ما معنى أن يكون أحدنا فاشلاً؟ وهل يجب أن يكون الفشل كابتاً وقاتلاً لطموحاتنا وأحلامنا أم إنه يجب أن يكون دافعاً وحافزاً لتحقيق تلك الأمنيات والأحلام ؟ إن الفشل لم يوجده الله سبحانه وتعالى في الدنيا عبثاً ، فكما أوجد سبحانه الشر أوجد الخير حتى يعرف الأخير بالأول، وحتى يعرف الحق بالباطل ، فكذلك النجاح لا يمكن أن يتعرف عليه الناجحون دون أن يتشبعوا بطعم الفشل المرير، حيث يمثل لهم هذا الطعم الصعب زاداً يوصلهم إلى مراتب التتويج وهامات التفوق. وعليه ...هل يمكن لنا أن نحزن إذا ما فشل أحدنا، أو حال بينه وبين الوصول إلى هدفه عائق ما ؟ إن الفشل ليس آخر الطريق وليس نهاية الكون ، فكثيراً ما نقرأ ونتصفح سير الناجحين وحياة العباقرة الذين كانوا ينظرون لحالات فشلهم وانتكاساتهم المتكررة طرقاً وجسوراً توصلهم إلى مرادهم . فهذا توماس أديسون الذي أضاء العالم بمصباحه لم يلامس قمة نجاحه إلا بعد أن عاقر مئات التجارب الفاشلة والتي لم يكن ينظر لها يوماً بتلك النظرة السوداوية التي نصف بها تجاربنا اليوم ، لقد قال عندما سئل عن جهوده في طريق بحثه نحو النور إنه لم يفشل في مئات التجارب وإنما تعرف على مئات الطرق التي لا يضيء بها المصباح الكهربائي، وتجربته رقم 1000 هي التي أهدت النور إلى الإنسانية !. كم نحن بحاجة ماسة إلى مثل تلك النظرة الإيجابية في كل مجالات حياتنا حتى نستطيع أن نواصل مشوارنا نحو التفوق والسمو ، فلا يمكن للإنجاز أن يتحقق دون أن تتناهشنا المعوقات والصعوبات وتزرع في طريقنا ألف شوكة وشوكة، ولعل أجمل ما قيل في موضوع كهذا أن الفاشل حين يستسلم لم يكن يدرك كم كان قريباً جداً من النجاح. وأنوار الشموس لا تأذن بالميلاد إلا بعد الظلمة الحالكة الأشد سواداً، فالعوائق أياً كان نوعها ما هي إلا حوافز تُزرع في طريقنا حتى نعلم كم نحن نستحق النجاح ، فمن غير المعقول أن ينجح الناجحون دون أن ينتصروا على مرارة الفشل ويصبحوا الاجدر والأحق بنيل النصر والتفوق. فلنلتفت إلى من حولنا ولنر كل الناجحين ثم لنتساءل...هل وصل كل منهم إلى ما وصل إليه دون أن يكون قد مر بكل أصناف البلاء والفشل ، لا يمكن لناجح أن يُستثنى من سنة إلهية كهذه، فالفشل ضرورة تقود للأماني وتعمل على تمتين القدرات وتقويتها لنستمر في تميزنا. وشخصياً أرى بأن الفشل ضروري لكل إنسان، وإن لم يتذوق الناس الفشل فلا يمكن لهم بحال أن يتذوقوا طعم النجاح اللذيذ ، وإلا فلماذا ابتلي أنبياء الله وهم خير خلقه ، وتعرضوا للسخرية والفشل أحياناً في دعوة الأقوام ، والهزيمة في المعارك والحروب إلا من أجل أن يمكّن لهم في الأرض ويكونوا قد مروا بضروريات التمحيص والاختبار الإلهي، ولن أبالغ إن طلبت أن نسقط ذات المعنى على أعمالنا وجهودنا في أي مجال كان ، لنعلم أن الفشل هو قوة نكتسبها وسند يرافقنا في كل مراحل حياتنا ولن ينتهي مشواره معنا أبداً حتى إن ظننا أننا قد أصبنا كبد النجاح، فلولا الفشل ما كان للنجاح معنى.