميها ، فهناك الأساور (البليزقات) وأخراص الأذن (المشاقر) والقلائد (المخانق والدقق) التي تلبسها المرأة حول عنقها ، والثوم الفضية والحروز والعصبة والشميلات (الحداود) والحجول وعقد الكهرب والجدايل وأحزمة الفضة والكروك والخلاخل والحلية (السكين) كل تلك تظهر دقة ورعة التصميم والتشكيل والزخرفة التي يقوم بها حرفيو هذه المهنة . اقتناء وأسواق تعتبر الحلي والمشغولات الفضية مؤشراً هاماً على تطور الإنسان وعاداته وتقاليده وثقافته وأن انتشار أي نوع من أنواعها تعكس بوضوح عادات المجتمع وتقاليده فهي وسيلة تجميلية لإظهار الثراء والمباهاة ووسيلة من وسائل الاحتفاظ بالمال كما أنها تشير إلى بعض المعتقدات الدينية فهي وسيلة يجب أن يقتنيها كل أبناء هذا الوطن. ويقول الأخ/ معين اليريمي – صاحب محل بسمسرة النحاس – أن الإقبال على اقتناء الحلي والفضيات يتركز بشكل أساسي على السياح الأجانب وبالذات مشغول الفضة القديم والنادر كالقلائد السيوف والحناجر القديمة ، كما أن هناك إقبال محدود من السياح العرب وتكون محصورة عادةً بين العقيق والخواتم والقلائد والبدلات الفضية المطعمة بحبات اللؤلؤ والمرجان وأما الإقبال اليمني فهو محدود جداً ويتمثل في شراء الخواتم المشكلة بالعقيق والمزخرفة بأشكال هندسية رائعة الجمال كما أن المغتربين اليمنيين هم من يقومون بشراء هذه المشغولات لتزيين بيوتهم بحكم تعاملهم مع الدول التي اغتربوا فيها. أما الأسواق المتعارف عليها حالياً فهي أسواق صنعاء (سوق الملح، وسوق النظارة ، وسمسرة النحاس) وسوق الزيدية بتهامة وأسواق عدة في مدينة ثلاء ، وتعز، والمحويت ، وعمران ، ويريم وغيرها من الأسواق اليمنية . ترويج سياحي لا شك أن الحلي والمشغولات الفضية مما تستهوي السائح وخاصة من النساء أن أي سائح يأتي لبلادنا لا بد أن يتضمن برنامجه زيارة لمدينة صنعاء القديمة الشهيرة بصناعة هذه المشغولات للاستمتاع برؤية فن العمارة اليمنية من خلال تجواله في حارات وأزقة صنعاء القديمة وهو بذلك يشبع رغبته في الإطلاع على فن العمارة ، كما أنه لا بد وأن يزور سوق الملح ليعيش متعة التسوق الحقيقي فيه وتبقى الحرف التقليدية اليمنية هي شغله الشاغل ولعل من أهمها الحلي والمشغولات الفضية .