"قل لمن يحمل هماً إن همك لا يدوم.. مثلما تفنى السعادة هكذا تفنى الهموم".. ليس من هم يدوم في هذه الحياة فكما الليل وإن طال يعقبه نهار فالهموم أيضاً يعقبها دائماً فرج وسعادة مهما عظم الهم فهو إلى فناء. حقيقة علمتني إياها الحياة فجعلتني أتعامل مع الصعاب والشدائد بحكمة أكثر وبصبر أكثر.. وكما يقولون بالضد تُعرف الأشياء.. فلولا لحظات الضيق التي تمر بنا ما عرفنا قيمة اللحظات الجميلة التي نصادفها في حياتنا. فالحياة ليست دائماً حلماً وردياً كما انها أيضاً ليست باستمرار كابوساً مزعجاً إنما هي خليط ما بين هذا وذاك.. فكل ما يمر بنا من تجارب حتى وإن كانت قاسية ومؤلمة في حد ذاتها لها جانب مشرق وإيجابي يتمثل فيما نكتسبه منها من خبرات وما تضيفه إلينا من مهارات في التعامل مع الحياة.. والهموم لا تهزم الإنسان كما يظن البعض ولكن الإنسان هو من يهزم نفسه بنفسه حين يستسلم لها ويغرق نفسه فيها بإرادته. وقد علمتني الحياة أن لا أجعل الهموم والآحزان تسيطر علي مهما تعاظمت ومهما كثرت.. بل أحاول دائماً أن أتلمس بصيصاً من نور وأن أتشبث بخيط من أمل في غد أفضل.. ودائماً حينما أمر بموقف مؤلم أتذكر كم من المواقف المؤلمة التي مرت من قبله وزالت وفنيت حتى لم يعد لها أي وجود ولم تترك في النفس أي أثر.. مما يمنحني القدرة على التغلب على أية لحظة ضيق أو هم تلم بي من آن لآخر.. نعم نحن بشر تنتابنا مشاعر الحزن أحياناً كما تغمرنا مشاعر الفرح.. ولكننا أيضاً قادرون على أن نتغلب على أي مشاعر سلبية وأن نعزز المشاعر الإيجابية في نفوسنا متى ما أردنا ذلك. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".. والقوي بحق هو الذي يصمد أمام الهموم والآلام ويقهرها إيماناً منه بقول الله تعالى: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".. نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نفرح وكيف نستمتع بالحياة من حولنا. كيف نحيل أحزاننا إلى طاقة إيجابية تدفعنا دوماً إلى الأمام.. نحن بحاجة إلى أن نعي أن النفس القادرة على الحب والتسامح هي النفس القادرة على هزيمة الأحزان والهموم.. فالحب يطهر النفس البشرية من كل ما يلم بها من ضغائن وكل ما يعلق بها من شوائب. والنفس المحبة هي نفس سعيدة حتى في أحلك المواقف.. نفس راضية لا تسمح للسخط أو التبرم بالسيطرة عليها والتحكم فيها.. إن الحب هو القوة القاهرة لكل هموم الدنيا وأحزانها.. فالنفس المحبة هي نفس قادرة على العطاء والبذل.. وهي نفس تضفي معاني الجمال على كل ما يحيط بها في الكون. نفس قادرة على انتزاع الألم من نفوس الآخرين وعلى مد يد العون لهم ومساعدتهم في تفريج همومهم وكرباتهم لأنها نفس متشبعة بالخير.. وما أحوجنا جميعاً في هذا الزمان المليء بالصراعات والحروب أن نحب وأن نعزز قيمة الحب في نفوسنا.. وأن نقهر بالحب كل همومنا وأحزاننا.